الحرس الرئاسي يتوزع في قيادة الأجهزة الأمنية.. أي سياق؟

زمن برس، فلسطين: أصدر الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، مرسومًا رئاسيًا بترقية العميد محمد خليل إبراهيم الخطيب، المعروف باسم "نضال شاهين" إلى رتبة لواء، وتعيينه قائدًا لجهاز الاستخبارات العسكرية، وذلك خلفًا لزكريا علي حسين مصلح. يشار إلى شاهين، هو من المرافقة الشخصية لعباس.
وجاء المرسوم الأخير، بعد أسبوع من تعيين اللواء العبد إبراهيم عبد السلام خليل قائدًا لقوات الأمن الوطني، خلفًا لنضال علي محمود أبو دخان الذي أحيل للتقاعد. والعبد إبراهيم، كان مديرًا لجهاد الدفاع المدني، وشغل سابقًا عدة مناصب في جهاز حرس الرئيس الخاص. وفي السياق نفسه، أصدر عباس، قرارًا رئاسيًا بترقية أكرم محمود علي ثوابتة إلى رتبة لواء، وتعيينه قائدًا لجهاز الدفاع المدني.
قال مستشار الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان"، عزمي الشعيبي، إنّه ينظر إلى تعيينات رؤساء أجهزة الأمن مؤخّرًا من عناصر جهاز حرس الرئيس من "منطلق مركزت السلطة بيد جهة واحدة"
وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2024، أصدر عباس مرسومًا رئاسيًا بتعيين أحمد عوض مديرًا لهيئة التنظيم والإدارة العسكريّة. وفي ذات الفترة، عين ناصر موسى عمران "البوريني" مديرًا للارتباط العسكري، بعد شغل عدة مناصب في جهاز الحرس الرئاسي الخاص، وفرز في فترة على رئاسة الوزراء. وفي الشهر ذاته، عُين وليد حمد رئيسًا لهيئة الإمداد والتجهيز العسكرية.
وفي آب/أغسطس 2024، أصدر عباس، مرسومًا بترقية العميد من جهاز حرس الرئيس علام السقا إلى رتبة لواء، وعينه مديرًا عام للشرطة، بداية من شهر أيلول/سبتمبر الماضي.
وفي وقت سابق، وتحديدًا في كانون الأول/ديسمبر 2021، عُين محمود أبو هارون، رئيسًا لهيئة التدريب العسكري في أريحا، خلفًا ليوسف الحلو، وأبو هارون شغل سابقًا عدة مناصب في جهاز حرس الرئيس. يشار إلى أنه في عام 2015، عُين إياد بركات، من استخبارات جهاز حرس الرئيس، في قيادة جهاز الضابطة الجمركية.
ويجمع بين التعيينات السابقة، اشتراك خلفيات قادة الأجهزة الأمنية الجدد، بأنهم خدموا سابقًا في جهاز الحرس الرئاسي وتدرجوا فيه، وبعضهم من المقربين بشكلٍ كبير من الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وفي هذا السياق، قال مستشار الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان"، عزمي الشعيبي، إنّه ينظر إلى تعيينات رؤساء أجهزة الأمن مؤخّرًا من عناصر جهاز حرس الرئيس من "منطلق مركزت السلطة بيد جهة واحدة"، مضيفًا: "هذا لا ينفصل عن القرار بقانون الّذي صدر عن ديوان الرئاسة سابقًا رقم (5) لسنة 2020، وما جرى من تعديل عليه في القرار بقانون رقم (7) لسنة 2025، بما فيه موضوع تعيين المستشارين، وهو يأتي في إطار أخذ الصلاحيّات من الحكومة ووضعها في يد مركز مكتب الرئيس، وهذا مخالف للقانون الأساسيّ".
بناء على ما سبق، تابع الشعيبي لـ"الترا فلسطين"، فـ"إنّه ليس بالشيء العجيب، وفي إطار هذه السياسة، أن يكون هناك رغبة لدى المحيطين في مكتب الرئيس، وبالتالي المحيطين من الناحية الأمنيّة أيضًا وهم من حرس الرئيس، بأن تكون التعيينات من خلالهم".
