كيف يتناول الإعلام الغربي قضية الأسرى الفلسطينيين؟
زمن برس، فلسطين: منذ السابع من أكتوبر لم تنفك وسائل الإعلام الغربية من تناول قضية الأسرى الإسرائيليين لدى الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، في وقت يجري تجاهل شبه تام للأسرى الفلسطينيين الذين استشهد منهم أكثر من 15 أسيرا في ظروف غامضة، وسط تأكيدات من مؤسسات حقوقية وشهادات من أسرى محررين أنهم تعرضوا للتعذيب القاتل.
ازدواجية في المعايير .. وتلاعبٌ بالمصطلحات لصالح إسرائيل
وإذا ما عدنا قليلاً إلى الأشهر الماضية، أظهرت عدة وسائل إعلام أجنبية ازدواجية المعايير التي تتعامل بها فيما يخص القضية الفلسطينية والحرب على غزة، حيث كانت قد ارتكبت هيئة البث البريطانية الـ"بي بي سي"، خطًأ من خلال تحريف الترجمة لإحدى الأسيرات الفلسطينيات المحررة من سجون الاحتلال في صفقة التبادل التي تمت بين إسرائيل وحماس في 24 نوفمبر 2023، حيث أشارت الأسيرة إلى إجراءات الاحتلال التعسفية بحقهم، فيما جرى تحويل مضمون هذا الكلام بشكلٍ كامل بما يخدم مصلحة إسرائيل.
وعقب ذلك تعرضتالهيئة لهجوم واسع على مواقع التواصل بسبب هذا التحريف ما دفعها إلى نشر نسخة أخرى من التقرير مدعيةً بأنه حذف بسبب خطأ في المونتاج والتحرير.
وحينما تناولت خبر إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين من الأطفال، وصفتهم بالمراهقين، في حين أشارت إلى أطفال الجانب الإسرائيلي بلغة استعطافية وملفتة للغاية، فيما عمدت صحيفة الغارديان البريطانية في ذات الحادثة، لوصف الأسرى الفلسطينيين بقولها: "الرهائن (الإسرائيليون) الذين سيفرج عنهم نساء وأطفال، والمعتقلون الفلسطينيون أيضًا نساء وأشخاص يبلغون 18 عامًا ودون ذلك، وقد تعرضت لهجوم واسع من النشطاء.
الأسرى الفلسطينيون.. "إرهابيون" بنظر الإعلام الغربي
ويفيدنا صحفي يعمل في وسائل إعلام أجنبية بهذا الإطار ويقول "الإعلام الغربي يتعامل بعنصرية مع الأسرى الفلسطينيين ويعتبرهم (إرهابيون) سجُنوا لقيامهم بأعمال قتل وتخريب"
ويضيف الصحفي للنجاح- والذي فضل عدم الكشف عن إسمه- بأننا على المستوى المحلي الفلسطيني لم نقدم رؤية واضحة لإيصال رسالة وصورة الأسرى الفلسطينيين للعالم الخارجي، حيث يتم التركيز على قضيتهم وأنسنتها فقط بعد خروج الأسير من السجن، ويتم تسليط الضوء على ذلك بشكلٍ محدود وقصير، مقابل ما يحاول الإعلام الغربي تصويره عند خروجهم بأن ذلك يأتي ضمن نهج ديمقراطي تمارسه إسرائيل بحق هؤلاء.
"وسائل الإعلام الإسرائيلية استخدمت في بداية أحداث 7 أكتوبر مصطلح الأسرى الإسرائيليون، وبعد ذلك عملت على تغييره كونه يتوازى مع الأسرى الفلسطينيين، بعدم رغبتها الجمع بين الحالتين، ووصفتهم بالمختطفين من عصابات معينة، في وسيلة ممنهجة لخلق العداء للطرف الآخر وعدم التعاطف معه وتجريمه" يضيف الصحفي للنجاح
الأسرى الفلسطينيون لا يأخذون حيزاً كبيراً في الإعلام الأجنبي
فيما يرى الصحفي وليد بطراوي العامل في وسائل الإعلام الأجنبية، أن قضية الأسرى الفلسطينيين لا تأخذ حيزاً كبيراً في الإعلام الأجنبي، لكنه يشير إلى تحقيق لشبكة CNN أجريّ مؤخراً وكشف الفظائع المرتكبة في السجون بحق الأسرى، وقد بني التحقيق على شهادات من الأطباء والسجانين دون ذكر هوياتهم.
ويبين بطراوي أن الإعلام الغربي لديه مواضيع أخرى يتناولها بقضاياه ومشاكله المختلفة، وارتكزت تغطيته الإعلامية في الآونة الأخيرة على التظاهرات والاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريكية والأوروبية.
ويشير بطراوي إلى المفاضلة لدى الإعلام الغربي في تغطيته للرهائن الإسرائيليين أحياناً والتركيز على أنهم مختطفين بظروفٍ سيئة وأنسنة قضيتهم، فيما يشار للأسرى الفلسطينيين إلى أن قضيتهم قديمة، ويتم اعتقالهم على خلفية ارتباطهم بعمليات قتل، وهذا يؤكد أن لا عدل في هذه المسألة.
فيما يلفت بطراوي إلى أنه بالنسبة للرهائن الإسرائيليين هناك حراك يومي لقضيتهم وهذا يفرض الأجندة على وسائل الإعلام الأجنبية لتغطيته، بينما حراكات لا تكاد تذكر تقام من أجل الأسرى الفلسطينيين على المستوى المحلي والدولي.
ويختتم بطراوي حديثه للنجاح، "لكن في ذات الوقت هناك عدة وسائل إعلام غربية عريقة تحترم مكانتها وتتحدث عن الفلسطينين داخل سجون الاحتلال"
تفاعل جيد.. وتحولات مهمة واستراتيجية
فيما قيم رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدورة فارس تغطية الإعلام العالمي لقضية الأسرىأنها ليست بهذا الزخم، مشيراً في هذا الشأن بأن المشاهد الدامية في غزة سيطرت على المشهد الإعلامي، وهذا أمر محق، بما يجعل قضية الأسرى تتراجع إلى الوراء في التركيز عليها، ويضيف قدورة قائلا "لكن أن تتحدث شبكة CNN وتخصص من وقتها للتحدث عن المعتقلين من قطاع غزة وما يعانون من ظروف سيئة، أثار هذا الأمر اهتمام قطاعات واسعة ممن يعملون في المؤسسات الرسمية وغيرها"
وتبين الهيئة أن هناك تفاعل جيد، معبرةً عن رضاها للحراكات الشعبية الطلابية ومن أسمتهمبأحرار العالم مشيرةً في ذلك "هذا أمر مطمئن، ويدلل على أن روايات اسرائيل بدأت بالتبدد والتصدع، وكشفت زيف الإداعات الإسرائيلية، وهذه تحولات مهمة جداً واستراتيجية".