اسرائيل معرضة لخطر احتلال سياسي داخلي

 

بقلم: أري شبيط
 

إن سيرة لبيد – بينيت هي سيرة فوز – فوز – خسارة. والفوز الأكبر هو فوز نفتالي بينيت فقد فرض زعيم المستوطنين الجدد باتصاله بيئير لبيد نفسه على بنيامين نتنياهو، وحظي بالشرعية وأفرغ الوسط الاسرائيلي من المضمون. وأما الفوز الأصغر فهو فوز يئير لبيد لأن زعيم البرجوازيين الجدد قد أصبح باتصاله ببينيت أكبر معاد للحريديين، يسير خلفه كل معادي الحريديين من كل أطراف الطيف. لكن الخسارة هي خسارة دولة اسرائيل لأن كتلة المستقبل اليهودي تجعل اسرائيل تضيع فرصة لمواجهة مشكلة الاستيطان. إن الحلف بين لبيد وبينيت يزيد في خطر ان تهزم اسرائيل المستوطنة اسرائيل ذات السيادة بصورة نهائية.
إن الفرصة هي فرصة في ثلاثة صعد. سياسي خارجي – على أثر انتخاب براك اوباما من جديد، يعلم نتنياهو انه يجب عليه ان يتحول الى الوسط وان يعرض على العالم مبادرة سياسية ما. وتقوم المبادرة التي يتم الحديث عنها على تجميد البناء في المستوطنات المعزولة خارج كتل الاستيطان الكبيرة.
وسياسي داخلي- واثر الهزيمة في الانتخابات أصبح الليكود يدرك ان المستوطنين يسيطرون عليه من الداخل ويضربونه من الخارج وينكلون به. ولما كان الأمر كذلك فانه قد انحل الرباط الذي كان يربط اليمين المعتدل باليمين المتطرف. ويوجد في الحزب الحاكم كثيرون مستعدون نفسيا لأن يثوروا على استبداد الاستيطان.
وشخصي – فالعلاقات العكرة بين الزوجين نتنياهو والزوجين بينيت – اييلت شكيد تجعل رئيس الوزراء الخارج يكون سعيدا لو انشأ حكومة ليس فيها بيت يهودي. إن تآلفا بين السياسي (الداخلي والخارجي) والشخصي نادرا يفضي الى انه قد أصبح للوسط الصهيوني في سنة 2013 صلة لقطع الرباط الوثيق بين الحزب الحاكم و «يهودا والسامرة».
إن الخطر هو خطر ذو ثلاثة أبعاد. فاسرائيل اليوم معرضة لخطر الاحتلال؛ فبعد ان احتل المستوطنون «يهودا» واحتلوا «السامرة» قد يحتلون القدس الآن. والاحتلال في أحد أبعاده هو احتلال سياسي (داخلي). وقد انشأ المستوطنون بدخولهم الى الليكود وانشائهم حزب مستوطنين قويا، انشأوا قوة حزبية لم يسبق لها مثيل تستعبد مصالح الدولة اليهودية الشرعية لمصلحة الاستيطان اليهودي غير الشرعي.
والاحتلال الجديد في البعد الثاني ذو علاقة بالوعي. فقد جعل المستوطنون بنجاحهم في إحداث انطباع ان المستوطنات حقيقة واقعة، جعلوا كثيرين من النخبة الاسرائيلية يؤمنون بأنه لا يمكن تغيير الواقع المعوج الذي نشأ في «يهودا والسامرة». والاحتلال الجديد في البعد الثالث جيلي. فالمستوطنون باعمائهم عيون كثير من الشباب، جعلوهم يشعرون بأن المستوطنين اخوة وبأن مشروع الاستيطان ما بعد الصهيوني هو جزء لا ينفصل عن الصهيونية. والتأليف بين المسارات السياسية الداخلية والنفسية والمادية تجعل المستوطنين بعد 45 سنة من استيطان فندق «بارك» في الخليل، تجعلهم قد يسيطرون على دولة اسرائيل بصورة لا عودة عنها.
وضعت الفرصة والخطر ايضا على باب اربعة اشخاص وهم لبيد وشيلي يحيموفيتش وتسيبي ليفني وشاؤول موفاز. وكان هؤلاء الأربعة يستطيعون باسم الـ 42 عضو كنيست الذين يمثلونهم ان يعرضوا على نتنياهو عرضا ما كان يمكنه ان يرفضه وهو إما ان يتبنى تقسيم البلاد وإما أن يذوي؛ وأن يقولوا له أدر ظهرك للمستوطنين أو أنه طريقك السياسي. لكن ثلاثة من الأربعة رفضوا فعل المفهوم من تلقاء نفسه. فدفعوا قدما ببرامج عملهم الشخصية من غير ان يواجهوا الخطر المحسوس ومن غير ان يستغلوا الفرصة التي هي لمرة واحدة. وقد خدموا بينيت لأنهم لم ينشئوا جبهة تردع بينيت ولأنهم لم يضعوا على مائدة نتنياهو المسدس الصحيح منحوه الدعم. ويضاف الآن الى الأخطاء التاريخية التي صنعها يغئال ألون في الخليل واسحق رابين في سبسطية الخطأ المشترك بين لبيد ويحيموفيتش وموفاز. فقادة احزاب الوسط يسلمون الآن السيطرة على اسرائيل الى اليمين – اليمين، بأيديهم.

هآرتس