استملاك الأراضي.. معضلة شركة سند

بقلم: 

من يراقب على أموال صندوق الاستثمار؟

 إذا رغبت بإجراء استقصاء بسيط حول صندوق الاستثمار الفلسطيني بعد معرفتك أن شركة "سند" للصناعات الإنشائية، هي شركة تابعة لصندوق الاستثمار الفلسطيني، الشركة سند التي برزت في الأخبار مؤخرا كشركة تنوي استملاك أراضي تابعة لمواطنين من قرى برقة وبزاريا وعنبتا وكفر رمان ورامين وتحويلها إلى محاجر ومقالع وإقامة مصنع إسمنت عليها، وقيل إنها تهدد حوالي 1800 دونم من الأراضي الزراعية الخصبة بين محافظتي نابلس وطولكرم.

تجد ما كتب على الصفحة الالكترونية عن صندوق الاستثمار الفلسطيني انه أنشئ كشركة مساهمة عامة محدودة، مملوكة من قبل الشعب الفلسطيني، مستقلة من الناحيتين المالية والإدارية، ولها مجلس إدارة وهيئة عامة مستقلتين. ويدير الصندوق مجموعة من المحافظ والبرامج والشركات الاستثمارية التابعة له والتي تستثمر بدورها في مجموعة من المشاريع الحيوية. وتجدهم يقولون كتابة أن الصندوق يدار بطريقة مهنية تقوم على أسس متينة من الشفافية والمحاسبة، لكنك لن تجد على موقع صندوق الاستثمار الالكتروني ما يشير إلى الشفافية والمحاسبة.

فلا تجد مثلا أية موازنات منشورة ، ولا تقارير مالية، ولا كم تلقى الصندوق من أموال خلال العقد الماضي مثلا باسم الشعب الفلسطيني، ولا تجد أية معلومات متعلقة بسلم الرواتب أو الحقوق المالية الخاصة بمجلس الإدارة أو رئيس مجلس الإدارة أو الرئيس التنفيذي، وغير مفصح من قبل الصندوق كم يتقاضى الرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمار الفلسطيني ، رغم انك سمعت بان الرقم التقريبي ضمن المعطيات المتداولة هو بين 20.000$-30.000 $. شهريا.

وستجد أن مجلس الإدارة هو من النخبة الاقتصادية الفلسطينية صاحبة رؤوس الأموال، فمنهم مثلا مازن سنقرط وعزام الشوا وماهر المصري وجهاد الوزير ونبيل الصراف وطارق العقاد ...وغيرهم والهيئة العامة ايضا تجد انها لم تختلف فهم مجموعة من الشخصيات الفلسطينية المحسوبة على النخب الاقتصادية الرأسمالية والنخب السياسية المقربة من السلطة، فالهيئة العامة هي مجلس الادارة مضاف لهم شخصيات مثل ( محمد اشتيه ، خالد القواسمي،  دينا منيب المصري، السيد هاشم الشوا ، عاهد بسيسو ، نصار نصار،  إياد جودة....وغيرهم، ومجموع الهيئة العامة ومجلس الادارة 30 شخصا )

طبعا كفلسطيني ليس لك أي موقف عدائي تجاه هؤلاء النخبة، وتشعر تجاههم بالاحترام، ولكنك ربما تتساءل، هل التنمية الاقتصادية في فلسطين تحتاج لنوع واحد من الأدمغة والتوجهات والآراء والرغبات؟ او ربما تتجرا بسؤالك، هل سيفكر المحترمين المذكورين أعلاه بنسب الفقر والفقراء في فلسطين؟ لكن تساؤلك هذا ربما سيكون مجحفا، فمسمى الصندوق هو صندوق الاستثمار وليس صندوق التنمية من اجل الفقراء، حتى لو اقتعت نفسك بان هذه الأموال تأتي للشعب الفلسطيني وليس لكبار أغنياء فلسطين.

قد يقودك فضولك للدخول إلى زاوية على موقع صندوق الاستثمار الالكتروني، عنوانها (الزاوية الإعلامية) علك تجد ما يوضح الصورة لك حول هذا الصندوق، وتجد إجابة على تساؤلك، لماذا يتقاضى الرئيسة التنفيذي لهذه المؤسسة كل اربع سنوات ما مجموعه مليون دولار من أموال الفلسطينيين التي تأتينا من المنح والمعونات، كل 4 سنوات مليون دولار للرئيس التنفيذي كراتب على الأقل بدون أن نحسب امتيازاته وامتيازات الطاقم التنفيذي وأعضاء مجلس الإدارة الذين يتقاضون مبالغ مالية تصل إلى أكثر من 700 دولار لكل فرد للمشاركة في الاجتماعات.

