الجهاد الاسلامى والانتخابات ؟

بقلم: 

تمتاز حركة الجهاد الاسلامى بالمرونة الكبيرة في تعاطيها مع المتغيرات الداخلية على الساحة الفلسطينية منذ عقود ، فقد عارضت اتفاقية اوسلو بشدة ولكنها لم تصطدم مع قوات السلطة الفلسطينية رغم ما تعرضت له من مضايقات على يد الأخيرة واستمرت في قتالها ضد العدو الصهيونى وبقى سلاح الحركة ولا زال موجه فقط ضد العدو الصهيونى وتعتقد الحركة أن الخلاف الداخلى لا يحل الا بالحوار ضمن ثابت واستراتيجية امنت بها الجهاد منذ تأسيسها منذ عقود وهذا ما ساهم في تقدير واحترام شعبنا وشرائحه المختلفة.

انتخابات 1996
لم تقف الجهاد عائقا أمام الانتخابات ولم تحرمها شرعا ولكن قاطعتها سياسيا على اعتبار أنها أحد افرازات اتفاقية اوسلو 1993 ولم تمارس أدنى ضغوط على شعبنا وحتى على أفرادها وكوادرها من قضية الانتخاب ورغم هذا كان لمقاطعة حركتى حماس والجهاد أثر كبير على نسبة التصويت في ذلك الوقت ورغم هذا فقد مرت انتخابات 1996بسلام رغم مخاوف البعض من اشكاليات سياسية هنا او هناك .
انتخابات 2005
بقيت الحالة الفلسطينية على ماهي حتى عام 2005 اي بعد عام من استشهاد الرئيس ياسر عرفات ولظروف الانتفاضة ولاجتهادات معينة شاركت حركة الجهاد الاسلامى بشكل جزئى في الانتخابات البلدية في بعض المدن والقرى الفلسطينية على اعتبار كما يرى البعض أن هذه الانتخابات تفرز مجالس بلدية تقدم خدمات لشعبنا وليست ذات صبغة سياسية ولكن الحقيقة هي ان هذه البلديات ذات مرجعية سياسية وهي ضمن افرازات أوسلو. في هذه الانتخابات شاركت حركة حماس بقوة وحصلت على نتائج ايجابية وأعطتها مؤشر ايجابى للمشاركة في الانتخابات التشريعية فيما بعد بعكس حركة الجهاد الاسلامى التى لم تحصل على نتائج ايجابية في هذه الانتخابات لعدة أسباب من أهمها : عدم قناعة كوادر الحركة وعناصرها ومؤيدوها بخطوة الجهاد المفاجئة خاصة انه لم تجرى أي مراجعات حسب معرفتى المتواضعة على الصعيد الداخلى تناقش هكذا ملفات وبالتالى لم يتفاعل كوادر الحركة ولا ابنائها مع هذه الانتخابات ، بالاضافة أن المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية عام 2005 تمت في مناطق يغلب عليها الطابع القبلى والعشائرى فيها تضعف الصبغة الحزبية الا اذا افرزت الاحزاب بعض ابناء العشائر والعائلات وكذلك تعرض العديد من كوادر الحركة للاعتقال أو الاغتيال او الملاحقة من قبل الاحتلال الصهيونى سواء في غزة أو الضفة الغربية ، رغم هذا فلا أحد ينفى زيادة شعبية حركة الجهاد الاسلامى ودورها الفاعل والكبير خلال انتفاضة الاقصى.
انتخابات 2006 التشريعية
قاطعت حركة الجهاد الاسلامى في فلسطين انتخابات 2006 التشريعية ولكن مقاطعتها هذه المرة لم يترافق مع مقاطعة حركة حماس بل مع مشاركتها في الانتخابات ما اعتبر تطورا في موقف حركة حماس ومفاجئا لحركة الجهاد الاسلامى.فازت حركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية وشكلت الحكومة منفردة بعد رفض باقي الفصائل مشاركتها الحكم مما عرضها وشعبنا لحصار خانق تحت ذرائع رفضها لشروط الرباعية التى كان من أهمها الاعتراف بدولة الاحتلال الصهيونى ،رغم مشاركة حماس في انتخابات 2006التشريعية الا ان حركة الجهاد الاسلامى لم تغير موقفها من ذلك وفي كل مناسبة صدعت بموقفها المعارض لجمع المقاومة مع العمل السياسي خاصة في ظروف حركات تحرر التى تخضع أرضها وسمائها ومعابرها للاحتلال وهذا ما أكده كثير من أصحاب الرأي بما فيهم مقربون من حركة حماس وهذا يتوافق مع رؤية الجهاد التى تؤكد على صعوبة التزاوج بين المقاومة والسلطة .
ان مشاركة حماس في الانتخابات والسلطة قد عرض شعبنا الى الحصار والذي بدوره زاد من معاناة شعبنا على أكثر من صعيد خاصة الأمور الحياتية وهذا ما تحاول الجهاد تجنبه .
انتخابات أكتوبر 2016
اعلنت حركة الجهاد الاسلامى في أكثر من مناسبة ان الانتخابات بجميع أشكالها هي من افرازات اوسلو ،فهل تغير حركة الجهاد من موقفها من الدخول في معترك السياسة والمشاركة في انتخابات يصفها الجميع بانها خدماتية ؟ وفي حال مشاركتها ، هل سيعتبر هذا تغيرا استراتيجيا في ثوابت الحركة؟ وبناء على ذلك هل سيؤثر ذلك على مصداقيتها ؟ هل سيكون عندها المقدرة على اقناع ابنائها وجمهورها وجمهور شعبنا كافة بشئ قد رفضته منذ عقود؟

