بمساعدة من خصومي

<p>بعد يوم من أداء القسم في الكنيست صار الحديث في الليكود هو أن لبيد يتراجع. هكذا فسروا العناق، التربيت على الكتف، المصافحة والابتسامات بين رئيس الحكومة وزعيم &quot;هناك مستقبل&quot;. وبدا سلوك لبيد لهم كمن خرج عن طوره للتلاطف مع رئيس الحكومة وإشارة إلى أن لبيد فهم أن عليه تليين مواقفه. لكن مخضرمين قالوا، ان لا صلة بين الشكل والمحتوى. فمسارعة لبيد لمصافحة نتنياهو لا تعني الاستجابة لمطالبه. وروى أحدهم أن لبيد همس له أنه تلذذ بمصافحة يد كل عضو كنيست حريدي. في نظره كان هذا نكاية، أنا هنا، سترونني.<br />
ويكذب من يقول لكم انه يعرف كيف ستبدو حكومة نتنياهو المقبلة. لا أحد يعرف، ولا حتى نتنياهو. وهو ليس فقط لا يعرف كم ومن سيكون الوزراء في حكومته، وإنما لا يعرف أيضا أي أحزاب ستنضم لائتلافه. أمس، يوم الخميس، عقد لقاء ثان بين نتنياهو ولبيد، وذلك بالإضافة للحوارات الرسمية الجارية.<br />
ولكن هذا لم يكن مفاجئا، حتى إذا تبين أنه فضلا عن المبعوثين الرسميين للبيد ونتنياهو هناك رجال ثقة آخرون يعملون للربط بينهما، مثل أرنون ملتشين مثلا، وهو صديق للاثنين.<br />
وقد بنيت في الأيام الأخيرة الكثير من سيناريوهات الحكومة: حكومة مع لبيد ومن دون الحريديم، حكومة مع لبيد ومع الحريديم ومن دون بينت، حكومة مع بينت والحريديم ومن دون لبيد. ولكن السيناريو الأخير لحكومة من دون لبيد ومع بينت، مع الحريديم ومع ليفني وموفاز، من دون شك هو الأكثر مفاجأة.<br />
والجلي هو أن بين نتنياهو وليفني تجري اتصالات من تحت الطاولة. يمكن أيضا التكهن بموعد بدئها. فور انتهاء الانتخابات، حينما غازل نتنياهو لبيد، تحدث في كل مكان عن ثلاثة أمور: مساواة الأعباء، تغيير أسلوب الانتخابات وحل الضائقة السكنية. وهي المواضيع الثلاثة في حملة لبيد الانتخابية. وبعد أسبوع تغيرت أقواله وبدأ فجأة الحديث عن الشأن السياسي.<br />
والأذكياء الذين لاحظوا هذا التغيير مقتنعون بأن هذا جرى لأن نتنياهو فهم أنه بحاجة لليفني. وهو بحاجة لها لأمرين: أيضا للتلويح للبيد أنه ليس ورقة التوت الوحيدة له، وايضا أنه يرى فيها خيارا. فما الفظيع في استقبال الرئيس الأميركي، وبيت على يمينه وليفني على يساره؟ ولماذا يضطر لتقييد نفسه بالشخص الذي يريد أن يكون رئيسا للحكومة، ويزعم أنه رئيس الحكومة المقبل وأنه لا يستبعد احتمال أن يكون زعيم المعارضة الذي سيسقطه خلال عام ونصف. فهذه الأمور مزيج فتاك حتى لشخص ليس مذعورا مرضيا مثل نتنياهو.</p>
<p><br />
ومن ناحية نتنياهو، ليفني باختصار تشكل خيارا. وهي خيار كاف للتراجع عن أقوال قالها في الحملة الانتخابية عبر وزرائه ومقربيه بأنها لن تنال أي دور سياسي في حكومته المقبلة. لقد قال كلاما، وليفني قالت كلاما، وهي وحزبها مضطران لقطع طريق أطول للتراجع. وعليكم التفكير في الرقمين الثاني والثالث عمرام متسناع وعمير بيرتس، اللذين قاما بكل هذه الاستدارة من حزب العمل حتى ليفني ليجدا نفسيهما في نهاية المطاف في حزب يمين حريدي.</p>
<p><br />
