الردّ الإسرائيلي على تعاظم قوة العدو: "حزب الله"... نموذجاً

<p>بقلم: عاموس يدلين</p>
<p><br />
حسب مصادر أجنبية عملت اسرائيل ضد قافلة كانت توشك على نقل سلاح متطور &ndash; على الأرجح منظومات صواريخ ارض &ndash; جو من طراز SA17 - من سورية الى لبنان. ويطرح هذا الهجوم عدة مسائل مهمة، سواء على المستوى المبدئي المتعلق بمفهوم الامن القومي الاسرائيلي أم في السياق الموضعي لتقويم الوضع حيال تشكل تهديد ذي مغزى يعرض المصالح الامنية المهمة لدولة اسرائيل للخطر.</p>
<p><br />
سبق لاسرائيل أن عملت في الماضي حيال طيف واسع من التهديدات المتشكلة &ndash; من الجيش المصري الذي تعاظم في العام 1956 بعد الصفقة التشيكية، وحيال الجيش ذاته الذي انتشر بشكل مهدد على حدودها في ايار 1967، وحيال البرامج النووية في العراق في العام 1981 وفي سورية، حسب مصادر أجنبية، في العام 2007. وقد هوجمت سفن وقوافل سلاح للفلسطينيين في السودان وفي البحر الاحمر، وأُحبط قادة منظمات ارهابية بشكل مركز.</p>
<p><br />
السؤال حول ما إذا كان على اسرائيل ان تعمل ضد تعاظم العدو وضد تهديدات محتملة وان توقع عليهم ضربة وقائية عسكرية ليس سؤالاً تافهاً. يوجد نهجان متعارضان من هذا الموضوع:</p>
<p><br />
1. المفهوم السلبي الذي يدعي انه لا توجد قدرة على معالجة كل التهديدات المتشكلة، فما بالك أن معالجتها قد تصعب الامر الى درجة حرب، بل تزيد دافع العدو للعمل على بناء قوته. هدف اسرائيل هو الحصول على فترات هدوء طويلة المدى، وبالتالي ليس صحيحا العمل ضد التعاظم وتقليص فترات الهدوء. يجب بناء قوة ردع، والتصدي لقدرات العدو وشل فعالتها لا يتم الا عندما يهاجم العدو اسرائيل. تبنى هذا الفهم من عارض الهجوم على المفاعل العراقي في العام 1981 ومن لم يصادق على الاعمال ضد تعاظم &quot;حزب الله&quot; بعد الانسحاب من لبنان في العام 2000 أو بعد حرب لبنان الثانية في 2006.</p>
<p><br />
2. الفهم الفاعل الذي يدعي بان تجاهل التهديدات المستقبلية وبناء القوة من شأنه ان يجبي من دولة اسرائيل ثمنا باهظا، أو حتى أن يهدد وجودها، ما يستدعي &ndash; في الحالات ذات الصلة &ndash; العمل على ازالة التهديد المحتمل حتى بثمن احتمالات الرد والتصعيد.</p>
<p><br />
في العقد الماضي أدارت اسرائيل ثلاث حملات كبرى ضد منظمات &quot;الارهاب&quot; &ndash; في 2006 حيال &quot;حزب الله&quot; في لبنان وفي 2009 و 2012 ضد &quot;حماس&quot; في قطاع غزة. في كل واحدة من هذه المواجهات لم تكن هناك نية لتحقيق نصر ساحق (&quot;انهيار حماس&quot;)، وهذه أيضا لم تكن أهداف الحملات. فقد استهدفت هذه الحملات تحقيق هدوء في الشمال وفي الجنوب وتعزيز الردع الإسرائيلي. ومع ذلك، ففي الحالات الثلاث كان واضحا انه يجب ان يعالج ايضا التعاظم المستقبلي لمنظمات &quot;الارهاب&quot; بعد الوصول الى وقف النار.</p>
<p>آليات معالجة التعاظم كان يفترض بها أن تكون جزءا من اتفاقات وقف النار &ndash; في حالة &quot;حزب الله&quot; عبر قرار الامم المتحدة 1701، وفي حالة رصاص مصبوب عبر قرار 1860 والتعهد المصري والاميركي. وقد فشلت الآليتان بشكل تام. في العام 2012 لم يكن هناك أي مظهر خارجي لوجود آلية لمعالجة التعاظم. وهكذا بقي الموضوع معضلة استراتيجية وعملياتية على طاولة اصحاب القرار في اسرائيل.</p>
<p><br />
توجد أربعة اعتبارات مركزية في نقاش من هذا النوع:</p>
<p><br />
1. وجود قدرة استخبارية وعملياتية لوقف التعاظم. وبدون هذه القدرة لا معنى للاعتبارات الاخرى.</p>
<p><br />
