ترامب يهدد بقطع المساعدات عن مصر والأردن.. فما حجم المعونات التي يتلقاها البلدان من واشنطن؟

ترامب يهدد بقطع المساعدات عن مصر والأردن.. فما حجم المعونات التي يتلقاها البلدان من واشنطن؟

زمن برس، فلسطين:  هدد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الثلاثاء 11 فبراير/شباط 2025، بقطع المساعدات التي تمنحها الولايات المتحدة لمصر والأردن إذا رفضا استقبال اللاجئين الفلسطينيين من غزة ضمن مقترحه بالسيطرة على القطاع وتهجير سكانه إلى دول مجاورة.

وقال ترامب خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض رداً على سؤال عمّا إذا كان سيوقف المساعدات عن الأردن ومصر إذا رفض البلدان استقبال اللاجئين الفلسطينيين: "نعم، ربما، بالتأكيد، لما لا… إذا لم يوافقا فمن الممكن أن أقطع المساعدات".

يأتي ذلك قبل ساعات من عقد الرئيس الأمريكي اجتماعاً مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، الثلاثاء، من المرجح أن يكون متوتراً على خلفية الرفض العربي لمقترح ترامب، وفق تقرير لوكالة رويترز.

ويعد تهديد ترامب بقطع المساعدات الأمريكية التي تقدمها حكومة بلاده منذ عقود لمصر والأردن تحولاً في موقفه الذي أعلن عنه قبل عدة أيام عندما قال للصحفيين لدى سؤاله عمّا إذا كان سيفكر في اتخاذ إجراءات للضغط على القاهرة وعمّان لقبول خطته: "سيفعلون ذلك. سيفعلون ذلك. سيفعلون ذلك، حسناً؟ نحن نفعل الكثير من أجلهم، وسيفعلون ذلك"، لكنه لم يقل صراحة بأنه سيفرض عقوبات اقتصادية على كلا البلدين.

ما حجم المساعدات التي تمنحها أمريكا لمصر؟
  • تعود بداية المساعدات الأمريكية لمصر إلى أوائل سنوات ثورة يوليو/تموز عام 1952، وبالتحديد عقب صدور القانون الأمريكي العام للمعونة رقم 480 لسنة 1953، الذي تم إقراره بدافع المحافظة على مصالح الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط، إلى أن قامت الولايات المتحدة في أواخر عام 1956 بتجميد المعونة وسحب عرضها لتمويل مشروع السد العالي لعقد مصر صفقة أسلحة مع تشيكوسلوفاكيا.
  • ويختلف المبلغ الدقيق الذي تحصل عليه مصر من الولايات المتحدة من سنة إلى أخرى، وهناك العديد من مصادر التمويل المختلفة.
  • وبلغت المساعدات الخارجية الأمريكية لمصر في المتوسط نحو 2 مليار دولار سنوياً (منها 815 مليون دولار معونة اقتصادية، و1.3 مليار دولار معونة عسكرية) منذ عام 1979، عندما أبرمت مصر معاهدة سلام مع إسرائيل، حيث أعلن الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت جيمي كارتر، تقديم معونة اقتصادية وأخرى عسكرية سنوية لكل من مصر وإسرائيل، تحولت منذ عام 1982 إلى منح لا ترد.
  • وتمثل المعونات الأمريكية لمصر 57% من إجمالي ما تحصل عليه من معونات ومنح دولية، من الاتحاد الأوروبي واليابان وغيرهما من الدول، كما أن مبلغ المعونة لا يتجاوز 2% من إجمالي الدخل القومي المصري.
  • وفيما يتعلق بالمساعدات العسكرية، قدمت واشنطن لمصر على مدى العقود الثلاثة الماضية أكثر من 40 مليار دولار من المساعدات العسكرية، وهو البرنامج الذي يمثل اليوم 80% من إجمالي ميزانية المشتريات العسكرية السنوية للبلاد.
  • وفي الوقت الحالي، تتلقى مصر 1.3 مليار دولار سنوياً في هيئة مساعدات عسكرية أجنبية بموجب برنامج يسمح لها بشراء معدات عسكرية ومساعدات فنية أمريكية بالتنسيق مع وزارتي الخارجية والدفاع.
  • وإلى جانب إسرائيل، تعد مصر واحدة من دولتين فقط تحصلان على التمويل العسكري الأجنبي، حيث يتم إيداع التمويل الأمريكي في حساب لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك في بداية العام، ويُسمح للقاهرة باستخدام الفائدة المتراكمة على هذه الودائع لشراء معدات إضافية. وبمجرد سداد المدفوعات، يتم تحويل الأموال من بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى صندوق ائتماني.
  • وهناك بند خاص آخر يسمح للقاهرة بتمويل مشترياتها من شركات الدفاع الأمريكية نقداً. وعلى النقيض من أغلب الدول الأخرى المتلقية للمساعدات العسكرية الأمريكية، لا يتعين على الحكومة المصرية أن تدفع مقدماً ثمن أنظمة الأسلحة الباهظة الثمن التي تتعاقد عليها مع الولايات المتحدة؛ بل إنها تستطيع بدلاً من ذلك أن تتعهد بالتزامات مالية تغطيها منح المساعدات العسكرية الأمريكية المتوقعة في المستقبل.
  • وفي عام 2023، بلغ حجم المساعدات الأمريكية لمصر إجمالاً 1,503,609,426 مليار دولار، شكلت المساعدات العسكرية منها 81% مقارنة بالمساعدات الاقتصادية والتنموية في قطاعات التعليم والصحة والبنية التحتية بنسبة 19%. وحلت مصر في المركز الثالث في قائمة أكثر الدول التي تلقت مساعدات أمريكية في الشرق الأوسط.


