حسن شاطري.. "اخطبوط" إيران في لبنان وسورية

 

بقلم: أساف جبور

في اللغة الفارسية تعني كلمة "نويس" شخصاً يسيطر على عدة مجالات. هذا هو اللقب الذي أُلصق بالجنرال، حسن شاطري، حيث يتبين أنه كان يتناسب ومناصبه ومؤهلاته العديدة. كل هذا لم يساعده في أن ينجو من الاغتيال الذي تعرض له، الاسبوع الماضي، في كمين أعد له على طريق بيروت – دمشق.

حسام خوش نويس، هو حسن شاطري، الذي كان ابن 58 وأبا لاربعة عند اغتياله. ولد في البلدة الصغيرة سمانان، بين طهران ومشهد، عاصمة اقليم خورسان والمدينة الثانية في حجمها في ايران. وبدأ حياته العسكرية في حرب إيران – العراق التي استمرت ثماني سنوات. في العراق قاتل في الوحدات الخاصة للحرس الثوري الايراني، وكان يعتبر مقاتلا متفوقا، وبعد ذلك أصبح ضابطا مميزا. وقد أعجب قادته الذين رفعوه بسرعة. وبعد الحرب انضم الى قوة القدس التابعة للحرس الثوري والمسؤولة عن العمليات الخاصة خارج ايران. وفي العام 2001، بعد سقوط نظام "طالبان" في أفغانستان المجاورة، أرسل شاطري الى هناك كي يكون مسؤولا عن المصالح الايرانية وقاعدة القوات العسكرية في الدولة. وفي العام 2006 ارسل الى لبنان وساعد في اعادة ترميم الاضرار التي خلفها الجيش الاسرائيلي هناك في أعقاب حرب لبنان الثانية.

اقام شاطري 600 وحدة سكن للاجئين اللبنانيين الذين دمرت منازلهم أثناء الحرب، ولكن رغم محاولة الايرانيين عرضه كرجل مهني في مجال الهندسة والبناء، الا انه كان عمليا نشيطا جدا في اعادة بناء قدرات المنظمة الشيعية العسكرية.

تصفية عماد مغنية، رئيس أركان "حزب الله"، الذي كان مسؤولا عن العلاقات بين ايران والمنظمة في العام 2008، وسع فقط صلاحيات شاطري الذي عمل كقائد لقوات الحرس الثوري الايراني في لبنان. وهذه حقيقة وجدت تأكيدها بعد موته عندما شبهه رجل الدين، علي رضا بنهيان، بمغنية وقال امام تابوته قبل دفنه في إيران إن "الكثير من أفعاله ستبقى خفية إلى الأبد".

تلقى 200 مليون دولار

د. علي نوري زاده، مدير مركز البحوث الايرانية العربية في لندن الذي بحث في دور شاطري، وصفه بانه "القائد الأكبر في قوة القدس في الحرس الثوري الايراني". واشار الى أن شاطري تلقى 200 مليون دولار في السنة من ايران لاعادة ترميم لبنان بعد الحرب. وقد وزع هذا المبلغ بحكمة بين الاغراض العملياتية والسياسية لـ "حزب الله" في لبنان. فقد رشا أعضاء برلمان، صحافيين، وشخصيات عامة في لبنان، ما أدى الى تقدم "حزب الله" على المستوى السياسي، وبالتوازي أعاد بناء القوة العسكرية ورمم القدرات الصاروخية ومنظومة الدفاع الجوي لـ "حزب الله"، وبعد ذلك نسق نقل السلاح من سورية الى "حزب الله" في لبنان.

فتشت غير قليل من الجهات عن رأس شاطري. وقد انكشف نشاطه أيضا للولايات المتحدة التي أدخلته في العام 2010 الى قائمة المسؤولين الايرانيين الذين قدموا مساعدات مالية وعملياتية لمنظمة حزب الله. كما ورد اسمه ايضا بين المشبوهين بالمشاركة والتخطيط لتصفية من كان يعتبر رئيس الوزراء ذا النهج العملي في لبنان، رفيق الحريري، في العام 2005. وبقدر ما تقدم التحقيق الدولي الذي كان ينبغي أن يقرر من يقف خلف التصفية فان الطوق حول رقاب محافل في "حزب الله" وايران اشتد.

واتخذ شاطري خطوة ساعدت على ادخال محافل عديدة في الحرس الثوري الى سورية ولبنان. فقد تبنى اسما ثانيا، حيث أسمى نفسه حسام خوش نويس، وهكذا اتيحت له حركة حرة الى سورية ايضا. ومع بداية الحرب بين الثوار وقوات الاسد عمل شاطري أو نويس عمليا كرئيس منسق للاعمال بين القوات الايرانية والقوات السورية.

اختطاف المقاتلين وتصويرهم

وافادت وسائل الاعلام الايرانية بان شاطري، الذي كان مسؤولا عن اعادة بناء لبنان، سافر من بيروت الى دمشق لعقد لقاء. وحسب تقارير اخرى وصل في طائرة مباشرة الى دمشق من طهران وبعد ذلك سافر الى لبنان. ولم يتوسع الايرانيون في الحديث عن نشاطه في لبنان ولكن د. نوري زاده اشار الى ان شاطري كان مسؤولا عمليا عن التنسيق بين القوات في المثلث الذي يقاتل ضد الثوار في سورية: قوات "حزب الله" التي اجتازت الحدود من لبنان الى سورية كي تشارك في القتال، قوات الحرس الثوري الايراني المتواجدة في سورية، وقوات الرئيس بشار الاسد.

وكشف زاده النقاب عن أن شاطري اقام قوات ايرانية نظامية في سورية وصفها بانها "قوات البسيج" السورية، مثل الميليشيات المسلحة في ايران والتابعة للحرس الثوري. وتشكلت تلك في سورية من ضباط ايرانيين من الحرس الثوري ومن مقاتلين لبنانيين ينتمون الى "حزب الله" وعراقيين موالين للنظام في طهران. ودربت القوات قوات ايرانية وبعد ذلك انتشرت في احدى ضواحي دمشق، قاتلت الثوار على نظام الاسد بل وتكبدت خسائر اثناء المواجهات. واختطف 48 من مقاتلي القوة الخاصة التي اشرف عليها شاطري من قبل جماعات مسلحة صورتهم وصورت هوياتهم الايرانية للعالم لإثبات التدخل الايراني في الحرب في سورية. أما في طهران فقالوا ان الهويات التي عرضت مزيفة.

ويشير زاده الى أن هدف زيارة شاطري الى سورية كان لقاء قادة القوات الايرانية هناك وفحص وضعهم في أعقاب المواجهات المتعاظمة مع الجيش السوري الحر. وقبل بضعة ايام من تصفية شاطري كانت هناك تقارير عن شاحنات ذات لوحات تشخيص سورية سافرت داخل لبنان باتجاه معبر الحدود مع سورية. وكانت الشاحنات تنقل سولاراً كان مخصصا لقوات الاسد. واشار زاده الى أن شاطري مكث في لبنان ايضا كي ينسق عبور السلاح والسولار من لبنان الى سورية.