فتيات ‘بوكو حرام …من ينقذ الاسلام من’المسلمين؟

بقلم: 

قال مستشار للرئيس النيجيري انه يرفض ان يدفع اي فدية لانقاذ حياة اكثر من مئتي تلميذة خطفتهم منظمة ‘بوكو حرام’ الارهابية التي تنسب نفسها ظلما وعدوانا للدين الاسلامي، ويعني اسمها باللغة المحلية (التعليم الغربي حرام)، وكأن ‘االتعليم الاسلامي’ او اي تعليم له علاقة بالانسانية يمكن ان يبرر هذه الجريمة النكراء.

وفي محاولة للصيد في ‘مياهنا العكرة’ وتحسين صورتها دوليا، انضمت اسرائيل مؤخرا الى عدد من الدول الغربية التي عرضت المساعدة في البحث عن الفتيات المحتجزات في احد اوكار ‘بوكو حرام’ في منطقة شاسعة من الغابات في شمال نيجيريا، تعادل مساحة لبنان ثلاث مرات تقريبا، ما يجعل العملية اقرب الى ‘البحث عن ابرة في كومة من القش’.
وتعهد المسؤول النيجيري كذلك بعدم شراء الفتيات اللاتي هدد زعيم ‘بوكو حرام ببيعهن في السوق’، بينما تشير تقارير اخبارية الى ان بعضهن قد تم تهريبه بالفعل الى خارج البلاد.
الغريب ان اغلب البلاد ‘الاسلامية’، وبينها من يدعي انه ‘حامي حمى الاسلام’، لم يحرك ساكنا، بل و’لم ينطق ببنت شفة’، فشارك بصمته المريب في تكريس هذا العدوان الذي هو على الاسلام قبل الفتيات النيجيريات.
الا ان المطلوب حقا ليس بيانات ادانة وشجب، او حتى ارسال ‘خبراء’ كما فعل اخرون او دفع الدية لاسرهن، بل وقفة جدية وصادقة مع الذات للبحث في انقاذ الاسلام من بعض المحسوبين على الاسلام، والمنتشرين في بقاع الارض باتجاهاتها الاربعة.
لقد اصبح بعض ‘المسلمين’ بما يأتونه من افعال مقززة، وما يعتمدون عليه من خطاب ديني ممجوج، واسانيد ايديولوجية فاسدة، العدو الاشرس بل والتهديد الاخطر للاسلام. وليست التقارير حول زيادة نسبة الالحاد خلال السنوات الاخيرة داخل بعض قلاع الاسلام وحصونه سوى جرس انذار، لا ينبغي اهماله.
لقد جاءت محاولات بعض السفهاء في الغرب للاساءة للاسلام بنتيجة عكسية، فزاد انتشار الاسلام في اوروبا والولايات المتحدة بعد ازمة الفيلم والرسوم المسيئة وغيرها، بينما يصعب حصر الضرر الناتج عن خبر واحد من التي تنشرها الصحافة الغربية حاليا عن ‘بوكو حرام’ (الاسلامية) والفتيات اللاتي خطفن من مدرستهم الداخلية دون ذنب، حتى ان بعض المسلمين في الغرب اصبح يخجل من ملامحه واسمائه التي تشي بهويته.
والقضية هنا اكبر من الغرب، ومن نيجيريا او غيرها. القضية هي هذا الصمت العاجز/ المتواطئ/المتقاعس من الذين يزعمون انهم اعلماء الاسلام وحماتهب عن التصدي لما يرتكب باسمه من جرائم في حق الانسانية، حتى اصبح المسلمون انفسهم يمثلون اغلب ضحاياها كما في العراق وسوريا وليبيا ومصر وغيرها.
فهل من ‘ادلة شرعية’ سواء في الفكر الوهابي او السلفي (الجهادي) او الصوفي او اي من مذاهب الاسلام او مدارسه الفكرية يمكن ان تبرر ‘مضغ قلب انسان’ بعد تمزيقه اربا؟ او خطف اطفال؟ او حرق دور عبادة آمنة؟ او قتل ابرياء؟ او غير ذلك من الجرائم التي اصبحت حدثا يوميا؟
لماذا لا يجتمع علماء الدين والاجتماع والاطباء النفسيون للبحث في رفع الغطاء الديني عن اولئك الارهابيين، ومعالجة الجذور الاجتماعية والثقافية لهذه الكارثة، وانقاذ الاسلام من ايدي اولئك الذين حولوه الى سلاح في حربهم القذرة ضد الانسانية؟ واين دور الازهر الشريف المرجعية الاعلى في العالم الاسلامي، ورمز الوسطية والاعتدال؟ وهل رجعنا الى ايام الجاهلية الاولى، واصبح الدين مجرد وسيلة لتحقيق المكاسب المادية والسياسية، فبات ينطبق علينا قول يزيد (لعبت هاشم بالملك فلا خبرٌ جاء ولا وحيٌ نزل)؟
هذه مجرد اسئلة مشروعة اصبحت تتردد بين بعض المسلمين انفسهم من الذين بدأوا يشكون في ‘نوع اسلامهم’ الذين عاشوا عليه سنوات طويلة، فما بالنا بغير المسلمين المتوجسين اصلا من الاسلام، ومن حق هؤلاء جميعا ان يحصلوا على اجابة واضحة جلية.
لقد اصبح تجديد الخطاب الديني وتنقيته، بل واعادة صياغته ضرورة حتمية لانقاذ الاسلام والمسلمين، بعيداعن تعقيدات الساحة السياسية وحساباتها، والا فان التاريخ لن يرحم اعداء انفسهم والانسانية مهما رفعوا من رايات.