أشلاء وأكوام ركام: شهادات من مجزرة عائلة علّوش في جباليا شماليّ غزة

أشلاء وأكوام ركام: شهادات من مجزرة عائلة علّوش في جباليا شماليّ غزة

زمن برس، فلسطين:  كان المشهد في شارع غزّة القديم بحيّ جباليا البلد شمال قطاع غزّة، مليئًا بالفوضى والغبار والدخان المتصاعد من الأنقاض والحطام المتناثر، جرّاء ارتكاب الجيش الإسرائيليّ مجزرة جديدة بحقّ المدنيّين الآمنين النائمين في مبنى سكنيّ لعائلة "علّوش"، فجر الأحد.

أشلاء الأطفال والضحايا بدت مختلطة بالركام الّذي كان يومًا منزلًا لعائلة "علّوش"، والّذي استهدفته الطائرات الحربيّة الإسرائيليّة بصواريخ شديدة الانفجار فجأة أثناء نوم ساكنيه والنازحين بداخله، ليتحوّل في لحظات إلى كومة من الأنقاض.

آثار الحطام انتشرت في كلّ مكان، ولم يبق القصف شيئًا على حاله؛ فقد سوّي المبنى المكوّن من 3 طوابق بالأرض، وتوافد الجيران مسرعين إلى المكان سعيًا لإنقاذ الأطفال والنساء والسكّان وما يمكن إنقاذه من وسط الدمار.

بأيد عارية، ومع غياب المعدّات، كان المواطنون يزيلون الأنقاض بجهود فرديّة، حيث لجأوا للحفر بأيديهم وأدوات بدائيّة، في محاولات يائسة للوصول إلى الضحايا، وفق الحاجّ عبد الناصر علّوش، أحد أقارب العائلة وشاهد عيان على المجزرة.

ويضيف علّوش: "مع كلّ كومة حجارة يتمّ إزالتها، تتكشّف مشاهد مؤلمة، إذ تتساقط الحجارة على جثث الأبرياء من نساء وأطفال، غطّت أجسادهم الرمال والغبار، ولم يبق من ملامح وجوه البعض منهم إلّا القليل".

وتحوّلت المنطقة بأكملها - بحسب الحاجّ الخمسينيّ - إلى ساحة دمار وخراب، في لمح البصر، فجميع المباني المحيطة تضرّرت من شدّة القصف، وأصيب العشرات بجراح وحالات خوف وفزع.


جثامين من عائلة علّوش ممّن استشهدوا في القصف الإسرائيليّ على جباليا

ويتابع: "هذه المنطقة الّتي كانت مليئة بالحياة أضحت مكانًا مليئًا بالصراخ والبكاء، والناس تحمل الضحايا على قطع من القماش والبطّانيّات نحو عربات الكارو (تجرّها الخيول والحمير، وأصبحت البديل عن سيّارات الإسعاف للمصابين الفلسطينيّين خلال فترة الحرب) والسيّارات المدنيّة ومركبة إسعاف واحدة هي المتاحة في المكان".

وفي المستشفى المعمداني، الّذي استقبل هذا الكمّ الكبير من الشهداء والجرحى، كان بالكاد يستطيع تلبية الاحتياجات المتزايدة في ظلّ نقص المعدّات والمستلزمات الطبّيّة والأدوية.

ويقول الشابّ سائد محمّد، أحد جيران المنزل المستهدف والدموع على وجنتيه: "شاهدت أكثر من 30 قتيلًا وعشرات الجرحى بعد تدمير المنزل بصواريخ شديدة الانفجار، 3 طوابق سوّيت بالأرض بشكل كامل، وأصبحت أثرًا بعد عين".

وبينما كان محمّد يقف داخل مستشفى المعمداني في مدينة غزّة، مرافقًا للمصابين من عائلته بفعل القصف الإسرائيليّ العنيف، تعرّف على جثّامين عدد من شهداء عائلة علّوش والنازحين لديهم من أحفاد صاحب المنزل.

ويشير بيده إلى جثمان طفلة صغيرة بين عدد من الجثّامين الملقاة على الأرض في ساحة المستشفى، يقول: "هذه الطفلة نزحت مع عائلتها من معسكر جباليا إلى جباليا البلد هربًا من القصف والغارات الإسرائيليّة، لكنّ الموت لاحقها إلى حيث نزحت واستشهدت في منزل جدّها".

ويضيف باستغراب واستهجان: "غالبيّة هذه الجثّامين لأطفال وهم أشلاء، فما الذنب الّذي اقترفته هذه العائلة؟! وما الدافع لقتل هؤلاء الأطفال الأبرياء؟!".

ويبيّن أنّ "هذه العائلة لا ينتمي أفرادها لأيّ تنظيم فلسطينيّ، ولا علاقة لها بأيّ عمل عسكريّ، وإنّما جميع أفرادها هم من المدنيّين، لكن للأسف لم ينج أحد ممّن كانوا داخل المنزل".

ويؤكّد أنّ الإصابات الّتي وصلت المستشفى المعمدانيّ بمدينة غزّة، جميعها من الجيران، وليست من العائلة.

وفجر الأحد، استشهد 36 فلسطينيًّا بينهم 15 طفلًا، وأصيب العشرات بجرّاح، ولا يزال عدد في عدّاد المفقودين تحت الأنقاض جرّاء قصف طائرات حربيّة إسرائيليّة منزلًا مأهولًا بالسكّان لعائلة "علّوش" في بلدة جباليا، وفق مصدر طبّيّ لمراسل الأناضول.

وكان المنزل مكوّنًا من 3 طوابق، ويؤوي عشرات النازحين إضافة لأصحاب المنزل.

وفي 5 أكتوبر/تشرين الأوّل الماضي، بدأ الجيش الإسرائيليّ اجتياحًا برّيًّا في شمال قطاع غزّة، بذريعة "منع حركة حماس من استعادة قوّتها في المنطقة".

بينما يقول الفلسطينيّون إنّ إسرائيل ترغب في احتلال شمال القطاع وتحويله إلى منطقة عازلة بعد تهجير سكّانه، تحت وطأة قصف دمويّ متواصل وحصار مشدّد يمنع إدخال الغذاء والماء والأدوية.

وبدعم أميركيّ ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعيّة بغزّة، خلّفت أكثر من 146 ألف شهيد وجريح فلسطينيّين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنّين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانيّة بالعالم.

وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدوليّ بإنهائها فورًا، وأوامر محكمة العدل الدوليّة باتّخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعيّة وتحسين الوضع الإنسانيّ الكارثيّ بغزّة.