مصر
أقوى الجيوش العربية في سنة 2024 / مواقع التواصل

ما حجم المساعدات التي تمنحها أمريكا للأردن؟

  •  يعد الأردن ثاني أكبر متلقٍ للمساعدات الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط بعد إسرائيل، بعد أن تخطى مصر في السنة المالية 2018 والعراق في السنة المالية 2013. 
  • تضاعفت المساعدات الأمريكية السنوية للأردن ثلاث مرات من حيث القيمة التاريخية على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية،  وقد قدمت الولايات المتحدة مساعدات اقتصادية وعسكرية للأردن منذ عامي 1951م و1957م على التوالي.
  • وبلغت إجمالي المساعدات الأمريكية (التي تشرف عليها وزارتا الخارجية والدفاع الأمريكية) للأردن حتى السنة المالية 2023 ما يقرب من 28.5 مليار دولار، حيث تشكل المساعدات الأمريكية للأردن أكثر من 40% من إجمالي مبلغ الدعم الدولي الرسمي الذي تتلقاه الأردن سنوياً.
  • واعتباراً من السنة المالية 2021، كان الأردن ثالث أكبر دولة تتلقى مساعدات أمريكية في العالم بعد أفغانستان وإسرائيل.
  • وفي سبتمبر/أيلول 2022، وقع الأردن والولايات المتحدة مذكرة تفاهم تقدم بموجبها الأخيرة مساعدات مالية سنوية للمملكة بقيمة 1.45 مليار دولار للمملكة، للفترة بين عامي 2023 و2029.
  • وخلال الولاية الأولى للرئيس ترامب، أشارت مذكرة التفاهم التي تم توقيعها بين واشنطن وعمان إلى تخصيص 6.375 مليار دولار كمساعدات أمريكية على مدى خمس سنوات، أو 1.275 مليار دولار سنوياً. 
  • وكانت اتفاقية السنوات المالية 2018-2022 ثالث مذكرة تفاهم بين الولايات المتحدة والأردن، علماً أن المذكرتين السابقتين غطتا السنوات المالية 2009-2014 و 2015-2017.
  • وفي عام 2023، بلغ حجم المساعدات الأمريكية للأردن إجمالاً 1,309,483,582 مليار دولار، شكلت المساعدات العسكرية منها 25 % مقارنة بالمساعدات الاقتصادية والانمائية في قطاعات التعليم والصحة والبنية التحتية بنسبة 75%. وحلت الأردن في المركز الثاني في قائمة أكثر الدول التي تلقت مساعدات أمريكية في الشرق الأوسط.

هل تم قطع المساعدات الأمريكية لمصر والأردن من قبل؟

صدرت قرارات أمريكية سابقة بتجميد أو تعليق المساعدات الأمريكية لمصر والأردن، سواء بالوقف الكامل أو اقتطاع أجزاء منها.

ففي أكتوبر/تشرين الأول 2013، قالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها أوقفت بعض البرامج التي تمولها المساعدات الاقتصادية السنوية لمصر والتي تبلغ 250 مليون دولار، بما في ذلك برامج التدريب في الولايات المتحدة لمديري المستشفيات والمعلمين وغيرهم من العاملين الحكوميين المصريين، وذلك رداً على حملة القمع التي أعقبت الانقلاب الذي أطاح فيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالرئيس السابق محمد مرسي في يوليو/تموز 2013. 

وفي 7 يناير/كانون الأول 2025، أفادت وثيقة اطلعت عليها وكالة رويترز بأن إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن حولت 95 مليون دولار من المساعدات العسكرية المخصصة لمصر إلى لبنان الذي يواجه تهديدات من حزب الله وجماعات أخرى غير حكومية وينفذ وقفاً لإطلاق النار مع إسرائيل.

ووصف إخطار وزارة الخارجية الأمريكية للكونغرس بشأن التحويل المخطط له القوات المسلحة اللبنانية بأنها "شريك رئيسي" في الحفاظ على اتفاق 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 بين إسرائيل ولبنان لوقف الأعمال العدائية ومنع حزب الله من تهديد إسرائيل.


