دخلت المستشفى لتجري عملية تجميل..فخرجت جثة هامدة

زمن برس، فلسطين: "الفساد الطبي" قتل سوزان منصور (43 عاماً) . الشابة اللنانية التي دخلت لتجري عملية تجميلية بسيطة وقعت ضحية "منتحل صفة"، على ما تقول عائلتها.

وفي الوقت الذي تجري فيه نقابة الأطباء اللبنانية تحقيقاً في الحادثة، تستغرب كيف يمكن لمستشفى ألّا يعرف هوية الأطباء الذين يمارسون عملهم فيه؟ وهو سؤال يفتح الباب واسعاً أمام أسئلة كثيرة عن الواقع الطبي الغارق، في بعض مفاصله، في مستنقع الفساد.

أوّل من أمس، شُيّعت الشابة سوزان منصور (43 عاماً) إلى مثواها الأخير. حملت "خبريّتها" ورحلت، تاركة خلفها قصصاً كثيرة عن موتها الذي حلّ باكراً. قصص بقيت مبعثرة ولم تستحل، حتى الآن، رواية دقيقة، وإن كانت تدور بمعظمها، حول قضيّة واحدة، هي: الفساد الطبي.

في الروايات التي أعقبت موتها، تحدّث الكثيرون عن الصبيّة التي دخلت لإجراء عملية تجميلية وخرجت محمّلة على الأكف. قالوا الكثير عن هذا "الموت المأساوي"، كما يصفه الدكتور ريمون الصايغ، نقيب الأطباء في بيروت، وعائلتها أيضاً التي خسرت "صبيّتها بغمضة عين"، يقول شقيقها وسام منصور.

يروي شقيقها القصة. لا يجد سوى تعبير "الفساد" لتوصيف ما حدث. يقول إنّ شقيقته "دخلت لإجراء عملية تجميلية لبطنها في مستشفى صور الحكومي، وطمأنها الطبيب ن. ن إلى أنه سيجري العملية على نفقة وزارة الصحة، بحجة أنها عملية تمزق عضلي".

في اليوم المحدَّد للعملية "حضر طبيب البنج م. إ. وحقنها بإبرة بنج، وبعد ربع ساعة، دخل ن. ن لإجراء العملية، فوجد شقيقتي وقد توقف قلبها وازرقّ لونها، فنادى طبيب القلب الذي عمل على إنعاشها بصدمات كهربائية، أعادت إليها النبض، ثم نقلوها إلى المستشفى اللبناني الإيطالي، حيث تبيّن نتيجة الفحوص أنها أصيبت بورم دماغي بعد انقطاع الأوكسيجين عنها مدة طويلة". هنا، بدأ منصور بالبحث عن مستشفى آخر، "لكن أحداً لم يوافق على استقبالها باستثناء مستشفى الجامعة الأميركية الذي وافق، شرط الحصول على مبلغ 35 ألف دولار أميركي"! وافقت العائلة "ولكن عندما ذهبنا لتسوية الوضع في مكتب الدخول كانت المفاجأة بوضع شقيقتي على لائحة الانتظار". عندها، توجه أقرباء "الضحية" إلى مستشفى بيروت الحكومي، "فاستقبلوها وبقيت 3 أيام، وهي في حالة الموت السريري قبل أن تفارق الحياة".

منصور، الذي يعيش صدمة موت شقيقته، يشير إلى أنّ "العائلة علمت من أحد الأطباء في مستشفى صور الحكومي أنّه جرى توقيف الطبيبين ج. ن وم. إ عن العمل لحين إجراء التحقيقات اللازمة"، وهو ما لم تقله وزارة الصحة التي أشارت إلى أنها "طلبت ملف منصور من مستشفيي صور واللبناني الإيطالي، وطلبت من مديريها والطبيبين الحضور بعد غدٍ الخميس إلى الوزارة مع ملفاتهم"، مع الإشارة إلى أن "طبيباً آخر قد سافر إلى مصر".

بانتظار تحقيق الوزارة، أكّد منصور أنّ "العائلة ستتقدم بدعوى أمام القضاء، بعد غدٍ الاثنين، بتهمة التسبب بموت شقيقتي بخطأ نرجّح أن يكون كمية البنج التي وضعت لها وقيام منتحل صفة، غير مسجّل في نقابة الأطباء بإجراء عملية بطريقة ملتوية، وقد تحققنا من الأمر، وهو يجري أعماله الطبية على اسم ابن عمه الطبيب ج. ن في مستشفى صور الحكومي". أما إدارة المستشفى، فترفض الحديث، مشيرة إلى أنّ "وزارة الصحة تسلمت منها تقريراً طبياً مفصلاً، وقيادة الجيش التي تدير المستشفى". مع ذلك، يشير مصدر في المستشفى إلى أنّه "لا وجود لطبيب باسم ن. ن في المستشفى، لدينا ن. ن ولكنه طبيب أطفال وهو مسافر منذ فترة وج. ن فقط". وهنا، يستغرب النقيب الصايغ ألا يكون المستشفى على علمٍ بوجود هذا الطبيب ضمن طاقمها الطبي. لا يجد الصايغ سوى القول بأنّ هذا "الأمر كارثي، إذ كيف يمكن أن يكون هناك طبيب بصدد إجراء عملية جراحية ولا يعرف به المستشفى؟" وفقاً لما نقلته صحيفة الأخبار اللبنانية.

أسئلة كثيرة تطرحها هذه القضية، وهي "مؤرقة"، يقول الصايغ. يحاول الأخير التطرّق إلى القضية من الناحية العملية، شارحاً كيفية "تخدير المريض، فحتى لو كان (الدوز) عالي مش مفروض تأثر سلباً، إلا إذا كان دوز خيالياً". وهنا يسأل: "هل وضعت المريضة على ماكينة البنج؟ هل حصل ردّ فعل ما على كمية المخدر؟(...)". أسئلة كثيرة تبقى "بلا أجوبة، بانتظار استكمال التحقيق الذي نجريه". يقول الصايغ: "صارت الحادثة ما بين غرفة العمليات والعناية المركزة، وهنا السؤال: كيف حدث ما حدث؟". هذا السؤال هو "لبّ" ما ستتخذ على أساسه النقابة قرارها، على أن الأمور تسير الآن وفق مرحلتين: "الأولى التأكد من ملفات الأطباء الذين تابعوا وضع الضحية، من الناحية القانونية، هل يملكون إذاً بمزاولة المهنة؟ هل لديهم ترخيص من النقابة ووزارة الصحة؟". في المرحلة الثانية "فلنسلّم جدلاً أن وضع الطبيب أو الأطباء ليس قانونياً، كيف يسمح مدير مستشفى بأن يعمل طبيب مجهول الهوية في غرفة العمليات؟"، على أنه "إذا ثبتت هذه الأمور، فسوف نتقدم بشكوى".

حرره: 
م.م