وأضاف الشعيبي، "نرى أنّ جهاز حرس الرئيس يتطوّر إلى جهاز قويّ وكبير بديل عن الأجهزة الأمنيّة الأخرى، وهم جرى تدريبهم واختيارهم بالأصل وبناء هذه المنظومة كجهاز أمنيّ جديد إضافة للأجهزة السابقة، وبات لدينا جهاز جديد اسمه حرس الرئيس، ويقوم هذا الجهاز بأكثر من موضوع حراسة الرئيس، وإنّما في إدارة القطاع الأمنيّ من حيث مراكز اتّخاذ القرار الرئيسيّة، وصولًا إلى تعيين مسؤولي الأجهزة الأخرى من خلال هذا الجهاز".
وقال الشعيبي، إنّه ينظر إلى القرارات بقانون وهذه المراسيم، بـ"أنّه لا صفة ولا أي تبرير لها، في إطار المصلحة العامّة، وإنّما تأتي في إطار إمّا استرضاء أشخاص، أو مركزت السلطة بيد صاحب القرار".
وأضاف "باعتبار أمان مؤسّسة معنيّة بمكافحة الفساد، ترى أنّ هذه البيئة تعزّز ما يعرف بالفساد السياسيّ، وهو أنّ بعض الأشخاص المحيطين في مركز السلطة، يعملون على إصدار قرارات وفق مصالحهم الشخصيّة، وهذا شكل من أشكال الفساد الّذي نعتبر أنه يرتبط في شكل النظام السياسيّ حيث تصبح السلطة مركّزة بيد جهة محدّدة، وليست موزّعة بين الأطراف بالثلاثة الرئيسيّة، وهي المجلس التشريعيّ والقضاء والحكومة".
وتابع الشعيبي "نرى أنّ مركزت نظام تسلّطيّ بهذا الشكل سوف تعزّز من حالات الفساد في المجتمع الفلسطينيّ". وطالب مستشار "أمان" الرئيس الفلسطيني، بوقف إصدار هذه القوانين والمراسيم على أساس انعدام الضرورة والمصلحة عامّة، وإذ تأتي في إطار مصالح وبناء مجموعة من الموالين لمركز القرار.
يشار إلى أنه في أيلول/سبتمبر 2024، أكدت مصادر فلسطينية خاصة لـ "الترا فلسطين"، أن أبرز الإصلاحات التي كانت على طاولة المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي تتعلق بالتعديل على المناهج، وقطاع الأمن، وتحويل مستحقات ذوي الشهداء والجرحى والأسرى إلى نظام التنمية الاجتماعية.
وفيما يتعلق بالإصلاحات المطلوبة لقطاع الأمن، أكدت مصادر "الترا فلسطين" أن تمديد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، عمل رئيس جهاز الاستخبارات زكريا مصلح الشهر الماضي، رغم أنه وصل سن التقاعد كان من بين الأمور التي نُوقِشَت مع الأوروبيين. وقالت المصادر: "كان هناك تضارب في المعلومات الفلسطينية، إن كانت مدة التمديد لزكريا مصلح هي ستة شهور أو عام كامل".
وأوضحت المصادر، أن التفاهمات التي وُقِّعَت بين الحكومة الفلسطينية والاتحاد الأوروبي، تنص أنه لن يكون هناك تمديد لعمل المتقاعدين العسكريين، وبالتالي فإن التمديد لزكريا مصلح يُعد إخلالًا بهذا الاتفاق.
وأضافت، أن بين النقاط التي تم الحديث عنها منصب رئيس المخابرات اللواء ماجد فرج، حيث تجاوز سن التقاعد، وأصدر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في 28 آذار/مارس مرسومًا رئاسيًا يبقيه في منصبه "مدى الحياة"، ويتطلب تغييره مرسومًا رئاسيًا من رئيس السلطة الفلسطينية فقط.
وعين ماجد فرج عام 2009 رئيسًا لجهاز المخابرات العامة، لمدة 3 سنوات، ويمكن إضافة سنة أخرى وفق قانون الخدمة في قوى الأمن الفلسطينية، ما يعني أنه لحظة صدور المرسوم الرئاسي كان قد مر على رئاسته لجهاز المخابرات 15 عامًا.