ولكن ليفني يائسة بما يكفي للانضمام إلى حكومة يمين. وهي تفهم ما لا يفهمه كل من ينتقدونها، وهو أن لديها خيارين فقط: إما العودة إلى بيتها والانسحاب تماما من الساحة، أو الجلوس في حكومة مع من يقرر نتنياهو أن يشاركهم. لا خيار آخر. ليفني فشلت كزعيمة معارضة مع 28 عضو كنيست، ولن تصمد في المعارضة مع ستة نواب ليسوا من ذوي الطابع المعارض. يمكن الاعتماد على نتنياهو أن يعد لها رزمة جميلة: وهو سيروي لها أنها ستكون وزيرة كبيرة، وأنها ستكون دان ميريدور الحكومة السابقة. وهو سيعدها بطاقم وزاري للمفاوضات تشارك فيه، وأنها ستوجه المفاوضين مع الفلسطينيين، وأنها سترافقه في كل لقاء مع أبو مازن.</p>
<p><br />
ومن يساعد نتنياهو في تجنيد ليفني هو ليبرمان. وليس سرا أن زعيم إسرائيل بيتنا لا يحب أبدا فكرة تولي لبيد وزارة الخارجية. والأمر بدأ باقتراح عرض وزارة المالية بدل الخارجية، وانتهى بأقوال قاسية قالها هذا الأسبوع عن مطامح زعيم &quot;هناك مستقبل&quot;. ومن الأسهل لليبرمان تقريب ليفني، التي &quot;ستبيض&quot; الحكومة لا أقل من لبيد، ومن ناحية دولية هي أبرز منه، وخصوصا أنها لا تعرض مطالب كبيرة: وهي تكتفي بأقل من وزارة الخارجية، وهي لن تتدخل في حجم الحكومة ولن ترفض الحريديم.</p>
<p><br />
وهي ستجد كل التبريرات للدخول لحكومة يعتبر الليكود مكونها الأشد يسارية. وإذا جرت عملية سلمية، فستقول إن ذلك تم بسبب حثها ودفعها. وإذا لم يحدث، فبوسعها في كل لحظة أن تقول إنها حاولت وتخرج. ومن الجائز أن لبيد ليس مجربا في السياسة، لكنه صاحب خبرة تتيح له أن يشم رائحة لعبة، خصوصا إذا كانوا يدفعونه علنا. فخيار الائتلاف مع الحريديم، بينت وليفني وربما موفاز أيضا يبدو كمحاولة للضغط عليه، لدفعه للتنازل عن المبادئ التي تمسك بها حتى الآن بنجاح، والتي بها وصل أمس إلى لقاء مع رئيس الحكومة.</p>
<p><br />
وخلافا لقانون مساواة الأعباء، والذي يتطلب تنفيذه سنوات، هناك وعدان انتخابيان لـ&quot;هناك مستقبل&quot; وهما كبر الحكومة والشراكة مع الحريديم. وسيختبر لبيد وفق هذين الوعدين فورا. كل الباقي ستظهر نتائجه لاحقا. وهذا الأسبوع نشر لبيد أنه مستعد لتليين موقفه إلى 24 وزيرا وليس 18 كما أعلن في فترة الانتخابات. ويزعم لبيد أنه فوجئ جدا لسماع أنه تنازل عن الموضوع الذي لم يناقش فيه أبدا. وهو يظن باستحالة فرض تقليصات على الجمهور من حكومة لم تقلص نفسها، وبناء عليه فإنه لا ينوي التنازل عن حجم الحكومة. والأحاديث عن تسوية مزعومة تصل، حسب رأيه، من قادة الليكود الخائفين من أن حكومة صغيرة ستبقيهم خارجها.</p>
<p><br />
ويقول لبيد الآن إنهم أضروا بأنفسهم، لأنني سأصر على ذلك. ولا طموح لدى حزبنا بحكومة كبيرة. ورفاقي يظنون أن رئاسة لجنة شرف كبير.</p>
<p><br />
وليس هو فقط من يصر على ذلك. بينت أيضا. ولبيد يقول إنه وبينت متوافقان حول موضوع مساواة الأعباء، وأن مشروع &quot;هناك مستقبل&quot; مقبول على البيت اليهودي تماما وكذلك الطلب حول حجم الحكومة. ويقول لبيد إنهما حزبان مختلفان بينهما تفاهم، وهو يعترف ايضا بأنه وبينت يحب بعضهما الآخر جدا.</p>
<p><br />
