المعارضة السورية تسيطر على نصف مدينة حلب والنظام يغير على مواقع وتجمعات المسلحين

المعارضة السورية تسيطر على نصف مدينة حلب والنظام يغير على مواقع وتجمعات المسلحين

زمن برس، فلسطين:  بات نصف مدينة حلب في شمال سورية تحت سيطرة هيئة تحرير الشام وفصائل حليفة، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، فجر السبت، بعد يومين على هجوم مباغت شنّته تلك الفصائل على مناطق سيطرة النظام في شمال سورية وشمال غربها.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس إن "نصف مدينة حلب بات الآن تحت سيطرة هيئة تحرير الشام وفصائل موالية لها"، مضيفًا أن المقاتلين وصلوا إلى قلعة حلب. وأشار إلى أنه "لم يحصل أي قتال، ولم تطلق طلقة واحدة، وسط انسحاب لقوات النظام".

ودخلت مجموعات مسلّحة بينها هيئة تحرير الشام وفصائل مدعومة من تركيا، الجمعة، مدينة حلب في شمال سورية، بعد قصفها في سياق هجوم مباغت وسريع بدأته قبل يومين على القوات النظامية، هو الأعنف منذ سنوات، مكّنها أيضًا من السيطرة على مدينة سراقب في محافظة إدلب، وفق المرصد.

وقال عبد الرحمن لفرانس برس إن هيئة تحرير الشام وفصائل معارضة سيطرت على مدينة سراقب في محافظة إدلب.

وأضاف: "أهمية سراقب (شمال غرب) هي أنها تمنع أي مجال للنظام من التقدم إلى حلب، وتقع على عقدة استراتيجية تربط حلب باللاذقية (غرب) وبدمشق".

وكان عبد الرحمن أفاد فرانس برس بأن الفصائل "دخلت إلى الأحياء الجنوبية الغربية والغربية" لحلب، أكبر مدن الشمال السوري.

وذكر أنها سيطرت على خمسة أحياء في ثاني كبرى مدن البلاد، مشيرًا إلى أن قوات النظام "لم تبدِ مقاومة كبيرة".

وهذه أول مرة تدخل فصائل مسلحة إلى حلب منذ استعاد نظام الرئيس بشار الأسد السيطرة الكاملة على المدينة عام 2016.

وأفاد مراسل لفرانس برس في حلب بوقوع اشتباكات بين الفصائل، والقوات السورية ومجموعات مساندة لها.

كذلك، قال شاهدا عيان من المدينة لفرانس برس إنهما شاهدا مسلحين في منطقتهما، وسط حال من الهلع.

وأودت العمليات العسكرية بحياة 277 شخصًا، وفق المرصد، غالبيتهم مقاتلون من طرفي النزاع، وبينهم 28 مدنيًا قضى معظمهم في قصف من طائرات روسية تدعم قوات النظام.

بحلول يوم الجمعة، كانت الفصائل سيطرت على أكثر من خمسين بلدة وقرية في الشمال، وفق المرصد السوري، في أكبر تقدّم منذ سنوات تحرزه المجموعات المعارضة للنظام.

وكان المرصد أفاد الخميس بأنّ مقاتلي هيئة تحرير الشام وحلفاءهم قطعوا الطريق الذي يصل بين حلب ودمشق.

وتعرّض سكن جامعي بمدينة حلب الجمعة للقصف، ما أدى إلى مقتل أربعة مدنيين، حسب وكالة سانا الرسمية.

وأدت المعارك إلى نزوح أكثر من 14 ألف شخص، نصفهم تقريبًا من الأطفال، وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

ومن مدينة حلب، قال سرمد البالغ 51 عامًا لفرانس برس: "على مدار الساعة، نسمع أصوات صواريخ ورميات مدفعية وأحيانًا أصوات طائرات"، مضيفًا: "نخشى أن تتكرر سيناريوهات الحرب وننزح مرة جديدة من منازلنا".

وقال ناصر حمدو البالغ 36 عامًا من غرب حلب في اتصال هاتفي مع فرانس برس: "نتابع الأخبار على مدار الساعة، وقطع الطريق يثير قلقنا اقتصاديًا لأننا نخشى ارتفاع أسعار المحروقات وفقدان بعض المواد".

ووصلت تعزيزات من الجيش إلى حلب، وفق ما أفاد مصدر أمني سوري فرانس برس.

وقبل إعلان المرصد دخول هيئة تحرير الشام إلى المدينة، أشار المصدر الأمني إلى "معارك واشتباكات عنيفة من جهة غرب حلب". وأضاف: "وصلت التعزيزات العسكرية ولن يجري الكشف عن تفاصيل العمل العسكري حرصًا على سيره، لكن نستطيع القول إن حلب آمنة بشكل كامل ولن تتعرض لأي تهديد".

وتابع: "لم تُقطع الطرق باتجاه حلب، هناك طرق بديلة أطول بقليل"، متعهدًا بأن "تفتح كل الطرق... قريبًا".

جيش النظام السوري

أعلن جيش النظام السوري أن "التنظيمات المدعومة بآلاف الإرهابيين الأجانب والأسلحة الثقيلة وأعداد كبيرة من الطائرات المسيرة شنت هجوما واسعا". وأوضح أن "الهجوم الواسع للتنظيمات الإرهابية انطلق من محاور متعددة على جبهتي حلب وإدلب".