واذا شاركت هل ستضيف شيئا جديدا على صعيد الخدمات ؟ في حال عدم مشاركتها بعض الغيورين يتسائلون الى متى ستبقى حركة الجهاد منعزلة عن العمل السياسى الرسمى ؟
هذه أسئلة مشروعة من الجميع.
لست ناطقا باسم الجهاد ولكن لو اتيح لى ان اقدم رؤية في ظل انتظار الكثير موقف الجهاد من الانتخابات البلدية فاقول ان حركة الجهاد الاسلامى لم تبخل على شعبها بأغلى ما تملك من دم وارواح كوادرها وأبنائها وهي تبذل الغالى والنفيس منذ حوالى اربع عقود فلا يعتقد شعبنا ان حركة الجهاد الاسلامى ستبخل عليه بخدمات هنا وهناك تفتخر الحركة بالتأكيد بتقديمها عبر كوادرها ولكن الظروف في هذه المرحلة معقدة ومركبة وما تجربة حركة حماس عنا ببعيد ولكن في حال تغير هذه الظروف المرتبطة بواقع سياسي مرير فسيجد شعبنا حركة الجهاد أول المنافسين لخدمته وربما يكون هناك في المستقبل مراجعات يشارك فيها كوادر الحركة للوصول الى مواقف جديدة كانت مرفوضة في السابق مع تغير ظروف معينة ولكن في الوقت الحالى يدرك الجميع ان الظروف السياسية واستحقاقات أوسلو وافرازاتها لا زالت قائمة والظروف الاجتماعية والاقتصادية تزداد سوءا خاصة الفقر والبطالة وحركة الجهاد الاسلامى تدرك ان شعبنا فيه من الكوادر والكفاءات الكييرة من يستطيع حمل هذه الأمانة فيما تبقي حركة الجهاد تساهم وتعمل على تعزيز وتطوير مشروع المقاومة لهذه الأسباب وأخرى قد تعتذر حركة الجهاد عن المشاركة في انتخابات البلدية على الأقل ترشيحا ولكن ربما تدعم بعض الشخصيات المهنية ذو الكفاءة العالية أو ربما تدعم بعض القوائم الوطنية وهذا بالتأكيد ما تحدده ظروف كل قرية أو مدينة أو مخيم.