وفي غمرة بحثك تتذكر انه تم تعيين المدير التنفيذي لصندوق الاستثمار الفلسطيني بتاريخ 7 كانون الأول 2005، ومن ثم تم تعيينه رئيساً للصندوق بتاريخ 1 كانون الثاني 2009. وهو كذلك المستشار الاقتصادي لرئيس السلطة الوطنية الفلسطينية السيد محمود عباس منذ 15 تشرين الثاني 2005.

في الزاوية الإعلامية تجد النص التالي :

(اهتم الصندوق بالإعلام المحلي و حرص على تسهيل مهمة الصحفيين من خلال تزويدهم بكافة المعلومات الضرورية التي يحتاجونها لتغطيتهم الإعلامية حول الصندوق أو أي من مشاريعه. كما عمل على نشر الأخبار والبيانات الصحفية المتعلقة به على هذا الموقع الإلكتروني أولا بأول، ......)

لما سبق يشدك عنوان بأعلى صفحة صندوق الاستثمار(اخبارنا ) عند النقر عليه تجد أن أخر خبر نشر وهو الخبر الوحيد في عام 2014 بعنوان (الحكومة الفلسطينية تطرح عطاء التنقيب عن النفط في الضفة الغربية) لاغير ، ولكن هناك أخبار نشرت عام 2007 ، فتجد من تلك الأخبار خبرا يقول (مدير عام صندوق الاستثمار يؤكد إحياء مشروع منطقة جنين الصناعية .. قريبا  2007/10/25 )  وكان التشديد على ((قريبا)) واذا كنت متتبعا لموضوع منطقة جنين الصناعية ستكتشف انه بعد ثماني سنوات ، وفي خبر ينشر بتاريخ 31\8\2015   مفاده (أصحاب الأراضي يعتصمون في مرج ابن عامر احتجاجا على إقامة المنطقة الصناعية طالبوا السلطة بتغيير الموقع وحماية الزراعة والبيئة) جنين- الحياة الجديدة- عاطف أبو الرب- نفذ عدد من أصحاب ومالكي الأراضي في سهل مرج ابن عامر وقفة احتجاجية، ضد إقامة المنطقة الصناعية الحدودية في أراضيهم، حيث يجري العمل في هذه الأيام في المنطقة، وذلك لإقامة شارع يربط المنطقة الصناعية المقترحة مع شارع جنين الجلمة.) ان الأمور لا زالت في مربعها الأول.

هذا مال عام ، وتشعر ان علينا دائما ان نتساءل كيف يدار ولصالح من ، وتطالب بنشر كافة المعلومات، المتعلقة بهذا الصندوق المقفل، كم يبلغ راس المال الذي يعمل به، كيف يتم توزيع الموازنة، كيف استفاد فقراء فلسطيني منه، وكم استفاد أصحاب رؤوس الأموال والاستثمارات منه؟ وما هي الجهات الرقابية عليه؟ وهل سيستطيع صندوق الاستثمار فعلا السيطرة على الأراضي الزراعية واستملاكها بشكل غير قانوني او قانوني؟ وكيف سيكون موقف مجلس الوزراء ؟

من اجل فهم أكثر حول استملاك الأراضي تعود إلى الجوانب القانونية والى مجموعة من القوانين النافذة التي اثرت وتؤثر بشكل او باخر في اتخاذ قرارات الاستملاك او وضع اليد على الأراضي الفلسطينية.

قانون الأراضي واستملاكها للغايات العامة رقم 24 لسنة 1943

إن العمل بقانون الأراضي واستملاكها للغايات العامة قد بدأ لاول مرة في فلسطين خلال عهد الانتداب البريطاني (1918-1948) حيث أن المادة 3 من القانون (قانون الأراضي واستملاكها للغايات العامة رقم 24 لسنة 1943) تعطي وزير المالية انذاك (المفوض السامي في فلسطين خلال عهد الانتداب البريطاني) صلاحية واسعة النطاق لمصادرة الاراضي و السلطة المطلقة لاستملاك أي قطعة أرض استملاكا مطلقا إذا اقتنع بأن الأرض 'ضرورية أو ملائمة' لأغراض عامة.

كما يحدد القانون أيضا حدود التعويض لمالكي الاراضي, حيث أن المادة 20 من القانون تسمح بمصادرة الأرض لغرض توسيع طريق موجودة أو قسم منها أو لإنشاء طريق أو ملعب أو ساحة لهو جديدة حيث لا يحق لمالك الأرض المستملكة أن يطالب بأي تعويض عن قيمة الأرض, إلا إذا كانت مساحة الأرض المأخوذة منه تتجاوز ربع مجموع مساحة القطعة التي يملكها. وإذا كانت المساحة التي سوف يتم استملاكها زيادة عن ربع تلك الأرض, يتم دفع تعويض لمالك الارض عن المساحة الزائدة, على ربع مساحة الأرض فقط.

