صناعة البرمجيات في فلسطين بين الواقع و المأمول

بقلم: 

تمثل صناعة البرمجيات (Software Industry) في يومنا هذا العصب الرئيسي لكافة الأعمال التجارية و الصناعية و الخدماتية بكافه أحجامها وأنواعها , كما تعتبر صناعة رائدة في عالم اليوم و المستقبل , وأصبحت واحدة من الصناعات الإستراتيجية الهامة شأنها شأن الصناعات العملاقة الأخرى الإنشائية , الكهربائية , الميكانيكية , الغذائية.

وتتناسب صناعة البرمجيات مع الحالة الفلسطينية التي تفرضها حالة الحصار وإغلاق المعابر، نظرًا لأن صناعة البرمجيات تعتمد أولا على الجهود الذهنية والفكرية ولا تحتاج إلى جهد عضلي, كما أن إعدادها لا يتطلب مواد خام أولية أو قطع غيار كباقى الصناعات التقليدية, وكل ما تحتاجة هو جهاز حاسوب موصول بالإنترنت , ومن هنا فإن أهميتها تكمن في كونها صناعة رائدة لها مستقبل وقادرة على أن تستوعب أعداد كبيرة من الخريجين ولا تحتاج إلى رأس مال ضخم.
ومن أهم ما يميز صناعة البرمجيات سهولة تصدير منتجاتها إلى خارج فلسطين وتحديدا من قطاع غزة  ، دون الاصطدام بعقبات الحصار وإغلاق المعابر ، حيث تستطيع الشركات المحلية تنفيذ البرمجيات في فلسطين بتكاليف وأسعار تتناسب مع الأسواق المستهدفة وتسويقها من خلال الإنترنت في الأسواق العربية والأوروبية.

وبالرغم من كل ما تم ذكرة عن صناعة البرمجيات إلا أننا لا نجد الإهتمام و الرعاية الكاملة بهذة الصناعة , لذا أصبح من الضروري تأسيس إتحاد تخصصى لصناعة البرمجيات في فلسطين ( الإتحاد الفلسطيني لصناعة البرمجيات ) , ليكون أحد أذرع الإتحاد العام للصناعات الفلسطينية مثله مثل اتحاد الصناعات الغذائية، اتحاد الصناعات الكيميائية, إلخ , ليساهم في تنظيم تلك الصناعة وتسليط الضوء عليها و إحتضان ورعاية الشركات الريادية في مجال صناعة البرمجيات , و إستغلال الطاقات الكامنة لدى الشباب للمساهمة في خفض معدلات البطالة المرتفعة بشكل عام وفي تخصصات تكنولوجيا المعلومات بشكل خاص حيث تعتبر نسبة البطالة في تخصصات تكنولوجيا المعلومات بالكارثية , حيث بلغت نسبة البطالة بين الخريجين في تخصص الحاسوب بفلسطين حسب مركز الإحصاء الفلسطيني عام 2014 حوالي 39.5% ، ما بين حاصلين على شهادتيْ الدبلوم والبكالوريوس.

كما سوف يساهم وجود الإتحاد التخصصى بتنظيم سوق البرمجيات والمطالبة بسن القوانين و التشريعات والأنظمة و اللوائح لتفعيل حقوق الملكية الفكرية ودعم صناعة البرمجيات بفلسطين , وإعطاء تسهيلات حكومية للشركات العاملة في هذا القطاع الهام , حيث أن صناعة البرمجيات قادرة على إحداث نقلة نوعية في الإقتصاد الفلسطيني وذلك عن طريق إعتماد خطة واضحة لتطوير هذا القطاع والإعتماد على فتح الأسواق العربية و الأجنبية لصادرات البرمجبات من فلسطين.
وبالرغم من المنح والمشاريع التي تلقاها قطاع تكنولوجيا المعلومات إلا أنة لايوجد لها أثر كبير على أرض الواقع , حيث أن معظمها مشاريع لحظية لا تعتمد على التنمية المستدامة , لذا أصبح من الضروري العمل على دراسة نجاحات العديد من دول العالم في هذا المجال وأهمها الهند التي تعتبر ثاني أكبر مصدر للبرمجيات بعد الولايات المتحدة الأمريكية، ويتم فيها تطوير حوالي 40% من البرمجيات المستخدمة في الهواتف الخلوية، كما تعتبر صناعة تقنية المعلومات إحدى القطاعات النشيطة في الاقتصاد الهندي، وتتخطى عائدات هذا القطاع 100 مليار دولار، حيث بلغت قيمة الصادرات 69 مليار دولار في عام 2012، وتوفر هذه الصناعة فرص عمل مباشرة إلى 2.8 مليون شخص، وفرص عمل غير مباشرة إلى 8.9 مليون شخص في الهند.

وفي النهاية نأمل بأن تكون فلسطين ذكية على أرض الواقع , وليس شعار يستخدم لحدث ما وينتهى مع إنتهاء الحدث.