الحب بعد الستين !

الحب

حين يصبح عمرك 10 ستات يمشطن شعرهن في شيب وقارك ، ويقلمن ما كان يوما نعومة " اظافرك "، ويرقصن رقصة الدراويش في عقر دار زهدك، ويربطن جدائلهن في عقم الجدل بين شباب الحُب و " حَب الشباب " في وعورة التجاعيد التي تجعل الوصول الى قلبك محفوفا بالمخاطر مثل مغامرات ابن بطوطة !
الحب بعد الستين انت فيه عضو مراقب !

تتفرج على الحب مثل مسلسل تركي مدبلج بلهجة شامية دلوعة ، تجعل من ممثلة تركية جميلة تقول لحبيبها التركي الوسيم: " تقبرني " قبل ان يقبّلها فوق جسر البسفور، الحب في الستين مثل هذه الدبلجة الشامية تقولها تركية لشاب وسيم هو لم يعد انت، مثل عبارة " تقبرني " فوق جسر البسفور الذي صعب ان يكون جسر الشاغور الا في الدبلجة، وقد تنجح الدبلجة في المسلسلات التركية ولكن في الحياة الواقعية الحب لا يدبلج ، الحب هو انت بشحمك ولحمك لا يقبل الاستعانة بصديق !

والحب حين يأتي بعد فوات الاوان يشبه وصولك الى المطار بعد اقلاع طائرتك ولو بخمس دقائق !

حبّان في حياتنا لا يدومان عمرهما قصير، الحب الاول لاتساع صدر الحياة، وحب اخر العمر لضيق صدرها، وبين هذين الحبين قصص حب بعضها عابر وبعضها عاثر، وبعضها من يبعثر كل حب في حياتك ويعثر عليك وتعثر عليه او لا تعثر عليه ابدا، ليجعل دوما في حياتك ثلاث نساء واحدة تحبها، وواحدة تحبك ، وواحدة تتزوجها ، ونادرا ما تحصل على امرأة واحدة تجمع كل هذه النساء في امرأة واحدة واكيد من يحصل عليها هو المحظوظ دوما !

الحب بعد الستين حب موجع دوما يحمل اليك رواية الحب في زمن الكوليرا لماركيز ، ويقرأ لك على ضفاف شيخوختك فصولها ، وتجعلك لا تفكر من الاقتراب من عودة الشيخ الى صباه وانت تشم رائحة الشيخ يحملها ماركيز الى انف شيخوختك ليخلّص الشيخ الذي هو انت من وهم البحث عن " صباياه " في الوقت الضائع، هذا الوهم الذي يجعلك تدخل قاعة سينما جميع مقاعدها فارغة وما ان تجلس على مقعد من مقاعدها حتى يقترب منك شاب وسيم في مقتبل العمر ليقول لك بكل احترام وتهذيب : عمو انا اسف هذا مكاني، وتترك مقعدك وتغادر قاعة السينما لتكتب عن الحب وانت تتفرج عليه في مسلسل تركي مدبلج تقول به شابة تركية لشاب وسيم تركي فوق جسر البسفور : " تقبرني " !

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.