من الذي يشجع انتفاضة ثالثة؟

 

بقلم: رون برايمن

حتى لو لم يوجد يقين ان الولايات المتحدة ستعمل بكامل قوتها على حل القنبلة الذرية الايرانية، فان أعظم انجاز لبنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الخارج والداخل، في فترة ولايته الثانية كان أنه وضع الخطر الايراني في برنامج عمل الرئيس اوباما، وعمل بقدر أقل من ذلك على جعل الزعماء الساذجين/ المنافقين في اوروبا يفهمونه. وبرغم هذا الانجاز عرض معارضو نتنياهو المغطون اعلاميا خطواته على أنها سياسة تخويف.

تتعرض اسرائيل في هذه الايام لتخويف من نوع جديد لأن قطيع الاعلام والمحللين من طرف واحد يهددون اسرائيل بأنها اذا لم تتكمش أمام إملاءات أبو مازن وأنصاره في الداخل (ليفني) والخارج (اوباما) فقد تواجه انتفاضة ثالثة. أو بعبارة اخرى انه الخضوع لابتزاز أزعر، فاما حل الدولتين وإما انتفاضة.

إن هذا السلوك الاعلامي خطأ من جهة الاصطلاح وخطر بصورة عملية. فلا يوجد أي داع لأن تستعمل وسائل الاعلام العبرية المصطلح العربي «انتفاضة» كي تهدد اليهود به لأن عددا يزداد من الاسرائيليين أخذوا يستعملون مصطلح «حرب اوسلو» لتعريف الانتفاضة الثانية وللربط بينها وبين ما أحدثها وهو «سلام» اوسلو الذي أفضى اليها على نحو متوقع مسبقا. واليكم هذا الكشف الحسن: ان الموقع أدناه ذو حق في إبداع هذا التعريف الذي عُرض أول مرة في مقالات تحليلية في «مكور ريشون» (مصدر أول) («استعدوا لحرب اوسلو» 17/7/1998 و»حرب اسمها اوسلو» 3/9/1999) – أي قبل ان تنشب الحرب بالفعل. واسعمال المصطلح العربي يرمي الى اخفاء الصلة بين النتيجة والسبب وحماية محدثي خطوة الحماقة التي بدأت في اوسلو 1993.

إن هذا السلوك الاعلامي خطأ ايضا من جهة عملية وقد يتبين انه نبوءة تحقق نفسها. اذا كان يوجد حقا خوف حقيقي من عنف مجدد من قبل السلطة الفلسطينية فيجب ان يكون الرد الاسرائيلي رادعا لا ضعف فيه وحازما غير لين. إن جعل ليفني على رأس فريق التفاوض رسالة في الاتجاه العكسي وقد يؤجج طلبات «تفضلات» على القائمين في رام الله. ان زيارة اوباما في مرحلة مبكرة جدا من ولايته الثانية والضغوط المتوقعة منه قبل ان تستقر حكومة اسرائيل الجديدة وقبل ان يستخلص الرئيس الاميركي الدروس من رحلته الفاشلة الى هذه المنطقة في بداية ولايته الاولى، قد تجعل مطالب مُنكر المحرقة «الضعيف» متشددة.

ان حقيقة انه لا يمر يوم في الاسبوع الاخير دون لقاءات صحفية مع ممثلي العدو في القنوات المختلفة من الاعلام الاسرائيلي وفيها «الرسمية»، محيرة اذا لم نشأ المبالغة. فهل يخطر بالبال ان تستضيف قاعات اذاعة الـ «بي.بي.سي» وتجري لقاءات صحفية مع عناصر من حكومة المانيا النازية تمكنهم من التوجه الى مواطني بريطانيا من فوق رأس الحكومة في لندن وتهديدهم بـ «انتفاضة»؟!

ليس من الفضول ان نذكر في هذا السياق ايضا وجها آخر من سلوك قطيع الاعلام وهو خيبة الأمل لأن أفلاما معادية لاسرائيل لم تحصل على جائزة الاوسكار. إن الاعلام الاسرائيلي يدعي في الحقيقة تمثيل الرأي العام لكن يحق لنا ان نشك في ذلك على الأقل. ينبغي ان نفترض ان كثيرين جدا من مواطني اسرائيل شعروا بارتياح حينما جنبوا المهرجان الاعلامي الذي يتناول فوز أفلام «اسرائيلية» بالجائزة.

 

اسرائيل اليوم