إعلام إسرائيلي: خلاف شديد بين الموساد والخارجية بعد تسريب لقاء المنقوش.. ومجلس النواب الليبي يرفض التطبيع
زمن برس، فلسطين: كشفت قناة إسرائيلية رسمية، الإثنين 28 أغسطس/آب 2023، عن خلاف شديد نشب بين جهاز المخابرات (الموساد) ووزارة الخارجية بعد تسريب خبر اللقاء السري بين وزير الخارجية إيلي كوهين ونظيرته الليبية نجلاء المنقوش، في الوقت نفسه أعلن رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، "رفض التطبيع مع إسرائيل والتمسك بالدفاع عن القضية الفلسطينية".
وقالت قناة "كان" التابعة لهيئة البث الرسمية، إن "الطاقم السري للموساد الذي عمل لسنوات في الملف الليبي تضرر بشكل كبير، بعد الكشف عن اللقاء بين كوهين والمنقوش". وأضافت: "هناك جدل حول مستوى هذا الضرر، ولا أحد يعرف بعدُ ماذا سيكون الوضع في المستقبل".
توتر كبير بين الموساد والخارجية الإسرائيلية
قناة "كان" أردفت: "إن صح ما أكدته مصادر سياسية في إسرائيل من أن رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا، عبد الحميد الدبيبة، كان يعلم بشأن اللقاء، فهذا يعني أن العلاقات معه الآن قد تضررت".
ومضت القناة بالقول: "الآن هناك توتر شديد واتهامات متبادلة بين الموساد والخارجية الإسرائيلية حول هذه المسألة وفي كل ما يتعلق بالعلاقة الحساسة لإسرائيل مع الدول التي لا ترتبط معها بعلاقات دبلوماسية".
في سياق متصل، قال عميحاي شتاين، المراسل السياسي للقناة ذاتها، مساء الإثنين، إن "وزارة الخارجية الإسرائيلية أرادت أن تكشف عن اللقاء بعد عقده مباشرة الأسبوع الماضي، لكن في ليبيا طلبوا بشكل صريح من إسرائيل تأجيل الكشف عن اللقاء".
وأضاف خلال نشرة الأخبار المسائية: "كان الليبيون يخشون رد فعل سلبياً من الرأي العام ولذلك طلبوا التأجيل". وبحسب المصدر ذاته فإنه بعد تسريب الخبر أبلغت الخارجية الإسرائيلية ليبيا أنها ستنشر بياناً عن اللقاء وبأنه "ليس لديها خيار آخر".
إسرائيل تتنصل من أزمة لقاء كوهين والمنقوش
في وقت سابقٍ الاثنين، تنصلت الخارجية الإسرائيلية من المسؤولية عن تسريب اللقاء المثير للجدل.
وقالت الوزارة في بيان وصلت إلى الأناضول نسخة منه: "خلافاً للتقارير، فإن التسريب بشأن اللقاء مع وزيرة الخارجية الليبية لم يأت من الوزارة أو مكتب الوزير"، دون توضيح الجهة التي سربته، على حد زعمها.
يذكر أنه في الأسبوع الماضي التقى وزير الخارجية الإسرائيلي كوهين في العاصمة الإيطالية روما، نظيرته الليبية المنقوش، وفق ما أعلنته الخارجية الإسرائيلية في بيان، الأحد.
وعقب ذلك، أصدر رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة، قراراً يقضي بإيقاف المنقوش عن العمل احتياطياً وإحالتها إلى التحقيق.
فيما قالت وزارة الخارجية الليبية إن "ما حدث في روما لقاء عارض غير رسمي وغير معد مسبقاً، أثناء لقاء مع وزير الخارجية الإيطالي".
البرلمان الليبي يرفض التطبيع
من جانبه أعلن رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، الإثنين، "رفض التطبيع مع إسرائيل والتمسك بالدفاع عن القضية الفلسطينية".
جاء ذلك في كلمة لصالح خلال جلسة طارئة عقدها مجلس النواب في مقره بمدينة بنغازي شرقي البلاد؛ لبحث لقاء وزيرة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية نجلاء المنقوش، مع نظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين، في إيطاليا، الأسبوع الماضي. وخلال الجلسة ارتدى النواب المشاركون فيها الكوفية الفلسطينية تعبيراً عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني.
وشدد صالح، في كلمته، على "رفض التطبيع مع إسرائيل والتمسك بالدفاع عن القضية الفلسطينية".
وقال إن "فلسطين قضية المسلمين ولا يحق لأحد المساومة عليها وإنما يجب العمل على بناء دولتها وعاصمتها القدس".
وأضاف: "نرفض أي شكل من أشكال التواصل مع الكيان الصهيوني وندين كل من تواصل معه".
من جانبه، قال النائب عبد السلام نصية، خلال الجلسة، إن "الرفض الشعبي الكبير في ليبيا رسالة واضحة لكل من تسول نفسه التعامل مع الكيان الصهيوني".
وطالب النائب عبد المنعم العرفي، النائب العام الليبي، بمحاسبة كل من كانت له صلة بلقاء المنقوش مع وزير خارجية إسرائيل.
أما النائبة سلطة المسماري، فقالت في كلمتها، إن "اللقاء يمثل خيانة عظمى وجريمة يجب أن لا تمر دون محاسبة".
