انا ابنة فتح الموقعة ادناه.. توقفوا عن الاساءة لحركتنا وتاريخها

بقلم: 

 

حاولت جاهدة التزام الصمت وعدم الرد على مقالة الأخ جمال نزال " أنا المديون أعلاه محاولة سلخ الأحوال الشخصية عن الشريعة مشروع مشبوه" معتبرة أن الردود التي قُدمت كانت كافية. لكنني فوجئت،بل ذهلت اليوم من رد الأخ منير الجاغوب في مقالة بعنوان "منطق الصفر بتحالفات اليسار مع حماس وفتح عند جمال نزال" ومحاولته إخراج الحدث عن سياق اجتماعي وجدي يتعلق بحياة نصف المجتمع، واقصد مجتمعنا الفلسطيني لا اي مجتمع آخر. أنا امرأة من ناشطات حركة "فتح" وسأنصّب نفسي مدافعة عن ترهل اجتماعي يمر به المجتمع الفلسطيني وواجد لزاما عليّ ان أوضح بأن  النضال من اجل رفع الظلم الذي يحل بالمرأة الفلسطينية والدفاع عن قضيتها ليس مقتصرا على من اسميتهم "بالمتأنثات" أو اليسار أو الان جي اوز. انا هنا لن ادافع عن اي جهة، لاننني اعتبر من حق اي طرف ان يدافع عن نفسه، وانما اود في هذه المقالة الدفاع عن وجودي الاجتماعي ودوري السياسي والنضالي وحقي في الحياة، امام من يتهم مسبقا اي دفاع عن هذه الحقوق بانه يحمل توجه "متأنث.. يساري... حاقد".  لقد قررت كامرأة فتحاوية ناشطة في المجالين السياسي والاجتماعي ان ارد على جملة هذه الاتهامات وحملة "توزيع الاسماء والالقاب" من أجل الايضاح بان هناك في حركة فتح من يدافع من خلال الحركة عن الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية وان الاختلاف لا يفسد للود قضية ولا يلغي هويتي الفتحاوية النسوية بالرغم من اختلافي الشديد مع بعض من يمثل الحركة إعلاميا وعلى المنابر. فحركة فتح كانت دائما ولا زالت سباقة في طرح المواضيع الأكثر تعقيدا والتعامل معها بجرأة وصدق ومسؤولية.

ما يثير امتعاضي هو الهجوم غير المبرر الذي قام به الأخ جمال نزال ردا على مقال الوزير عيسى قراقع حول امرأة في ريعان الشباب قتلت غدرا. هل الحديث عن الموت وضرورة أن يعاقب أي مجرم عندما يعتدي أو يقتل يجابه بردا معاديا خارج اطار الموضوع الانساني الذي طرح؟ والأساس الذي بنى عليه حواره كان باطلا وما بني على باطل فهو باطل. لم أفهم من أين أتى الأخ جمال نزال، والمفروض أنه من الطبقة المثقفة والواعية في المجتمع وناطقا إعلاميا باسم حركة فتح ذات التاريخ السياسي العظيم، بمصطلح "المتأنثات" ولنقل انها ترجمة حرفية لكلمة "فمنست" من اين حصل الأخ نزال على التعريف بأنها "حركة معادية للرجل والاديان". لقد بحثت كثيرا في عدد كبير من الكتب الأدبية والعلمية ولم يقع تحت يدي تعريفا ممكن ان يقال بأنه قريبا من التعريف الذي قدمه. النسوية يا صديقي هي حركة تهدف للدفاع عن الحقوق الاجتماعية والسياسية والقانونية للنساء، من اجل إحلال المساواة والعدالة الاجتماعية بين الرجل والمرأة لبناء مجتمع ديمقراطي خال من كافة اشكال التمييز. ولا اعتقد بأن هذا ولا بأي حال معاداة للرجل، وانما احلال شراكة حقيقية لمواجهة مصاعب الحياة يدا بيد. ومن جهة أخرى لا يوجد اي ايحاء بأن النسوية هي حركة مناهضة للأديان وأن ما تفضلت به بأن هدف "الفمنست" أي جماعات "المتأنثات" الكارهات عموما للتقاليد ولثقافة الشرق ومعهن اللوبيات "ألإن جيهوية" تسعيان لفرض الحداثة على بلدنا كرها لأجل تمرير هرطقات "عصرية" روحها إلحاد ومقصدها الفجور.." أنا حقيقة استهجن طريقة الطرح والهجوم غير الموضوعي وغير المبرر وغير المفهوم في سياق أن امرأة قتلت على يد غادرين ولم يوجه اصبع الاتهام فقط للرجل وانما اي شخص بمعزل عن الجنس يتعرض لفتاة أو يتسبب في موتها. هل هذا كفر او يناقض الشرائع السماوية؟ هل الحديث في هذا الموضوع هو معادي للرجل؟ّ  هو موضوع انساني يعالج ظاهرة مرعبة وهنا لا بد من ان نذكر بان الاسلام هو دين حنيف ينصف البشر فقد قال الله تعالى "ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما". من يطالب بالحق لا يعادي الدين أو الرجل حسب مفهومي.