و كان الاحتلال الإسرائيلي قد استخدم هذا القانون على نطاق واسع لمصادرة الأراضي الفلسطينية خلال سنوات الاحتلال. فوفقا  للتعديل الذي أجرته إسرائيل على هذا القانون (-1964), يسمح لوزير المالية بإصدار أوامر مصادرة لممتلكات خاصة لأجل 'أغراض عامة' و عليه، ينبغي أن يتم تعويض مالك الأرض أو الملكية حيث يتم الحسم في مقدار التعويض على الملكية من قبل محكمة يرأسها قاضياً مركزياَ واحد, و يكون القرار الصادر عن المحكمة نهائياً لا نقاش فيه. إلا أن أصحاب الأراضي و الممتلكات المصادرة  أعلنوا عن رفضهم لمبدأ التعويضات كبديل عن الأراضي المصادرة و أن استلام أي تعويض من قبل الإسرائيليين ثابت بالرفض المطلق حيث ان الأراضي المصادرة هي ملكية خاصة بالفلسطينيين و عليه فان قرار إسرائيل بالمصادرة لأغراض عامة هو جائر و غير قانوني, الامر الذي دفع إسرائيل بإجراء تعديل أخر على قانون المصادرة (قانون أنظمة الأراضي (شراء لأغراض عامة) في العام 1978 ، حيث أقر التعديل أنه في حال رفض مالك الأرض التعويض, أو لم يبدي موافقته على قانون المصادرة في غضون الوقت المخصص له، يتم ايداع الأموال مع المسؤول العام تحت اسم المالك, الا أن هذا التعديل لم يكن له أي تاثير على مسألة نزع الملكية نفسها من مالكيها الاصليين.

تعديل اخر على قانون الأراضي واستملاكها للغايات العامة رقم 24 لسنة 1943

في عام 2010 صادق كنيست الاحتلال الإسرائيلي على تعديل جديد على قانون أنظمة الأراضي 1943 حيث يحظر على الفلسطينيين المطالبة بأراضيهم التي صادرتها اسرائيل) حتى و ان لم تكن قد استخدمت للغرض الأصلي للمصادرة. كما يوسع التعديل من سلطة و صلاحية وزير المالية الاسرائيلي لمصادرة الأراضي 'لأغراض عامة' ، والتي، وفقا للتعديل الجديد، تشمل إنشاء وتوسيع أو تطوير بلدات (أو مستوطنات في الضفة الغربية)، ويسمح للوزير أن يعلن غرض جديد إذا كان الغرض الأولي لم يتحقق.

قانون الاستملاك  لسنة 1953

سمى هذا القانون (قانون استملاك الأراضي للمشاريع العامة لسنة 1952) وتقول المادة 4  فيه يحق لمجلس الوزراء بعد التثبت من اقتدار المنشئ المالي واقتناعه بأن مشروعه للمنفعة العامة حسب أحكام هذا القانون أن يقرر استملاك الأرض استملاكاً مطلقاً، أو استملاك التصرف بتلك الأرض واستعمالها لمدة محدودة من الزمن، أو

ج- استملاك أي حق من حقوق الارتفاق في تلك الأرض أو عليها أو أي من الحقوق الأخرى فيها أو عليها، أو

د- فرض أي حق من حقوق الارتفاق على تلك الأرض أو أي قيد من القيود على ممارسة أي حق من الحقوق المتفرعة عن ملكيتها.

القرار بقانون رقم (3) لسنة 2011م بشأن تعديل قانون الاستملاك رقم (2) لسنة 1953م

تلغى الفقرة (1) من المادة (3) من القانون الأصلي وتستبدل بالنص الآتي: على المنشئ أن ينشر إعلاناً في صحيفتين يوميتين على الأقل، يعلن فيه عزمه على التقدم إلى مجلس الوزراء بعد مرور خمسة عشر يوماَ من تاريخ نشر الإعلان بطلب إصدار قرار باستملاك العقار الموصوف في الإعلان، وأن المشروع الذي سيجري الاستملاك من أجله هو للمنفعة العامة.

