ليقترح اوباما تسوية جزئية

 

بقلم: يوسي بيلين 

إن خطأ صغيرا للرئيس اوباما قبل اربع سنوات رفع أبو مازن فوق شجرة عالية ومكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن يزعم انه مستعد لبدء تفاوض بلا شروط مسبقة في حين ان الرئيس الفلسطيني هو الذي يتهرب من المحادثات. وبدل ان يقرر الرئيس الاميركي ان المستوطنات تعارض سياسة الولايات المتحدة وانه من المناسب وقف البناء فيها زمن التفاوض، طلب وقف البناء شرطا لبدء التفاوض ولم ينجح ذلك. وبعد ذلك، حينما رجع عن ذلك كان الامر متأخرا جدا.

إن التوقع الضئيل من زيارة اوباما هو اصلاح ذلك الخطأ الذي سماه أحد أقرب الناس منه على مسامعي «خطأ هاوٍ». وهو الآن يستطيع – من جهة واحدة – ان يبين موقفه المفصل الذي يعارض بناء اسرائيليا في المناطق، والخطر الذي يحدثه على مستقبل اسرائيل باعتبارها دولة يهودية وديمقراطية الى جانب الاضرار بقدرة الفلسطينيين على انشاء دولة ذات بقاء في المناطق، وأن يبين من جهة اخرى ان عدم اجراء محادثات بين الطرفين لا يمنع بناءا كهذا بل انه بالعكس يمكن من استمراره. ولا يستطيع اوباما ان يبيح لنفسه ان يزور اسرائيل والسلطة وان يبقي الوضع الذي أحدثه في 2009 على حاله وهو الوقف المطلق للتفاوض السياسي.

لكن تجديد المحادثات غير كاف. فمن المهم ان يعرض الرئيس موقف الولايات المتحدة من الاتفاق الدائم في زيارتيه للكنيست ورام الله، وان يعرض على الطرفين اجراء تفاوض في تسوية جزئية في الطريق الى التسوية الدائمة (عن ادراك ان نتنياهو غير مستعد عقائديا لتقسيم شرقي القدس حتى في اطار اتفاق، أما عباس فلا يستطيع ان يمثل حماس وقطاع غزة). وسيجب عليه في المحادثات الضيقة التي سيجريها هنا ان يفحص بصورة أساسية مع الرجلين عن استعدادهما للتوصل فورا الى اجراء جزئي (دولة فلسطينية في حدود مؤقتة مثلا كما تقترح المرحلة الثانية من خريطة الطريق) وأن يقترح عليهما اجراء تفاوض هاديء بعيد عن أعين وسائل الاعلام برعاية اميركية للاتفاق سريعا على الحدود المؤقتة وعلى الترتيبات الامنية في الدولة الفلسطينية التي ستعترف بها اسرائيل، وحدود البناء وراء الخط الاخضر في المنطقة التي ستبقى تحت السيطرة الاسرائيلية.

ويستطيع اوباما ان يستغل زيارته للسعودية كي يفحص عن استعداد السعوديين لتحقيق بعض المبادرة العربية، بازاء تحقيق بعض الاتفاق الدائم الاسرائيلي الفلسطيني. فلو كانت الدول العربية مثلا مستعدة لأن ترسل الى اسرائيل مندوبين غير سفراء، كما فعل بعضها بعد اتفاق اوسلو، وان تعلن مسبقا انهم سيعادون الى بلدانهم إن لم يتوصل الطرفان بعد انتهاء المدة التي ستحدد للتوصل الى تسوية دائمة، الى اتفاق فسيكون ممكنا ايضا زيادة رغبة اسرائيل في التوصل الى اتفاق جزئي وزيادة الباعث على التوصل الى تسوية دائمة مع التوقيع عليها سترسل الدول العربية وأكثر الدول الاسلامية سفراءها الى القدس.

إن الكثير متعلق بزيارة اوباما القريبة. وحقيقة أنه امتنع عن زيارة اسرائيل في فترة ولايته الاولى تجعل هذه الزيارة النادرة ذات أهمية خاصة. ولن يساعد أي «خفض للتوقعات». من الواضح انه لن يجلب معه خطة سلام جديدة لكنه سيجلب تجديدا للمحادثات فورا وتحديد هدف جديد هو دولة فلسطينية في حدود مؤقتة بدل تسوية دائمة الآن، واشراك الجامعة العربية في هذه المسيرة يمكن ان يجعل الزيارة علامة طريق مهمة جدا للمسيرة السياسية في منطقتنا.