الاختراق الاسرائيلي لافريقيا
القارة السوداء كانت محل اهتمام الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة. ولم تغمض عيون القادة الاسرائيليين لحظة حتى في لحظات القطيعة، والنجاحات العربية الفلسطينية زمن الرئيس الخالد جمال عبد الناصر والرئيس الرمز ياسر عرفات وايضا الرئيس القذافي. عن افريقيا لادراك القيادة الاسرائيلية اهمية القارة على اكثر من مستوى وصعيد.
التوصية الخاصة للسفير الاسرائيلي في الامم المتحدة، داني دانون لرئيس حكومته بزيارة دول القارة السوداء، لم تكن محصورة بمسألة تصويت مندوبي الدول الافريقية لصالح القضية الفلسطينية في المنابر الاممية فقط، على اهمية ذلك، وهو احد الاهداف، إلآ ان هناك اهداف أخرى لها علاقة بمصالح إسرائيل الاستراتيجية. ولاهمية التوصية، التي تناغمت مع الرؤية العميقة عند صانع القرار الاسرائيلي، قام بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء يوم الرابع من تموز الحالي بجولة شملت اربع دول افريقية لمدة اربعة ايام، هي: اوغندا، كينيا، رواندا واثيوبيا، وهي دول حوض النيل. وحمل معه حوالي 80 رجل اعمال إسرائيلي بالاضافة لفريق امني سياسي رفيع، مختص بالشؤون الافريقية.
تمكن بيبي من الربط بين اكثر من مناسبة في زيارته، فأحيا ذكرى مقتل اخوه في عملية عينتيبي، الذي قتل مع اربع ضباط اخرين في 1976 اثناء مهاجمة اعضاء الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الذين اختطفوا طائرة العال الاسرائيلية آنذاك؛ كما حضر في مساء اليوم الاول قمة افريقية مصغرة لرؤساء الدول والحكومات، التي حضرتها: اوغندا، كينيا، رواندا، مالاوي، جنوب السودان واثيوبيا، ووعدهم "بتعزيز التعاون الامني مع الدول الافريقية كلها.
ويمكن التأكيد المبدئي، ان رئيس حكومة الائتلاف المتطرف الحاكم حقق أكثر من هدف في زيارته "التاريخية"، لاسيما وانها الاولى منذ العام 1994 لرئيس وزراء إسرائيلي، منها: اولا تجسير العلاقة مع اقرانه رؤساء الدول والحكومات، التي زارها او التقاها في القمة الافريقية المصغرة. رغم ان علاقات إسرائيل لم تنقطع مع هذه الدول. غير ان هناك فرق بين وجود علاقات ديبوماسية روتينية وبين تعزيز العلاقات على اكثر من مستوى وصعيد؛ ثانيا النقطة او الهدف، الذي سعى له داني دانون، وهو الـتأثيرفي عملية التصويت الافريقية لصالح الشعب الفلسطيني الاتوماتيكية، وإحداث إختراق في تغيير النمطية السائدة في اوساط المندوبين الافارقة في الامم المتحدة؛ ثالثا إستعادة دور المراقب داخل دول الاتحاد الافريقي، التي تعطلت بعد تغيير حل منظمة الوحدة الافريقية وتغييرها إلى دول الاتحاد الافريقي منذ عام 2002. وحصل نتنياهو على دعم معلن من زعماء الدول والحكومات، التي التقاها. والاهم كان تصريح رئيس وزراء اثيوبيا، مريام ديسالين، وهو رئيس وزراء دولة المقر للاتحاد،في مؤتمر صحفي مشترك مع نتنياهو :" إن إسرائيل تعمل بجهد كبير في عدد من الدول الافريقية. وليس هناك اي سبب لحرمانها من وضع مراقب". واضاف "نريد ان تصبح إسرائيل جزءا من نظامنا الافريقي. نأخذ موقفا مبدئيا بجعل إسرائيل جزءا من اتحادنا." رابعا تعزيز الاستثمارات الاسرائيلية في دول القارة السوداء. ومرافقة حوالي 80 رجل اعمال إسرائيلي، لم يكن محظ صدفة او لاخذ الصور التذكارية، بل للتشبيك مع الشركات وجهات الاختصاص الرسمية والاهلية لتعزيز التعاون الاقتصادي. وهو ما يعني، وبحكم التفوق الاسرائيلي في حقول الاقتصاد الصناعي والزراعي والتكنولوجي، فإن التعاون في ميادين وحقول الاقتصاد والتبادل التجاري ستشهد نموا مضطردا في المستقبل المنظور؛ خامسا التعاون الامني، والذي عززه حضور نتنياهو للقمة الافريقية المصغرة المكرسة لمحاربة الارهاب، وبعيدا عن ماهية وطبيعة دولة إسرائيل، كدولة مارقة وخارجة على القانون، ودولة منتجة للارهاب، إلآ ان ما لديها من قدرات امنية متفوقة، تسمح لها بتعزيز حضورها في افريقيا كلها وليس فقط في الدول، التي زارها. اضف لذلك زيادة بيع الاسلحة للدول الافريقية؛ سادسا حصر الزيارة بدول حوض النيل، ليست بريئة، ولا بالصدفة، وقد تحمل تداعيات على عملية توزيع مياه النيل وخاصة على مصر والسودان..
زيارة نتنياهو وفق اي قراءة موضوعية، حققت اهدافها. فهل تؤثر هذه الزيارة في صناع القرار العرب كل من موقعه وبشكل مشترك، وتدفعهم لاعادة النظر في اليات تعاملهم مع دول القارة السوداء. وان يلتفتوا قليلا لاهمية القارة على الصعد السياسية والديبلوماسية والاقتصادية والامنية والثقافية؟
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com