نص مواطن

نص أي نصف الشيء الذي بدونه لن يكتمل أبداً، ورغم سعيك لجعله كامل بمحاولة منك لجذب الجزء الآخر إلا أن محاولاتك فاشلة، هدفك بسيط  وهو حق شرعي أن تبدو طبيعيا أو تبدو انسان لربما. عنوان المقال ليس إلا جملة تصيبك بالفضول أو الذهول وربما يعتقد البعض أن الهدف منها ليس إلا السخرية والتهويل، لكنها جملة قالها صديق غزي  اثناء وصفه حاله التعب في الضفة الغربية.
نص مواطن وليس بمواطن كامل، بلا حقوق كاملة يحيا، حقيقة الأمر أنه جاء ظنا منه أن الهروب من واقع غزة سيكون ارحم على نفسه وحاله فحال غزة حاليا معابر مقفلة، ومفاوضات مع الجانب المصري لا حول ولا قوة بنجاحها، فرص عمل ميته أما الكهرباء فحكاية أخرى ساعة تنعم عليك بالنور و10 ساعات بعدها يقبعون بجوف الظلمة الموحشة، ليس غباءا منه ترك غزة رغم أنها لم تتركه لحظة، أخيرا رحل ولم يظن أنه سيحي كنصف مواطف.
أتدرون ما هو اصعب شيء "انت تحيا وانت نص مواطن" جملة رددها شاب من غزة، برغم من أن صدها ما زال منثوراً حوله وبيد أن شعور الغربة عن أهله قاتل يحيا بلا حقوق في التنقل أو السفر يحيا بمحيط المدينة الشقراء يحفظ  زقاقها ويهرب اليها كونه لا يعرف سواها وطن لكن إلى متي سيبقى نصف مواطن.
السؤال ها هنا كيف به أن يحيا كنص مواطن ومن جعله كذلك، لن نعلق الشماعة على الإحتلال مجدداً لكن سياستها أو خططها المرسومة لممارسة ضغوطها على الشعب الفلسطيني لأبد من الحديث عنها ومن ضمنها القرار الإسرائيلي  رقم 1649 حول "منع التسلّل" في الضفة الغربية والذي يطبق على عدة فئات على رأسها الفلسطينيين مِن حاملي بطاقات الهوية الفلسطينية التي سُجل فيها عنوانهم في قطاع غزة (علمًا أن إسرائيل ترفض تسجيل تغيير عنوان المنتقلين للعيش في الضفة الغربية.
ليس القرار سطور كتبت بل لعبة نحن ادواتها كونه  يحمل في قاعه شباب من غزة قابعون بطيات البلد التي اتخذوها ملجأ لهم لتكون كالسجن لهم، محاصرون من كل الزوايا!، تلك البلد أو المدينة رفيقة لهم تطبط عليهم لكن حواجز المحتل الإسرائيلي جعلتهم سجناء ذات المدينة، لا حراك لهم فالحال يقول أن تمكنت منهم جيوش الإحتلال سيرحلون لغزة ومابين حلم بالدراسة لرفض ظلمة غزة سيضيع كل أمل لهم.
الامر ليس إلا هروبا من واقع لتصبح انسانا مجزء ما بين غزة والضفة أنت عالق على احدى الحواجز مجزء ما بين حنين لذكريات البحر و الشيخ رضوان والجزء الأخر منك قابع بين ثنايا زقاق يذكرك بالانفاق والهروب لحظة قصف ذهب ابن عمك أو خالك ضحيته، في أحدى المرات حدثنا ذاك الصديق عن غزة قائلا "أن افكارنا عنها خاطئة غزة جميلة لكن الزمان غيرها الحروب جارت عليها".
حقيقة الأمر أنك لست هنا أو هناك تماما كالشوكة أنت عالق أو كحبة ارز تابى ان تنزل مريحة حلقك من السعال وشرب المياه ما لا يخفا عنا أو عنك أنك تقاوم رغم علامات الياس والشروذ الطاغي عليك شروذ يكاد يشرذمك الى اللاشيء وحتى أن اللاشيء تبرء من انت يرددها مرار نصف مواطن نصف مواطن حالك وسيبقى إلا أن تجرات للعودة لقدرك لغزة وأن عدت ستبقى لشهورا متتالية قيد التحقيق جانب اسرائيلي إلى جهة حماس وربما توصم بصفة لتاكل العصي اكلا لما أو يشفع عنك ومنك من عندهم.
لا باس أن كنت النصف فالكل ايضا تعب، ذاك أن ذهبنا بالحال بعيداً، فأن كان القصد المعنى حرفيا فالكل تعب أي الشعب بشقيه الضفة الغربية وغزة برغم رفضنا لهذه التجزئة إلا أنها تستخدم وبكثرة، جزءنا هذا صحيح وفي كل يوم يعاد المستحيل ليصبح تاريخ فالظروف والواقع وليس تشائما تقول لن يكون هناك تصالح إلا بانهاء احدى الطرفان حماس او فتح.
وأخيراً نص أو نصف المواطن باق لا محال وأن تجرع كاس السم باق وأن تلون بالوان فرحاً ستتكشف لك لاحقاً عن كونها خداعاً بصرياً أو وهم لعابر صحراء بأن أخر الطريق يوجد بئر ماء.

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.