وقد وصل لبيد أمس إلى ديوان نتنياهو مصراً على عدم الجلوس مع الحريديم، ليس بسبب أنه يقاطعهم وإنما لأنهم لا يقتربون من مشروع &quot;هناك مستقبل&quot; لتساوي الأعباء، والذي يشمل التعليم الجوهري حتى عندما لا يكون هناك تحويل أموال للمدارس التي لا تعليم جوهري فيها.</p>
<p><br />
<strong>هامش مناورة</strong></p>
<p><br />
إذا كان هناك اتفاق رأي في الحلبة السياسية، فهو على أن زيارة أوباما لإسرائيل تغير الصورة. وإذا كان الموضوع السياسي خارج الصورة، فإنه في تشكيلة الحكومة يطفو على السطح. وواضح تماما أن نتنياهو يريد اللقاء مع أوباما في نهاية آذار المقبل مع صورة حكومة معقولة ومع معايير معقولة لاستئناف المفاوضات. لذلك فإنه لا سبيل آخر لرؤية ذلك: أوباما يمارس الضغط على الحلبة السياسية لتشكيل حكومة معقولة، من النوع الذي يسمح لنتنياهو بالعودة للمفاوضات. وبوسع هذا الضغط مساعدة نتنياهو إذا كان ينوي فعلا تحقيق اختراق سياسي في ولايته الحالية، لكن الأمر قد يثقل عليه، لأنه سيكون مطلوبا منه توفير البضاعة.</p>
<p><br />
وزيارة أوباما والرغبة في إظهار حكومة قادرة على التقدم في الموضوع السياسي يمكن أن يشوش التحالف غير المكتوب بين بينت ولبيد. وإذا كانت القضايا المدنية قد احتلت جدول الأعمال حتى الآن، فإنه في الواقع الفعلي، عندما تناقش الحكومة مسألة تجميد الاستيطان أو عدمه، لن يتمكن لبيد من تلطيف موقف بينت أكثر من قدرته على تلطيف موقف يهدوت هتوراه من التجنيد العسكري. والسؤال النافل هو: أي حكومة يريد نتنياهو؟ بالتأكيد هو يريد حكومة أجنحة سياسية عريضة قد الإمكان توفر له هامش مناورة.</p>
<p>وهو على استعداد للمساومة على حجم الحكومة. ولا مشكلة عنده في التنازل عن عدة وزراء أو عمن يرون أنفسهم وزراء، شرط العثور على طريقة للسيطرة على الكتلة، ويبدو أنه يبحث عن طريق كهذا: في جلسة الكتلة هذا الأسبوع أثارت ليمور ليفنات فكرة العودة للجنة بدل الانتخابات التمهيدية. استغرب أعضاء الليكود: لماذا تثير ليفنات المسألة، إذ لا أحد يريد طوعا مصارعة منتسبي الليكود. والجواب الذي قدموه هو أن ليفنات مثلت بذلك موقف رئيس الحكومة، المعني بزيادة الانضباط في الكتلة ويريد ضمان ذلك من اليوم الأول، خصوصا عندما يتعلق الأمر بكتلة يمينية، الكثير من أعضائها محبطون لأنهم لم يتسلموا مناصب. والطريق للسيطرة على كتلة كهذه هي الإشارة لأعضائها بأنه سيقرر مصيرهم. وبدلا من مغازلة المنتسبين، عليهم البدء بمغازلته.</p>
<p><br />
وعلى خلفية كل ذلك يبدو انعدام خبرة حوالي نصف أعضاء الكنيست، أو 48 عضوا للدقة، ممن أقسموا اليمين هذا الأسبوع، ولكن لا فكرة لديهم عن كيفية إدارة هذا الأمر، مثلا، ينتظرهم 45 يوما من تشكيل الحكومة، حينما سيطلب منهم التصويت على الميزانية للعامين القريبين. وفرصة أن يفهموا كل ما يبلوره الآن موظفو وزارة المالية، وكل خطط الأدراج التي جمعت في رزمة واحدة كبيرة معدومة. في جلسة الكتلة الموحدة لليكود بيتنا قال وزير المالية يوفال شتاينتس أنه ينبغي تحديد قوانين إخضاع المسؤولية. رد عليه ليبرمان، أولا يجب فرض المسؤولية في شعبة الميزانيات.</p>
<p>&nbsp;</p>