صناعه الإعلان في السوق الفلسطيني (غاية أم وسيلة)

بقلم: 

السوق الفلسطيني وعلى الرغم من التحديات والمحددات التي تواجهه كغيره من الاسواق العالمية يتأثر بالمنافسة وانفتاح الاسواق العالمية بحديها السلبي والإيجابي , والسؤال الدائم هل السوق الفلسطيني والشركات المحلية على مستوى من المواكبة والتزامن مع التطورات الحاصلة في شتى مجالات التسويق ؟ لتحليل ذلك يمكن الإسترشاد بجملة من المؤشرات والتي يمكن من خلالها الاستدلال على مدى التوجه نحو التسويق الحديث ,وأبرز تلك المؤشرات هي النشاطات والممارسات الترويجية ,لأنها تمثل الإنعكاس لما يتم انتاجه وطرحه في الأسواق وبالتالي يفترض أن تكون واحدة من أهم المعايير التي يمكن تقييم النشاطات التسويقية اعتمادا عليها وبالأخص الأداة الترويجية الأكثر استخداما وشيوعا وهي الإعلانات .

وبشكل أجمالي عند تقييم الاعلانات المنتشرة في السوق المحلي للعديد من الشركات من منظور تسويقي وابداعي فان هناك العديد من النقاط والمحاور لابد من التطرق اليها وفي حالة تم تداركها والتعاطي معها بأسلوب علمي فأن ذلك سيلقي بظلاله على تطور صناعة الإعلان في السوق الفلسطيني .

• الابحاث والدراسات الأرضية الصلبة لتوجيه الإعلانات

" الخطر الناجم من رجال الإعلان الذين يهملون الابحاث والدراسات يوازي خطر جنرالات الحرب الذين يتجاهلون ترجمة أشارات العدو " ( David Ogilvy)
الإعلان سلاح استراتيجي يخاطب عقول وأذهان الفئات المستهدفة بهدف توليد إستجابة مرغوبة للشركة المعلنة , وللحصول على الاستجابة المحمودة أو التنبؤ بأنماط الاستجابة للإعلان لابد من التحليل والفهم الشمولي لخصائص وتفضيلات الجمهور المستهدف بالإعلان وتشخيص ابرز الدوافع التي تشكل وتوجه سلوك ورغبات الفئة المستهدفة , وقد يتعدى ذلك أحيانا الى الولوج الى الدوافع اللاشعورية الكامنة الموجهة للقرار الشرائي , وهنا يأتي دور الابحاث والدراسات العلمية التي تخرج بتوصيات حول الرسالة الاعلانية الأنسب اضافة الى القنوات الاعلانية الاكثر ملاءمة والعناصر الاخرى لعملية الإتصال من خلال الإعلان , ومن هنا فان نقطة البداية للنجاح في مجال الإعلانات للشركات في السوق المحلي تكون من دراسة السوق والفئات المستهدفة وتخصيص عناصر الإعلان وفقا لها .

• فلسفة الإعلان والتسلسل للوصول الى الاستجابة

نلمس عند البعض او العديد من الشركات المحلية التفسير الخاطئ لثقافة الاعلان ودوره كأداة تسويقية , فالإعلان كأداه تسويقية استثمار طويل الأجل يمر بمراحل متعددة , ولا يهدف دوما لخلق استجابة مرحلية فورية بل يتم تصميمه لإدارة سيكولوجيا وأدراك الزبائن , ومع مرور الوقت والتسلسل في خلق الاستجابات عند الجمهور المستهدف فإنه سيتم ترسيخ هوية العلامة التجارية للمؤسسة والصورة الذهنية الإيجابية في ذهن الفئات المستهدفة وبالتالي ستعود على الشركة بمنافع جمة , بمعنى آخر ان كانت الشركات تدير الحملات الاعلانية وتتوقع ان تؤتي أكلها بين ليلة وضحاها فان عليها أعادة النظر بمفهوم الإعلان , فهناك أدوات ترويجية أخرى غير الإعلان " كالتسويق المباشر " وأدوات " تنشيط المبيعات " والتي تتخصص في تحقيق الاهداف التسويقية قصيرة الأجل كرفع حجم المبيعات والارباح والسيولة الفورية .

• غياب الهدف والرؤية والإنعزال عن الإستراتيجية التسويقية

الأعلان أحد الادوات التسويقية الهامة , لذا لابد ان يكون منسجما ومتماشيا مع الأهداف و الخطة التسويقية ومحققا لها . فكفاءة الإعلان تتحدد بمدى مساهمته في تحقيق الاهداف الترويجية والتسويقية , فعناصر الاعلان من رسالة ومصدر وقناة ومحتوى وغير ذلك تصمم وفقا للهدف المحدد مسبقا للإعلان , وعند الوقوف لتحليل بعض الاعلانات من منظور تسويقي في السوق المحلي نواجه صعوبة و ضبابيه في تحديد الهدف الفعلي لعمل هذا الإعلان وكان تنفيذ الإعلان هو الغاية وليس الوسيلة .

• التركيز على الاختلاف

في عالم الإعلان عدم الإختلاف هو الإنتحار تقريبا (William Bernbach)
يترافق مع تطور الاسواق والأعمال والمنافسة زيادة في التحديات التي تواجه الاعلان , حيث يصبح رجال الاعلان أمام تحد في كيفية جذب انتباه الزبائن نحو اعلاناتهم مقارنة باعلانات المنافسين المتعددة , وهنا يأتي دور التميز والإختلاف ليكون حاسما في توجيه أنظار الزبائن للأعلانات الإبداعية , بينما لا تتعدى بعض الإعلانات كونها محتويات عابرة , فالشركات التي تسعى لأحداث صدى من خلال الإعلان فالإختلاف الأيجابي هو الوسيلة الوحيدة لذلك , حيث أن المؤشرات العلمية الناجمة عن الدراسات وحدها لا تكفي لصناعه الإعلان المؤثر بل يجب أن يكون هناك تكاملية ما بينها وبين الفن الابداعي في تصميم وتنفيذ الاعلان .

• التركيز على التنفيذ وغياب الفكرة الأبداعية

عند تحليل العديد من الاعلانات المنتشرة في السوق الفلسطيني من حيث التنفيذ والتصميم تبدو مميزة الى حد ما في مجال التنفيذ لكن من حيث الفكرة الابداعية تبدو منزوعة الدسم , وما تجدر الاشارة اليه ان الأولوية هي للفكره بينما التنفيذ يتم توليفه حسب الفكرة الأبداعية , ويمكن القول بثقة ان الفكرة أحيانا تشكل 90% من الابداع في الاعلان .

• التغذية الراجعة

الاعلان لا ينتهي بمجرد عرضه ومشاهدته من قبل الزبائن , فهناك مرحلة بالغة الأهمية متمثلة في دراسة وتحليل التغذية الراجعة المتمثلة في استجابات الجمهور المستهدف للاعلان سواء كانت استجابات ايجابية أم سلبية من أجل توظيف تلك المؤشرات في عملية التطوير والتعديل المستقبلي على عناصر الاعلان المختلفه .

*- محاضر التسويق في كلية العلوم الإدارية ونظم المعلومات – جامعة بوليتكنك فلسطين مدرب معتمد في مجال التسويق وريادة الأعمال