إسرائيل ربحت أمنياً وقد تخسر سياسياً وإيران ربحت سياسياً وقد تخسر أمنياً

بقلم: 

 

هل يتمكن المتضررون من الاتفاق مع إيران حول الملف النووي من عرقلة تنفيذه تنفيذاً دقيقاً كاملاً بدءاً بعرقلة التوصل الى اتفاق في مؤتمر جنيف – 2؟ ومن هم المتضررون؟

ترى أوساط سياسية أن من بين المتضررين: أولاً "حزب الله" الذي هاجم السعودية متهماً إياها بالوقوف وراء التفجير أمام السفارة الايرانية في حين يتوقع المراقبون حصول تقارب بين إيران والسعودية، وبعدها أعلن وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف خلال زيارته الدوحة آتياً من سلطنه عمان: انه يتعين على ايران والسعودية العمل معاً من أجل السلام والاستقرار في المنطقة وأكد استعداده لزيارة السعودية. معتبراً أنها بلد يتمتع بأهمية بالغة في المنطقة وفي العالم الاسلامي، فهل يعقل أن يكون في الأمر توزيع ادوار وازدواجية في السياسة الايرانية أم صراع داخلي؟ ويشعر "حزب الله" من جهة أخرى بأن التقارب الايراني – السعودي قد يكون على حسابه ولمصلحة لبنان الدولة القوية القادرة التي لا يكون سلاح غير سلاحها.وانه اذا تحقق هذا التقارب وبات السلام قريب المنال فلا يبقى عندئذ لسلاح "حزب الله" وظيفة لا محلية ولا اقليمية ولا دولية، بل يتحول حزباً سياسياً كسائر الاحزاب في لبنان.
ثانياً: ان اسرائيل التي ربحت الأمن الدائم والثابت بعد إزالة السلاح الكيميائي السوري ومنع انتاج السلاح النووي الايراني، وانشغال العرب عنها بالاقتتال في ما بينهم، تخشى ان تخسر سياسياً اذا اتفقت اميركا وروسيا على تحقيق سلام عادل وشامل في المنطقة على أساس حدود 1967 فتخسر عندئذ حلم بقائها في الجولان وفي جزء كبير من الضفة الغربية وفي القدس التي تسرع اسرائيل في تهويدها.
ثالثاً: اذا لم يتحقق التقارب بين السعودية وايران لسبب من الأسباب، فان المواجهة قد تعود على اشدها بين محور سني بقيادة السعودية ومحور شيعي بقيادة إيران. وهو ما تراهن اسرائيل عليه لابقاء المنطقة في توتر دائم يجعل اسرائيل تعيش براحة واطمئنان، وقد لا يكون قيام هذين المحورين مزعجاً لاميركا وروسيا لأن التوتر إذا ما حصل بينهما يبقى خاضعاً لسيطرة الدولتين الكبيرتين.
ثمة من يتوقع حصول تقارب بين السعودية وايران بتشجيع اميركي - روسي، لأن هذا التقارب يقيم على محور الاعتدال في المنطقة في وجه الأصوليين والتكفيريين الذين يشتد ساعدهم ويمتد نفوذهم عند حصول خلاف حاد وتوتر شديد بين ايران والسعودية. وثمة من يخشى عدم التوصل الى هذا التقارب اذا تعذر التوصل الى تسوية للازمة السورية ترضي كلتا الدولتين. وهي تسوية تنتظر نتائج مؤتمر جنيف – 2 وهو مؤتمر له متضررون منه أيضاً بينهم نواب إيرانيون يعتبرون ان الاتفاق حول الملف النووي فيه تنازل عن مسائل تتعلق بالسيادة الوطنية وفيه بنود غامضة ومن الخطأ اعتبار التخلي عن السلاح النووي في ايران وعن السلاح الكيميائي في سوريا مكسباً وانتصاراً ونقطة قوّة.
رابعاً: الاتحاد الاوروبي الذي كان خارج الاتفاق مع ايران وقد يبقى خارج أي تسوية في سوريا وفي المنطقة بحيث تصبح دول العالم تحت ادارة الدولتين العالميتين اميركا وروسيا مع المحافظة على مصالح الجميع حرصاً على الأمن والاستقرار.
واذا كان للاتفاق مع ايران متضررون وكذلك لنجاح مؤتمر جنيف – 2، فهل يمكن التوصل الى تنفيذه كاملاً أم إن الشيطان يكمن في التفاصيل؟ وليس على من يشعرون بأنهم متضررون سوى انتظار انتهاء مدة الستة اشهر المجددة للتنفيذ فاما يكون انفراج أو يكون انفجار. وعندها لا يكون هو الاتفاق الوحيد الذي ظل بدون تنفيذ كامل وعاد التوتر بعده.
ومن جهة أخرى، لا يمكن فصل نتائج مؤتمر جنيف – 2 عن الاتفاق النووي مع ايران وتنفيذه لأن تسوية الأزمة السورية مرتبطة الى حد بتنفيذ هذا الاتفاق، ولا شيء يدل حتى الآن على أن هذه التسوية قريبة، خصوصاً أن الاتفاق مع ايران لا يشمل النزاع بين القوى الاقليمية في المنطقة كي يسود فيها الأمن والاستقرار ويعم الازدهار. فنحن الآن لم نعرف من هي الدول التي تشارك في مؤتمر جنيف – 2 ومن هي الشخصيات السورية التي تمثل النظام والتي تمثل خصومه وما هي الحلول التي ستطرح؟
ومن الآن الى أن يتم التوصل الى اتفاق، فان المتحاربين على الارض السورية مختلفون ولكل منهم اجندته... من يُعرفون بالجهاديين من خارج سوريا لا تعنيهم وحدة سوريا ولا دماء شعبها وتشرد أهلها ولا الدمار الشامل. وان اي اتفاق يتم التوصل اليه في جنيف – 2 قد لا يكون قابلاً للتنفيذ على الارض من دون الاتفاق على الوسائل او كانت الحكومة الانتقالية المفترض تشكيلها عاجزة عن مواجهة مَن هم ضد هذا الاتفاق، فيحل بسوريا عندئذ ما يحل بالعراق وليبيا.
الواقع أن همّ دول الغرب وروسيا هو محاربة تنظيم القاعدة وغيره من التنظيمات المتفرعة عنه من خلال اقامة انظمة قوية تستطيع مكافحة الارهاب في المنطقة لأن ليس في استطاعة اي دولة بمفردها أن تفعل ذلك بل مجموعة دول تشكل تحالفاً في ما بينها لهذه الغاية.

emile.khoury@annahar.com.lb

 

المصدر: 
النهار