وأشار الجيش في بيانه إلى أن "قواتنا المسلحة خاضت معارك شرسة في مختلف نقاط الاشتباك الممتدة على شريط يتجاوز 100 كيلومتر لوقف تقدم المسلحين"، مضيفا أن "العشرات من رجال قواتنا المسلحة ارتقوا شهداء وأصيب آخرون خلال المعارك".

وبيّن الجيش أن "الأعداد الكبيرة للإرهابيين وتعدد جبهات الاشتباك دفعت بقواتنا المسلحة إلى تنفيذ عملية إعادة انتشار"، مشيرا إلى أن "هدف عملية إعادة الانتشار هو تدعيم خطوط الدفاع بغية امتصاص الهجوم والمحافظة على أرواح المدنيين والجنود". وأضاف أن "من أهداف عملية إعادة الانتشار أيضا التحضير لهجوم مضاد".

وأوضح الجيش أنه "مع استمرار تدفق الإرهابيين عبر الحدود الشمالية وتكثيف الدعم العسكري والتقني لهم، تمكنوا من دخول أجزاء واسعة من أحياء حلب"، لكنه أكد أن "التنظيمات الإرهابية لم تتمكن من تثبيت نقاط تمركز لها في حلب بفعل استمرار توجيه قواتنا ضربات مركزة وقوية".

وختم الجيش بيانه بالقول: "نوجه ضربات حاليا ريثما يتم استكمال وصول التعزيزات العسكرية وتوزيعها على محاور القتال استعداداً للقيام بهجوم مضاد".

موسكو

تزامنًا مع الاشتباكات، شنّ الطيران الحربي الروسي والسوري أكثر من 20 غارة على إدلب وقرى محيطة بها، وفق المرصد السوري، أدّت إلى مقتل شخص.

وكان الجيش الروسي أعلن، الجمعة أن قواته الجوية تقصف فصائل "متطرفة".

كما ونقلت وكالات أنباء روسية عن متحدث باسم مركز المصالحة التابع لوزارة الدفاع الروسية في سورية قوله إن "القوات الجوية الروسية تنفذ هجمات بالقنابل والصواريخ على معدات وعناصر جماعات مسلحة غير شرعية ونقاط سيطرة ومستودعات ومواقع مدفعية تابعة للإرهابيين"، موضحًا أنها "قضت" على 200 مسلح خلال الساعات الماضية.

كما واعتبر المتحدّث باسم الكرملين دميتري بسكوف، الجمعة، أن ما يحصل في حلب "انتهاك لسيادة سورية". وأعرب عن دعم بلاده "الحكومة السورية في استعادة النظام في المنطقة وإعادة النظام الدستوري".

أنقرا

ودعت تركيا إلى "وقف الهجمات" على مدينة إدلب ومحيطها، معقل المعارضة المسلّحة بشمال غرب البلاد.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية عبر منصة "إكس"، الجمعة، إنّ الاشتباكات الأخيرة "أدت إلى تصعيد غير مرغوب فيه للتوترات بالمنطقة الحدودية".

طهران

من جهته شدّد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في بيان "على دعم إيران المستمر لحكومة سورية وأمنها وجيشها في كفاحها ضد الإرهاب"، بعد اتصال هاتفي مع نظيره السوري بسام الصباغ.

"الهجوم الأعنف منذ سنوات"

ويعد القتال الناجم عن هذا الهجوم الأعنف منذ سنوات بسورية التي تشهد منذ العام 2011 نزاعًا داميًا عقب احتجاجات شعبية ضد النظام أودى بحياة أكثر من نصف مليون شخص ودفع الملايين إلى النزوح، وأتى على البنى التحتية والاقتصاد في البلاد.

وعام 2015، تدخلت روسيا إلى جانب قوات النظام السوري، وتمكنت من قلب المشهد لصالح حليفها، بعدما خسر معظم مساحة البلاد.

وخلال شهرين من الحرب ضد حزب الله بلبنان، كثّفت إسرائيل ضرباتها للفصائل الموالية لإيران بسورية.

وقدمت هذه الفصائل، وأبرزها حزب الله، دعمًا مباشرًا للقوات السورية خلال الأعوام الماضية، ما أتاح لها استعادة السيطرة على معظم مناطق البلاد.

"قصف النظام للمناطق الآمنة"

بدوره، اعتبر رئيس "حكومة الإنقاذ" التي تدير مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام، محمد البشير، الخميس، أن سبب العملية العسكرية هو حشد النظام "في الفترة السابقة على خطوط التماس وقصفه مناطق آمنة، ما أدى إلى نزوح عشرات آلاف المدنيين".

وتسيطر هيئة تحرير الشام مع فصائل معارضة أقل نفوذًا على نحو نصف مساحة إدلب ومحيطها، وعلى مناطق متاخمة بمحافظات حلب واللاذقية وحماة المجاورة.

ويسري في إدلب ومحيطها منذ السادس من آذار/مارس 2020 وقف لإطلاق النار أعلنته كل من موسكو الداعمة لدمشق، وأنقرة الداعمة للفصائل المعارضة، وأعقب هجومًا واسعًا شنّته قوات النظام بدعم روسي على مدى ثلاثة أشهر.