لماذا عرقلة المصالحة بين تركيا وإسرائيل؟

بقلم: 

 

كثر الكلام في الأيام الاخيرة على قرب التوصل الى تسوية للخلاف الناشب بين تركيا وإسرائيل بسبب مقتل تسعة مواطنين أتراك في عملية سيطرة الجيش الإسرائيلي بالقوة على اسطول المساعدات التركية المتوجه الى غزة عام 2010. وتداولت وسائل الاعلام الإسرائيلية بنود التسوية التي تم التوصل اليها، ومنها المبالغ التي ستدفعها الدولة الإسرائيلية تعويضات لعائلات القتلى الأتراك، ومطلب إسرائيل تخلي تركيا عن اي ملاحقات قانونية لضباطها وجنودها. وبدا أن كل شيء وصل الى خواتيمه وبات ينتظر توقيع نتنياهو. وفجأة برز تصريح عنيف لأردوغان الذي يشرط تسوية الخلاف مع تل أبيب برفع الحصار البحري المفروض على غزة. فما الذي أدى الى التشدد فجأة في الموقف التركي، علماً ان موضوع رفع الحصار لم يطرح قط على جدول أعمال المفاوضات؟

للتذكير أن القطيعة بين تركيا وإسرائيل لم تنته إلا بطلب من الرئيس أوباما خلال الزيارة التي قام بها لإسرائيل في آذار 2013 وألح خلالها على نتنياهو للاتصال هاتفياً برئيس الوزراء التركي والاعتذار له عما حصل وهو امر كانت إسرائيل رفضته لئلا يتحول سابقة.
ومذذاك بدأت المحادثات بين الدولتين، وظهر خلالها بوضوح ان المصلحة السياسية والاقتصادية والامنية للدولتين تفرض عودة العلاقات الى ما كانت، وتخطي مرحلة الخلاف بينهما.
ولكن يبدو أن تلكؤ رئيس الوزراء الإسرائيلي في توقيع اتفاق التسوية لأسباب تعود اليه وحده، دفع رئيس الوزراء التركي الى تصعيد موقفه وربط المصالحة برفع الحصار عن غزة، الامر الذي رفضته إسرائيل فوراً.
تحاول وسائل الاعلام المقربة من نتنياهو تفسير تصعيد أردوغان بانه يخدم مصالح سياسية داخلية لرئيس الوزراء التركي الذي يعاني تراجعا في شعبيته داخل بلاده من خلال تجنيد الرأي العام الى جانبه. لكن تلكؤ نتنياهو في الموافقة على صيغة التسوية التي بلورت خلال اشهر من التفاوض هو نموذج من سياسة المماطلة والمراوحة في اتخاذ قرارت اساسية في مواضيع ملحة مثل الخلاف مع تركيا. إذ لا يريد نتنياهو ان يظهر مظهر المتلهف لتسوية الخلاف مع تركيا وانه قدم تنازلات للأتراك على شكل دفع تعويضات مالية كبيرة، وهو بسلوكه هذا قد يضيع فرصة عودة العلاقات الطبيعية بين إسرائيل وتركيا الدولة الإسلامية الوحيدة التي اعترفت بإسرائيل والتي تقيم علاقات ديبلوماسية معها.
مرة اخرى، يبدو نتنياهو زعيماً تحكمه اعتبارات ايديولوجية يمينية ضيقة، مما يدفع الى التساؤل كيف سيقبل بالتسوية التاريخية التي يعمل عليها جون كيري لحل النزاع مع الفلسطينيين والتي تتطلب تقديم تنازلات إسرائيلية كبيرة؟

المصدر: 
النهار