مصاب بوعكة وطنية !

بقلم: 

صحوت هذا الصباح ، ووطني يوجعني ، لاحبة اسبرين تسكّن صداعي الوطني ، ولا مضاد حيوي فعال في التغلب على فيروسات الخيبات ، ولا خافض لحرارة الايمان !
قالت لي مرة طبيبتي السويدية الشقراء : عليك بالتوقف عن التدخين والمناضلين ، ولم التزم بنصائح هذه المترفة الشقراء ، وواصلت التمادي الوطني ، وأضفت علبة سجائر ثالثة الى علبتين يوميا في انتحار النيكوتين !
بالأمس قرأت احصائية عن أعلى نسبة من المدخنين في العالم .. حيث تربع الفلسطينيون على رأس القائمة ، نحن ابطال العالم في التدخين ، الحمد لله !
ماذا أفعل في هذا " المغص الوطني " الذي يوجعني هذا الصباح ؟ لا " ميريمة " أشربها في هذا المنفى السويدي الأشقر ، ولا شاي بالزعتر يطرد البلغم من سعالي الوطني !
تعبت من " اللولحة " بالكوفية و" فش " فائدة !
وطني يوجعني ، وهذه " الفلسطين " العذبة المعذبة ، التي أطلّ عليها كل صباح عبر صفحات الفيس بوك الزرقاء عن بعد ، صارت توجعني ، وأنا أتفرج على هذا التيه السياسي الفلسطيني الذي حوّل نفق الراحل ياسر عرفات المظلم الى نفق مسدود ، وجعل من " حل الدولتين " : دولة في رام الله ، ودولة في غزة ، ومع ذلك لم أفقد الأمل " بعزيمة " عزام الأحمد و " عصا " موسى ابو مرزوق ان توحد الشعبين الشقيقين في غزة ورام الله ، وأنا أتابع اسهال المصالحات الوطنية الفلسطينية التي نسيت عددها ، وصار البحث عن الوحدة الوطنية الفلسطينية مثل البحث عن العلم الفلسطيني الضائع خلف رايات الفصائل الصفراء والخضراء والحمراء في كرنفالات انطلاقاتها ، واذا كان برد المنفى السويدي الاشقر ، سبب لي أوجاع المفاصل ، فان دفء الوطن سبب لي أوجاع " الفصائل " ! وانا اتفرج عليها وهي تقتسم فلسطين ، وتفصّلها على قياس الأمين العام ، وأمين السيرك ، ومع ذلك لم أفقد الأمل بشعب " المشحّرين " الحائر بين " لحية " غزة ، و "سكسوكة " رام الله ، انه سيبدع وسائل نضالية جديدة ، للخروج من النفق المسدود !
وسيكون لهذا الشعب .. شعب أيوب قيادة يستحقها ، يكون فيها الانسان الفلسطيني القيمة المطلقة ، وفصائل تنتمي اليه لا ينتمي اليها ، فصائل لا تنتظر شعبها يقدم لها الشهداء ، لتعلق على نعوشهم راياتها ، التي تركت جثثهم في الثلاجات الاسرائيلية ، وراحت تحتفل بأعياد انطلاقاتها المجيدة ، فصائل لا تشوي اللحمة لشاليط ، وتلقي لحمها الفلسطيني الحي من فوق أبراج غزة ، فصائل لا تأخذ شعبها رهائن في معبر رفح لتحافظ على استمرار "لحيتها السياسية " ! فصائل لا يكون فيها وزير وأسير في وقت واحد ، فصائل تنحاز الى فصيلة دم شعبها ، التي تراق كل يوم ، ولا تختلف على فلسطين ، وتتفق على " الصراف الآلي " !
فصائل يستحقها شعب يقدم الشهداء منذ قرن من الزمان ، قبل ان تنمو لخالد مشعل لحية ، وينمو كرش لمفاوض فلسطيني !
فصائل لا تفصّل فلسطين على قياس مكتبها السياسي ، ولا ترفع راية لها سوى العلم الفلسطيني !
وطني يوجعني ؛ وأنا أتفرج على هذا السيرك الفلسطيني الذي يجعل من جماعة " يُصرف له " يصرفون على الشعب الفلسطيني ، وأتفرج على القائد " الفذ " محمد دحلان الذي ترك " ابو عمار " وصار مع " ابو ظبي " يعد العدّة لقيادة شعب ادوار سعيد ، ومحمود درويش وتوفيق زياد ، وكأن الشعب الفلسطيني عاقر ليقوده أصحاب العقارات !
انها فلسطين العذبة المعذبة التي تنتصر دوما ، وتهزمها قيادات الصدفة كلما بحثت في ذاكرتها عن علتها !