سفير تل أبيب في القاهرة: لم نتوقع أن تصل العلاقة مع مصر لهذا المستوى

زمن برس، فلسطين: أشاد السفير الإسرائيليّ في مصر، دافيد غوفرين بدفء العلاقات بين القاهرة وتل أبيب، وقال إنّه في الذكرى الـ39 لزيارة الرئيس المصريّ الراحل، أنور السادات، إلى الدولة العبريّة، يُمكن القول الجزم إنّ القضية الفلسطينيّة لم تعُد تتصدّر سُلّم الأولويات في الشارع المصريّ، المُنشغل من رأسه حتى أخمص قدميه في المشاكل الاقتصاديّة الصعبة التي تُعاني منها بلاد النيل، وفي مُقدّمتها ارتفاع نسبة البطالة، وزيادة أسعار المواد الأساسيّة والبنزين، على حدّ تعبيره.
يُشار إلى أنّ الحكومة الإسرائيليّة أعلنت عن تعيين غوفرين سفيرًا لتل أبيب في القاهرة في شهر شباط (فبراير) من العام الجاري، وقدّم أوراق اعتماده للرئيس المصريّ، عبد الفتّاح السيسي في الـ31 من شهر آب (أغسطس) المُنصرم. وجديرٌ بالذكر إنّ المناسبة تخللها إسماع النشيد الوطنيّ الإسرائيليّ داخل قصر الاتحاديّة.
وتابع غوفرين قائلاً في مقالٍ نشره اليوم الخميس في صحيفة (يديعوت أحرونوت) الإسرائيليّة، تابع إنّ المُستجدّات الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط، دفعت النظام الحاكم في مصر للعمل على تشكيل حلفٍ سُنيٍّ واسعٍ على أساسٍ أمنيٍّ-إستراتيجيّ، وفقاً لصحيفة "رأي اليوم".

وشدّدّ السفير على أنّ إسرائيل تُعتبر لدى المصريين عاملاً أساسيًا في جلب الاستقرار للمنطقة، بسبب حربها التي لا تتوقّف ضدّ حركة المُقاومة الإسلاميّة (حماس) وضدّ تنظيماتٍ إرهابيّةٍ أخرى في الشرق الأوسط، على حدّ وصفه.
مع ذلك، أضاف أنّ تطوير العلاقات المصريّة-الإسرائيليّة في المجالات المدنيّة لم يُحرز تقدّمًا، عازيًا هذا الأمر إلى رفض الإسلاميين والناصريين لهذا التطبيع، مُشيرًا في الوقت عينه إلى أنّ أحد أهّم على ذلك، قيام مجلس النواب المصريّ بإبعاد توفيق عكاشة من منصبه، بعد أنْ اجتمع معه في القاهرة، بالإضافة إلى رفض لاعب الجودو المصريّ مُصافحة اللاعب الإسرائيليّ خلال الألعاب الأوليمبيّة التي جرت مؤخرًا في البرازيل.
وبرأي السفير غوفرين، فإنّه خلافًا لاتفاق السلام بين إسرائيل والأردن، الذي شدّدّ على الجوانب الاقتصاديّة في علاقات الدولتين، فإنّ حصّة الأسد من اتفاق السلام المصريّ-الإسرائيليّ تمحورت حول الأبعاد الأمنيّة للعلاقات الثنائيّة.
وأوضح أنّ مصر وإسرائيل تمكّنتا من تطوير العلاقات الأمنيّة بينهما، كما أنّ بلاده وافقت على السماح للجيش المصريّ بالعمل ضدّ الإرهابيين في شبه جزيرة سيناء، خلافًا لما نصّ عليه المُلحق الأمنيّ في الاتفاق المُوقّع بينهما، وذلك من مُنطلق تساوق المصالح بين البلدين في حربهما ضدّ ما أسماه بالإرهاب.
وخلُص السفير غوفرين إلى القول إنّه قبل أربعة عقود لم نحلم بأنْ نصل إلى هذا المُستوى من التعاون الأمنيّ مع مصر، مُعربًا عن أمله في أنّ التفاهمات الأمنيّة الإسرائيليّة-المصريّة، التي تعتمد على الثقة المُتبادلة بين الطرفين، ستكون بمثابة مُحفزٍ لفتح الطريق أمام توسيع العلاقات الاقتصاديّة والزراعيّة والسياحيّة لمصلحة الدولتين، على حدّ تعبيره.
وكان السفير غوفرين قد قال مؤخرًا لموقع (NRG) الإسرائيليّ اليمينيّ إنّ “الجماعات الإسلاميّة تُعتبر تحديًا أمنيًا مشتركًا للبلدين، اللذين يسعيان للمحافظة على الاستقرار ومحاربة الإرهاب، وأنا سعيد جدًا بكوني جزءً من الجهد المشترك ومنظومة العلاقات التي تقوي هذا التعاون الثنائيّ”.
وشدّدّ الموقع على أنّ مستوى التعاون الأمنيّ بين مصر وإسرائيل ما زال سريًّا، ولم يرد التحدّث بشأنه في الحوار، مضيفًا أنّ السفير قال إنّه كان شاهدًا خلال السنوات العشرين الماضية على العديد من الفعاليات المشتركة بين الجانبين، بينها زيارة وزراء من الطرفين ومديري شركات اقتصادية وصحافيين وجهات أخرى.
وأشاد غوفرين، الحاصل على دكتوراه في تاريخ الشرق الأوسط، ويُجيد اللغة العربيّة، أشاد في المقابلة بالزيارة المهمّة التي قام بها وزير الخارجية المصريّ سامح شكري مؤخرًا لتل أبيب، وكان لها دور مهم في إظهار حجم التقدم بالعلاقات بين البلدين، بحسب قوله.
وعلى الرغم من الإشادة بحرص القاهرة الرسميّ على العلاقات مع إسرائيل أقرّ السفير غوفرين بوجود فجواتٍ قائمةٍ في العلاقات بين المجتمعين، حيث ما زال المجتمع المصريّ يكّن مشاعر العداء والكراهية لإسرائيل.
وأضاف أنّه يعمل على تطوير علاقات الدولتين، وإقامة جسور للتواصل بين المجتمعين المصريّ والإسرائيليّ من خلال عدّة مجالات اقتصاديّة وتجاريّة وزراعيّة، فضلاً عن تحسين علاقات الدولة العبريّة بالمجتمع المدنيّ المصري.
كما عبّر ضمنيًا عن تأثير الرفض الشعبيّ المصريّ للتطبيع مع إسرائيل، وقال في المقابلة التي أجريت معه: “لو كنت أستطيع الخروج من ساحة بيتي المُحصّن أمنيًا لقمت بالتجول في شوارع القاهرة التي أحبها كثيرًا”.
يُشار إلى أنّ تل أبيب رضخت للطلب المصريّ، وأصبح بيت السفير الإسرائيليّ في القاهرة هو المقّر الجديد للسفارة.

حرره: 
م.م