حلب: بين طهران وموسكو وتل أبيب

انتصار بشار الأسد وحلفائه في المدينة سيجعلهم يسعون إلى تحقيق المزيد من الانجازات

ايال زيسر

إن انتصار بشار الأسد في معركة حلب، هو أولا وقبل كل شيء انتصار لبوتين وحرس الثورة الإيراني والمقاتلين من قبل طهران في سوريا وحسن نصر الله زعيم حزب الله. التقى الثلاثة معا في تحالف واحد استطاعت موسكو من خلاله العودة كمنتصرة إلى الشرق الاوسط، أما إيران فقد ضمنت مكانتها كقوة عظمى اقليمية لها تأثير. بين موسكو وطهران توجد خلافات جوهرية حول المستقبل البعيد – من الذي يجب أن يسيطر في سوريا ويفرض على بشار خطواته. ولكن حتى الآن، وفي السنوات القريبة، فإن شراكة المصالح بينهم ستستمر، بل وستزداد.
توجد للأسد كل الأسباب كي يكون راضيا عن نجاحه في البقاء على مدى ست سنوات من الحرب الأهلية الدموية في بلاده. انتصاره في حلب يمنحه دفعة معنوية ويحرم المتمردون من الأمل في الانتصار في الحرب على سوريا. بدون أمل وبدون مساعدة حقيقية من الخارج، فإن فرصة معسكر المتمردين في تغيير الوضع في ميدان المعركة، آخذة في الزوال.  رغم أن التمرد لا زال بعيدا عن نهايته، ولا زال يحظى بتأييد أجزاء واسعة من المجتمع في سوريا.
إن من دفع ثمن انتصار بشار هم سكان حلب، التي دمرها الزعيم السوري بمساعدة حلفائه كي تتحول إلى نموذج ورمز لسكان المدن الاخرى في الدولة، وعلى رأسها العاصمة دمشق، كي لا يخطر ببال هؤلاء السكان الخروج ضده. ولكن يجب الاعتراف بأن التراجيديا في حلب، التي ينشغل العالم بها، هي نقطة في بحر واستمرار مباشر للحرب التي قتل فيها حتى الآن حوالي نصف مليون مواطن سوري، اضافة إلى 10 ملايين فقدوا منازلهم، وثلث السكان اصبحوا لاجئين خارج بلادهم. إن مصير حلب هو برهان واضح على أن المجتمع الدولي غير موجود، ويبدو أنه لن يكون موجودا أبدا، لا سيما بالنسبة للسكان المدنيين الذين وقعوا بين المطرقة والسندان وأصبحوا هدفا للنظام الديكتاتوري وحلفائه. حلب تُدمر وسكانها يُقتلون بالمئات والآلاف ويُطردون من منازلهم، لكن العالم يصمت، باستثناء بعض التنديد أو الأسف من قبل القادة في اوروبا والولايات المتحدة.
بالنسبة لإسرائيل، دروس معركة حلب واضحة. أولا، من يعلق آماله ومستقبله على مساعدة المجتمع الدولي سيخيب أمله. العالم مع الاقوياء والمنتصرين، ويفضل أن تسعى إسرائيل إلى تقوية نفسها كضمانة ضرورية، لو لم تكن وحيدة، لبقاء وجودها ونموها في المنطقة. ثانيا، الحرب في سوريا لن تستمر إلى الأبد. وانتهاءها بانتصار محتمل للنظام السوري وحلفائه قد يكون أسرع مما توقعته إسرائيل. الأسد عاد إلى حلب، ويحتمل أن يكون إلى هضبة الجولان التي خسرها لصالح المتمردين قبل عامين. ايضا نافذة الفرص التي فتحت أمام إسرائيل قبل بضع سنوات، بأن تعمل بشكل حر في سوريا ضد ارساليات السلاح إلى حزب الله، قد يتم اغلاقها.
ثالثا، حتى الآن لا زال بشار الأسد يخضع لتأثير موسكو، إيران وحزب الله. وللوهلة الاولى، موسكو هي صاحبة الموقف الاساسي. ولكن خلافا لروسيا التي توجد جوا وبحرا، وتعتبر ما يحدث في سوريا جزءا من لعبة دولية، فإن لإيران وحزب الله موطيء قدم على الارض على شكل الكثير من المقاتلين النظاميين أو المتطوعين في مليشيات شيعية جندتها إيران من اجل القتال في سوريا.
رابعا، الانتضار في المعركة على سوريا سيحرر القوى والطاقات لدى إيران وحزب الله من اجل التوجه إلى الهدف التالي. فهما لا يبحثان عن مواجهة مع إسرائيل، ويرتدعان عن دفع الثمن، لكن الجرأة والتحريض سيتغلبان بلا شك في اليوم التالي. وأخيرا، الإرهاب والراديكالية الاسلامية لن يختفيا، بل سيتعززان، حيث ستتحول الاحداث في سوريا إلى ادوات لتجنيد الدعم ومحرك لعمليات اخرى. إسرائيل بعيدة عن حلب مئات الكيلومترات، لكن يحتمل أن تدفع هي ايضا ثمن التراجيديا التي حدثت هناك. كل ذلك يجب أخذه في الحسبان والاستعداد لمواجهته.

إسرائيل اليوم