وما أثار حفيظتي بدرجة أعلى هو كيفية الهجوم على اليسار الفلسطيني، بالرغم من اختلافي السياسي معه، على انه مفتعل الفتنة الاجتماعية لأنه لا يساوم على البرنامج الاجتماعي المتعلق باحترام الحريات وإحلال العدالة الاجتماعية. وهنا أود التأكيد بأن هذه المطالب أولا وأخيرا هي مطالب انسانية وهناك الكثير من ابناء وبنات حركة فتح لديهم هذا التوجه ويدافعون عنه حتى من قبل ظهور اليسار الفلسطيني. وهنا اتوجه للأخ منير الجاغوب بالتأكيد بان ما تفضلت به السيدة ريما نزال كتانة "لا تكتسب مقالة السيد "جمال نزال" أي أهمية لو أنها كُتبت بقلم آخر، فالمواقف التي طرحها في مقالته إزاء الحركة النسائية واليسار معروفة ولا جديد فيها، لكن جديدها في صدورها عن الرجل الذي انتخب من المؤتمر السادس لحركة فتح لعضوية مجلسها الثوري، آخذة بالاعتبار كونه أحد الناطقين الرسميين باسمها، وهو المهم في الموضوع والمستغرب في آن واحد، نظراً لتناقضه مع الموقف التقدمي المعلن للحركة على الصعيد الاجتماعي، ونظراً للحلف التاريخي بين الحركة واليسار الفلسطيني" هو مبرر ومفهوم من حيث أن حركة فتح ومنذ تأسيسها دعت للاعتدال والعمل على دولة فلسطينية علمانية. حركة فتح دائما وابدا هي التيار الوسطي الذي يعتبر صمام الأمان للشعب الفلسطيني لأنه لديه المقدرة على احتواء الرجل والمرأة، المسلم والمسيحي، الغني والفقير، المتشدد والليبرالي، الاسلامي والعلماني والملحد ايضا. فمنذ متى اصبحت حركة فتح تستخدم السياق الديني المتشدد والأسلوب الهجومي بمعالجة القضايا الانسانية والاجتماعية؟ وبالتالي كان متوقعا من الأخ الناطق الإعلامي للحركة والأخ رئيس اللجنة الإعلامية بمفوضية التعبئة والتنظيم الحذر من هكذا سياق لأنه سيعود حتما بالضرر على حركة فتح كونها السباقة دائما وابدا بالدعوة لإحقاق الحق والدفاع عن الفئات المهمشة والمظلومة في فلسطين والشتات.

وهنا لا بد من الاشارة بأن مسألة قتل النساء هي قضية يجب أن تأخذ حيزا واسعا على أجندة حركة فتح لأن الاعوام 2012-2013  شهدتا اعدادا غير مسبوقة من حالات قتل النساء، وهذه ليست بأي حال من الأحوال جزءا من ثقافة مجتمعنا. ففي عام 2012 كان هناك 9 حالات قتل و4 حالات انتحار وفي عام 2013 ونحن ما زلنا في منتصفه هناك ما يزيد عن 10حالات قتل وحالة انتحار واحدة. ألا تستوجب هذه الأعداد وقفة جادة من أجل حماية هؤلاء النساء من خلال التوعية المجتمعية حول الظاهرة من جهة وتعديل القوانين التي ستعمل بها دولة فلسطين التي نتغنى بها  لاعتبار القتل جريمة مع سبق الاصرار والترصد؟ وهنا اتساءل هل هذا المطلب معاديا للرجال أو للدين بأي حال من الأحوال؟ هل الدعوة لوقف هذه الظاهرة واطلاق صرخة واضحة حول الظلم المحيط بهذا الموضوع يجعلني من "المتأنثات، اليسار الملحدات الحاقدات"؟ أليس هذا مطلبا انسانيا مبررا لكل شخص حريص على بناء دولة يحترم فيها الانسان والقانون. هل المطالبة بذلك هو دور ان جي اوي فقط؟

اخوتي...ان حركة فتح ليست حركة حماس ولن تكون ابدا. وفي القضايا الاجتماعية لا يجب بأي حال اخراجها من السياق وتحويلها إلى صراع سياسي دائر من أجل السلطة والنفوذ. لقد حولتم من خلال مقالاتكم قضية عادلة انسانية وأخرجتموها عن سياقها وأوحيتم للمجتمع بانكم غير حريصون على التغيير المجتمعي الذي نحتاجه من أجل حماية كل انسان في هذا البلد. لقد اخفتم الناس من حركة فتح ونحن ولا بأي حال نقبل بأن تتحول فتح إلى حماس "بدون لحية". حركة فتح هي الحاضنة لكافة الفصائل ولكافة ابناء الشعب ولم تكن يوما تهديدا لوجود اي فئة مجتمعية بناء على دين أو جنس أو عرق.

 

المصدر: 
زمن برس