الانتخابات النيابية في الأردن
تجري الانتخابات النيابية في الأردن بعد تحديثات سياسية قامت بها لجنة كلفها الملك الأردني/ رويترز

وجاءت هذه الخطوة بعد أن أعرب بعض المشرعين الديمقراطيين في الكونغرس عن مخاوفهم العميقة بشأن سجل مصر في مجال حقوق الإنسان، وخاصة اعتقال آلاف السجناء السياسيين.

وفيما يتعلق بالأردن، فقد أمر ترامب، بعد ساعات من توليه منصبه في الرابع من يناير/كانون الثاني 2025، بتعليق المساعدات الأمريكية التي تقدمها بلاده لمدة 90 يوماً لحين تقييم مدى كفاءة هذه المساعدات واتساقها مع سياسته الخارجية.

وأظهرت مذكرة لوزارة الخارجية الأمريكية أن قرار تعليق المساعدات الخارجية الذي أمر به ترامب لمدة 90 يوماً ينطبق على المساعدات الجديدة والقائمة، لكنه شمل إعفاءات للتمويل العسكري لدول ليس من بينها الأردن.

وكشفت مصادر مطلعة لموقع رؤيا الإخباري الأردني، أن قرار تجميد تقديم مساعدات جديدة شمل المساعدات التي تقدمها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في الأردن، والتي قد تشمل المواد الغذائية، المياه، والمأوى، والرعاية الصحية، والبيئة والتعليم، وغيرها.

لماذا ترفض مصر والأردن خطة ترامب لتهجير سكان غزة؟

أولاً: الأردن

تتمثل المخاطر التي قد تتسبب بتهجير الفلسطينيين من غزة إلى الأردن فيما يلي:

  • بالنسبة للأردنيين، فإن تهجير سكان غزة ربما يمتد إلى تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية، مما يصبح الأردن "الوطن البديل" للفلسطينيين، بحسب المركز العربي واشنطن دي سي.
  • يرى بعض الأردنيين أن التهجير قد يهدد سياسة الهوية والتوازن العرقي في المملكة، مما يجعل أي محاولة للتغيير الديموغرافي خطيرة سياسياً.

وذكرت وكالة بلومبرغ الأمريكية نقلاً عن مصادر مطلعة أن العاهل الأردني سينقل رسالة منسقة من العالم العربي إلى ترامب خلال زيارته للبيت الأبيض، الثلاثاء، مفادها أنه يحتاج إلى التفكير مرة أخرى فيما يتعلق بمقترحه للسيطرة على غزة وتهجير الفلسطينيين.

وأضافت بلومبرغ أن عبد الله الثاني سيؤكد أن الأردن، الذي يستضيف القواعد الأمريكية ولديه تعاون استخباراتي طويل الأمد مع واشنطن، يشكل دعامة للاستقرار في المنطقة. وسيؤكد العاهل الأردني أيضاً أن استقبال عدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين قد يزعزع استقرار بلاده. 

وأشارت المصادر إلى أنه من بين المقترحات المطروحة لدى القادة العرب، إنشاء إدارة جديدة بقيادة فلسطينية في غزة بدعم من قوى الشرق الأوسط.


غزة
النازحون الفلسطينيون يستعدون للعودة إلى مدينة غزة وشمالها/ الأناضول

ثانياً: مصر

ينبع الرفض المصري لتهجير الفلسطينيين من غزة من:

  • خشيتها من أن يتكرر التاريخ ويبقى عدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين من غزة على أراضيها إلى الأبد.
  • تعتقد مصر أن التهجير من غزة من شأنه أن يجلب المسلحين الفلسطينيين إلى أراضيها، مما قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في سيناء، بحسب وكالة أسوشيتد برس الأمريكية.
  • في تصريحات سابقة للسيسي، قال إنه مع وجود مسلحين فلسطينيين، فإن سيناء "ستصبح قاعدة لشن هجمات على إسرائيل، التي سيصبح لديها الحق في الدفاع عن نفسها، وستضرب الأراضي المصرية".

وقال دبلوماسي مصري لموقع ميدل إيست آي البريطاني  إن القاهرة تأخذ خطاب ترامب على محمل الجد وتستعد لاحتمال تعليق المساعدات الأمنية الأمريكية السنوية البالغة 1.3 مليار دولار إذا حاولت إدارة ترامب استخدامها كوسيلة ضغط.

وأضاف مصدر مصري آخر، أنه في حين يدرس السيسي ومستشاريه الأقرب فكرة قبول المزيد من الفلسطينيين من غزة، فإن المؤسسة العسكرية المصرية تعارض بشدة أي مناقشة، مما يضع الرئيس المصري ما بين كماشة تعليق المساعدات الأمنية الأمريكية، وموقف المؤسسة الأمنية والموقف الشعبي من التهجير.