2. تقويم قيم العمل الوقائي: من الواضح ان لا معنى للمخاطرة بالتصعيد وبرد العدو اذا لم يكن احباط التعاظم ذا قيمة. ومع ذلك، فان تعاظما ذا مغزى استراتيجي &ndash; قدرات غير تقليدية، منظومات دفاع جوي متطورة، صواريخ بعيدة المدى &ndash; هو هدف يستوجب النظر باهتمام شديد في امكانية إحباطه.</p>
<p><br />
3. الكلفة والمخاطر من العملية: هل المخاطر من العملية، وفي مركزها رد الخصم المتوقع، احتمالات التصعيد، الكشف عن مصادر الاستخبارات والقدرات العملياتية، تبرر العملية الوقائية؟ ما هو الميزان بينهما وبين الكلفة والمخاطر في ظل عدم اتخاذ عمل وقائي والامتناع عن ضرب تعاظم العدو؟ من الواضح أنه من أجل تبرير العمل الوقائي يجب أن يظهر أن هذه المعادلة تشير الى ثمن أعلى للسياسة السلبية.</p>
<p><br />
4. اعتبارات تتجاوز مسألة التعاظم الموضعي واحباطه: موقف القوى العظمى، التأثير على ساحات اخرى، المساهمة في الردع، ومسائل محيطة اخرى ذات صلة.</p>
<p><br />
سأحاول فحص قابلية تطبيق هذه الاعتبارات على الهجوم الاسرائيلي- حسب مصادر اجنبية- على السلاح المتطور الذي نقل الى &quot;حزب الله&quot;.</p>
<p><br />
1. في ضوء نتائج الهجوم المذكور أعلاه من الواضح أنه كان لدى المنفذين معلومات استخبارية فائقة وقدرة تنفيذية مثيرة للانطباع لتنفيذ الهجوم.</p>
<p><br />
2. بشكل واضح: الهدف منع نقل قدرة تنفيذية متطورة، كانت كفيلة بان تتحدى التفوق الجوي الاسرائيلي في مواجهة مستقبلية في لبنان او نصب كمين لطلعات الاستخبارات الضرورية لجمع المعلومات عن بناء قوة وتعاظم &quot;حزب الله&quot;.</p>
<p><br />
3. تقويم رد فعل الخصم:</p>
<p><br />
سوريا &ndash; ليس لنظام الاسد مصلحة في الرد الفوري وبقوة على الهجوم. فالنظام يوجد في معركة بقاء وفي ذروة حرب أهلية. جيش الاسد منشغل اساسا في هذا الصراع وقدراته حيال اسرائيل تآكلت. يسعى الأسد الى منع تدخل دولي يغير ميزان القوى في الصراع في سورية، ولهذا فليس له مصلحة في فتح جبهة خارجية حيال قوة مهمة جدا مثل إسرائيل.</p>
<p>اعتبار آخر هو الضرر المحتمل بعلاقات الأسد مع سيده في موسكو. فنقل السلاح الروسي الى &quot;حزب الله&quot; ليس شرعياً ويشكل خرقا لوعود السوريين لروسيا، الحليف الحيوي لسورية، الذي يحميها في مجلس الامن ويمنع التدخل الاجنبي في المذبحة الجارية فيها. ولهذا السبب سارعت سورية الى النشر بان الهجوم نفذ ضد معهد للبحث العسكري وليس ضد قافلة سلاح. لا يرغب الاسد في أن يخاطر بتحالفه المهم مع روسيا. ولهذا فسيمتنع عن التصعيد.</p>
<p><br />
&quot;حزب الله&quot; &ndash; ليس للمنظمة شرعية في الرد على هذه العملية؛ فهو ليس &quot;حامي سورية&quot;، ولما كان الهجوم تم على الاراضي السورية فان الشعب اللبناني لن يوافق على عملية قد تورط لبنان في قتال حفاظا على مصالح اجنبية - سورية. كما أن &quot;حزب الله&quot; يخرق بشكل منتظم ومستمر قرار مجلس الامن 1701 بالنسبة لمنع نقل السلاح الى لبنان.</p>
<p>ويفترض بالمنظمة أن تشكل اساسا أداة عسكرية ايرانية ضد اسرائيل في حالة تطور الازمة النووية الى مواجهة عسكرية. وبسبب كل هذا فان شرعية &quot;حزب الله&quot; في الرد على الهجوم متدنية داخل لبنان وخارجه.</p>
<p><br />
نقطتان مهمتان:</p>
<p><br />
لم تتحمل اسرائيل المسؤولية عن ضرب بطاريات SA17 التي كانت في طريقها الى &quot;حزب الله&quot;، ما سمح للسوريين و&quot;حزب الله&quot; بمجال النفي. وبالفعل لم يكن ثمة رد عسكري فوري. ومع ذلك فمن المهم الاشارة الى أنهما رغم عدم ردهما الفوري وعدم تصعيد المواجهة فانهما يحتفظان بامكانية الرد لاحقا، دون أخذ المسؤولية عن هذا الرد أيضا.</p>
<p><br />
سيستمر نقل السلاح، وسيبقى تحديه لأصحاب القرار في المستقبل ايضا وستكون اسرائيل مطالبة بان تنظر باهتمام شديد الى خطر التصعيد، الذي سيتزايد من حدث الى آخر.</p>