وعقب الجلسة، تلا الناطق باسم مجلس النواب عبد الله بليحق، بياناً قال فيه، إن "حكومة الدبيبة لا تمثل الشعب الليبي منذ تاريخ سحب الثقة منها".
مطالب بالتحقيق مع حكومة الدبيبة
من جهته طالب بيان المجلس، النائب العام الليبي بـ"التحقيق مع حكومة الدبيبة بشأن التواصل مع الكيان الصهيوني".
كما دعا إلى "تشكيل لجنة من مجلسي النواب والأعلى للدولة للعمل على آلية تشكيل حكومة جديدة بالتعاون مع البعثة الأممية تعمل على تنفيذ الانتخابات".
ولم يصدر تعليق من حكومة الوحدة الوطنية الليبية بشأن بيان مجلس النواب حتى الساعة الـ20:00 ت.غ.
ويناهض مجلس النواب حكومة الدبيبة بعد أن سحب منها الثقة في العام 2021، وكلف حكومة أخرى مكانها تعمل من شرقي البلاد، في فبراير/شباط 2022.
وجراء ذلك نشبت أزمة سياسية في البلاد، حيث يرفض الدبيبة تسليم السلطة إلا لحكومة تكلف عبر برلمان جديد منتخب، فيما تجري جهود أممية وليبية لبلوغ تلك الانتخابات وتشكيل حكومة جديدة موحدة قبل ذلك تشرف عليها.
المطالبة بتحقيق قضائي
في سياق متصل طالبت شخصيات ليبية، الإثنين، النائب العام بفتح تحقيق قضائي بعد لقاء وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية نجلاء المنقوش في روما مع نظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين.
جاء ذلك في بيان مشترك، وقعت عليه 26 شخصية ليبية، بينهم أعضاء بمجلسي النواب والدولة ومرشحون لرئاسة البلاد وأكاديميون ونشطاء.
وأدان الموقعون على البيان الذي تلقت الأناضول نسخة منه "اللقاء بأشد العبارات استناداً للدين والقيم والأخلاق والقوانين الوطنية".
وأضافوا أن هذه اللقاءات "تمنعها التشريعات والقوانين التي تعتبر أن التواصل مع الكيان الصهيوني السري والعلني مجرم أخلاقياً وقانونياً بموجب القانون رقم 57 لسنة 1962 ".
ومن بين الموقعين على البيان أعضاء بمجلس الدولة الليبي، بينهم نزار كعوان وهناء العرفي وعادل كرموس وأمنة مطير.
كما وقع البيان أعضاء بمجلس النواب، بينهم سلطة المسماري ومحمود محمد، ومرشحون رئاسيون بينهم أسعد زهو وإسماعيل اشتيوي.
الموقعون على البيان طالبوا برفع دعوى قضائية لدى النائب العام ضد "كل من رتب ونسق ونفذ هذا اللقاء المشؤوم؛ لكونه يعتبر انتهاكاً لمواد القانون الليبي".
وأكد الموقعون أن "هذا التصرف لا يعبر عن الموقف الشعبي والرسمي للشعب الليبي وللدولة الليبية". وتابعوا أن "حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة خالفت بتصرفها هذا الإرادة الوطنية تجاه هذا الملف".
وأكد الموقعون أن "مثل هذه اللقاءات مع وزير خارجية الكيان الصهيوني لا ينبغي أن تكون على حساب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني".
موجة غضب في ليبيا
أثار الإعلان عن لقاء المنقوش وكوهين موجات غضب واسعة في ليبيا، حيث استنكرت ذلك أحزاب سياسية، وخرج المئات من الليبيين في مدن طرابلس والزاوية وبنغازي والمرج؛ للتعبير عن رفضهم للقاء.
ويحظر القانون الليبي رقم 62 والصادر عام 1957 على كل شخص طبيعي أو اعتباري أن يعقد بالذات أو بالواسطة اتفاقاً من أي نوع مع هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل أو منتمين إليها بجنسيتهم أو يعملون لحسابها أو مع من ينوب عنهم.
ويعاقب كل من يخالف ذلك بالسجن مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد على 10 سنوات، ويجوز الحكم بغرامة مالية.
وكان رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، قد أصدر قراراً يقضي بإيقاف المنقوش عن العمل احتياطياً وإحالتها إلى التحقيق فور تداول الخبر.
إيلي كوهين يتنصل من تسريب اللقاء
في سياق متصل، جدد وزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، تنصله من تسريب لقاء جمعه الأسبوع الماضي، بنظيرته الليبية نجلاء المنقوش في إيطاليا، مدافعاً عن وزارته ضد معارضين اتهموها بـ"عدم الاحترافية".
وقال كوهين في تغريدة على حسابه بمنصة "إكس" مساء الإثنين: "تعمل وزارة الخارجية بانتظام من خلال القنوات العلنية والسرية، وبطرق سرية متنوعة، على تعزيز علاقات إسرائيل في العالم".
وتابع: "من المؤسف أن المعارضين السياسيين الذين لم يدفعوا نحو أي إنجاز يذكر، يندفعون إلى الرد دون أن يعرفوا التفاصيل ويتهموننا بتسريب لم يحدث".
وختم كوهين بتأكيد أن "هذه الهجمات لن تمنع وزارة الخارجية الإسرائيلية من إقامة وتعزيز العلاقات مع أصدقائنا الكثيرين في العالم، وفي العالم العربي على وجه الخصوص".