تساؤلات

التساؤل الان هل يتوافق نص الإعلان الصادر من قبل شركة سند لاستملاك أراضي في منطة وادي الشعير لإنشاء مصنع للاسمنت ونص قانون الاستملاك ، حيث لم تتملك الشركة أي قطعه ارض من الأراضي التي سيقع عليها مشروع الاسمنت والمنوي استملاكها ، لان عملية الاستملاك تتطلب إجراءات قانونيه حسب نص قرار بقانون رقم 3 لسنة 2011 بشان تعديل قانون الاستملاك رقم (2 ) لسنة 1953 ، بحسب نص التعديل يشار الى قانون الاستملاك رقم 2 لسنة 1953 لأغراض هذا التعديل بالقانون الأصلي ، مادة (2 ) تلغى الفقره (1 ) من الماده ( 3 ) من القانون الأصلي وتستبدل بالنص الآتي : على المنشئ ان ينشر اعلانا في صحيفتين يوميتين على الاقل يعلن فيه عزمه على التقدم الى مجلس الوزراء بعد مرور خمسة عشر يوما من تاريخ نشر الإعلان بطلب إصدار قرار باستملاك العقار الموصوف في بالإعلان وان المشروع الذي سيجري الاستملاك من اجله هو للمنفعة العامه . اذ ان مهمة الدوله تكمن في القيام برعاية شؤون الأفراد ومصالحهم عن طريق إدارتها لمرافق عامه . وهذه المهمة ليست من السهولة بمكان مما يقتضي منحها امتيازات وصلاحيات استثنائية تتسم بالجبر والإكراه ، ومن هذه الصلاحيات ما يعرف بالاستملاك ، فما هو مفهومه وتعريفه والمقصود بهذا الإجراء على اعتبار الاستملاك حقا استثنائيا منحه المشرع للاداره تقوم بموجبه بنزع عقار مملوك ملكيه خاصه لأحد الأشخاص او لمجموعه منهم باجراءات حددها القانون بهدف تحقيق منفعه عامه لا تحقيق مصلحه اقتصاديه محضه للجهة المستملكة بشرط اتباع الإجراءات المنصوص عليها في القانون إذ يجب ان يكون المستملك اما الحكومة اوالمجالس البلدية وأشخاص اعتباريون آخرون .

ويجب ان يحقق تنفيذ الاستملاك نفعاً عاماً.

ووفق القانون لا يستملك أي عقار إلا لمشروع يحقق نفعاً عاماً ولقاء تعويض عادل وعلى المستملك ان ينشر اعلانا في صحيفتين يوميتين على الأقل يعلن فيه عزمه على التقدم إلى مجلس الوزراء بعد مرور خمسة عشر يوماً من تاريخ نشر الإعلان بطلب إصدار قرار باستملاك العقار الموصوف في الإعلان وان المشروع الذي سيجرى الاستملاك من اجله هو للنفع العام .ب. يترتب على المستملك أن يقدم طلباً لمجلس الوزراء مرفقاً بمخطط العقار المطلوب استملاكه وبكشف تقديري أولي لمجموع التعويض عنه وبما يثبت مقدرته المالية عن دفعه وذلك خلال ثلاثة أشهر من تاريخ انتهاء مدة الإعلان المنصوص عليها في الفقرة (أ) من هذه المادة وإلا اعتبر ذلك الإعلان

وكانت شركة "سند" للصناعات الانشائية التابعة لصندوق الاستثمار الفلسطيني، إنها لم تتملك حتى الآن أي قطعة أرض في منطقة "وادي الشعير" بين نابلس وطولكرم، والتي وقع الاختيار عليها لانشاء مصنع للاسمنت وملحقاته فيها، ولكنه ستسعى لذلك.

 الاعلان عن الاستملاك

وكان أوضح نائب المدير التنفيذي لسند ان"ما حصل حتى الان من قبل شركة (سند) هو الاعلان لاعلام الناس المعنيين بنية التملك ولاعطائهم فرصة لتقديم الاعتراضات". لاستملاك اراض في تلك المنطقة، واضاف انه "بعد الاعلان سيتم تنسيب الطلب الى مجلس الوزراء لكي يقوم بدوره باعطاء الموافقات المطلوبة، وفي حال اعتماده من مجلس الوزراء سنبدا استملاك الاراضي الواقعة في منطقة المصنع المزمع انشاؤه، وبالتالي لا صحة لما يشاع بان الشركة قامت بامتلاك الاراضي بوضع اليد عليها عنوة".

تجدر الاشارة الى ان "سند" نشرت اعلانا في الصحف المحلية قبل عدة ايام اعلنت فيه نيتها التوجه بطلب الى الحكومة لاستملاك مساحة من الارض في منطقة وادي الشعير بهدف اقامة مصنع للاسمنت، ما اثار زوبعة من الاحتجاجات من قبل الهيئات المحلية وسكان القرى والبلدات التي سيمتد المشروع على اراضيها.

ومن الجانب القانوني حسب، مدير مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الانسان عصام الريماوي، فإن القانون ينص على "أنه لا يجوز استملاك أراض لشركة خاصة، ويجب أن يكون الاستملاك لمصلحة عامة”.

وكانت  مجالس بلديات وقرى واد الشعير قد رفضت سعي "سند" لاستملاك أراضي المنطقة، وطالبت رئيس الحكومة رامي الحمد الله بالتصدي للقرار وعدم تمريره.