هذا الفيس بوك كاتلني يا عمّة!

خالد عيسى

وانت شلون عمتي وبي ما افتهمتي ؟

وقبل ان يظن احدكم اني " فايق ورايق " وادندن هذه الاغنية العراقية الشهيرة في هذا الصباح الاسكندنافي الغائم المنزوع الزرقة، فإن كل ظنكم إثم ليس فقط بعضه ، وسواء "بي افتهمت " عمتي او عمرها لا " تفتهم " فإن هذا الفيس بوك " كاتلني " واصبح هذا العالم الافتراضي يفرض علي بعض المخلوقات التي تعكر صفاء هذا العالم، وتجعل منه من وسيلة للتواصل الاجتماعي إلى وسيلة للتطاول الاجتماعي !

ومهما حاولت أن امشي فيه الحيط الحيط بحثا عن السترة كما يقال ، هذا لايعني ان لا يتعامل البعض مع حيطك على انه الحيط الواطي ، ويعطي الحق لنفسه ان ينط على حيطك بأي لحظة ويمارس عليك زناخته قبل أن تفقد صبرك وتضغط زر البلوك !

ولابد لي من الاعتراف الأن اني كنت غلطان لأني ظننت أن صفحتي في الفيس بوك هي بيتي أمارس في هذا البيت حريتي، واعبر عن نفسي بطلاقة افرح واحزن واضجر وامزح تارة وجادا تارة ، ولكني كنت واهما اني في الفيس بوك في بيتي لاكتشف اني في الشارع العام !

وفي هذا الشارع ما هب ودب وأنا يا غافل الك الله اتجول في هذا الشارع بـ ببجامة النوم او بالشورت، والكل فيه عيونه عليك عشرة عشرة ولا حقك على الدعسة!

وان كنت تعبت من المنابر العامة التي كتبت بها اكثر من نصف قرن من الزمان ووجدت في الفيس بوك منبرا شخصيا أمارس فيه فوضى روحي بدون حسابات فكرية او سياسية او حزبية او اجتماعية ، فإني اعترف اليوم اني كنت واهما ، وعلي أن اعيد النظر بهذه الحرية السرابية التي يبدو ليست بالأمر اليسير في هذا الفيس بوك !

للمرة المليون !!
انا زهقان واتسلى على الفيس بوك ! ولا أهداف لي ان كانت سياسية او حزبية او ادبية او شعرية او دينية او عاطفية !

انا لا اعتبر الفيس بوك منبرا صالحا لكل هذه الزعبرة !! من يقبل بي اهلا وسهلا ،ومن يعتبر نفسه مناضلا شرسا او واعظا مؤمنا او كاتبا جادا او شاعرا فطحلا او عاشقا مقطعا موصلا !!! يعذرني انا زهقان واعبر عن ضجري !

اني اعتذر منك ياعمة لأني "افتهمت" متأخرا ان في هذه الأمة من يحلو له مناقشة " نكتة " والاعتراض على صحن تبولة تضع صورتها ربة بيت مزهوة بمشاركة الاخرين متعة الانجاز ، وينتقد صبية فرحانة بقصة شعرها الجديدة ، ويقول : "تكبير " لصورة راس مقطوعة بيد داعشي في الرقة، ويستحلفك بالله ان لا تخرج من الفيس قبل ان تضع " لايك " لصورة حبة بندورة مكتوب عليها الله وان تصلي على النبي وانت ترى صورة شجرة راكعة تصلي، ويعترض على صورة شجرة عيد الميلاد تضعها فلسطينية في بيت لحم ، ويتلو عليك موعظة مطولة عن اثم التشبه بالكفار ويذهب بعدها ليشجع برشلونة !

انا اعتذر منك ياعمة لأن في هذا الفيس بوك بعض المخلوقات ما بتنعطى " فيس " بل فيس بلوك !

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.