رام الله "المتفرجة" في فيلمين فلسطينيين في مهرجان مالمو!

صورة توضيحية

ربما هي المصادفة التي جعلتني اتابع عرض فيلمين فلسطينيين في يوم واحد في مهرجان مالمو للسينما العربية وسط احداث متفجرة في الضفة الغربية المحتلة تضع الفلسطينيين امام خيارات صعبة في الصراع مع الاحتلال ولا ادري لماذا رأيت رام الله " عاصمة الفلسطينيين " المؤقتة تتفرج معي على ما يجري حولها من احداث في السينما وفي الواقع !

فيلمان فلسطينيان لـ سهى عراف ولـ رشيد مشهراوي لا رابط بينهما سوى رام الله المتفرجة في " فيلا توما " و "رسائل من مخيم اليرموك ".

سهى عراف التي جمدت الزمن في فيلا برام الله " فيلا توما " في حياة ثلاث شقيقات من عائلة ارستقراطية مسيحية عزلن انفسهن داخل سياج الفيلا في حياة رتيبة بعيدا عن مجتمع رام الله الجديد الذي يمارس حياته تحت الاحتلال بعد حرب الـ67 وربما ارادت ان توقف الزمن الى رام الله قبل الاحتلال الى ان تأتي ابنة اخيهم المتوفي " بديعة " لتقلب حياتهم رأسا على عقب ضمن جدران الفيلا المتداعية التي يسمع خارجها ازيز طائرات الاباتشي الإسرائيلية وبديعة ابنة اخيهم المتوفي الذي كسر تقاليد العائلة وتزوج من مسلمة فتعيد بديعة قصة والدها حين تقع بحب مسلم فلسطيني من مخيم قلنديا وتدخل رام الله المحتلة الى الفيلا خلسة ليلا عبر البوابة الحديدية واكثر من ذلك تضع جنينا في بطن الارستقراطية التي تعزل نفسها بين جدران الفيلا حين تكتشف العائلة ان بديعة حامل من خالد الذي يسقط شهيدا في الانتفاضة وتموت بديعة اثناء الولادة وتترك طفلها حيا في احضان العمات ، وينتهي الفيلم مع صراخ الطفل في الفيلا المعزولة عن محيطها !

وكأن سهى عراف ارادت هذه النهاية المفتوحة على مستقبل غامض لرام الله داخل الفيلا وخارجها !

اما رشيد مشهراوي كان يطل على مخيم اليرموك وخلفه رام الله المتفرجة عبر السكايب على كارثة مخيم اليرموك حين يحاول رشيد بمهارة شديدة ايصال رسائل مخيم اليرموك الى من يهمه ولا يهمه الامر.

يبدأ فيلم "رسائل من اليرموك" بتواصل المخرج بالصوت والصورة مع الفتاة الفلسطينية "لميس" التي تحكي عن مأساة المخيم، وكيفية وصولها إلى ألمانيا مع آخرين بعضهم سوريون طلبوا اللجوء السياسي، وأنها مازالت تنتظر الموافقة على طلبها، لأنها كتبت في أوراقها أنها "فلسطينية"، وتضحك لأنهم في ألمانيا.

ويبدأ "مشهراوي" الاتصال بالشاب "نيراز سعيد"، وهو خطيب لميس، فيمده بصور فوتوغرافية ومقاطع فيديو يصورها للمخيم الذي يتعرض للقصف في ظل الحرب الأهلية في سوريا، وما يترتب عليها من حصار وانقطاع المعونات الغذائية والمياه والكهرباء.

لكن سكان المخيم وسط الكارثة التي ربما تحصد روح أي منهم في أي لحظة -حيث قتل شقيق نيراز فجأة- لا ينسون حقهم في الحياة، فيعيشون على أمل الخلاص حتى أن "أيهم" صديق نيراز، يدفع البيانو الضخم على عربة حديدية يجرها مع أصدقائه، ويقدم معزوفات في وسط الشارع، ويتجمع السكان فيغنون وينتظرون.

وبين عرض الفيلمين كان عبد السلام ابو عسكر منتج فيلم رسائل من مخيم اليرموك يتابع اخبار الاحداث المتفجرة في الضفة الغربية عبر الاتصال برام الله وكنت اقف معه ندخن معا واتفرج معه على رام الله المتفرجة بين السينما والواقع.

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.