رسالة يجب أن تصل لـ"أبو مازن " فوراً

لم تكن الضجة التي أثارها خطاب الرئيس عباس (أبو مازن)  في مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية في جدة، ضجةً عابرة أو عبثية، بل هي تعبيرٌ عن حالة من الاحتقان التي أوصلتنا إليها السلطة الفلسطينية في الضفة ، ولربما كان خطاب الرئيس هو المسمار في اتمام سجن التنسيق الأمني والتنازلات  المفروض على الشعب الفلسطيني منذ عدة سنوات.

ولو أحسنا الظن، فإن خطاب الرئيس وانشغاله بالحديث عن مشاعر عائلات المستوطنين المختفين وعن الروح الإنسانية التي يتحلى بها تجاه من يقتلون يومياُ أبناء شعبه، يظهر أنه مغيب تماماُ عن كل ما يجري على الأرض الفلسطينية من انتهاكات وعمليات تهجير وقتل واستيطان يومي بحق الشعب الفلسطيني في كافة المناطق.

ثمة رسالة واضحة وقصيرة يجب أن تصل للرئيس عباس، ويجب ان يعرف من خلالها أن  حالة "الحب التي يقنعك من حولك بأن الشعب الفلسطيني يشعر بها تجاهك، ليست إلا مجرد وهم وتمثيلية حاكها بعض المستفيدين من حالة الانقسام وحالة التخبط التي تعيشها السلطة الفلسطينية".

على الرئيس أن يعرف بأن الشعب ما عاد قادراً أن يصبر على احتمال كل هذا الكم من التنازلات والعجز في الدفاع عن حقوقه  المقدسة التي أصبح التنسيق الأمني أقدس منها.

على الرئيس أن يعرف بأن ما يجري بين الأجهزة الأمنية وإسرائيل ليس حتى تنسيقاً أمنياً، فالتنسيق الأمني يعني تبادل المعلومات بين دولتين في سبيل حماية مواطني الدولتين، لكن ما يجري الآن جعل من السلطة الفلسطينية وأجهزتها "مخبر أمني" للاحتلال يعطيه فقط  المعلومات التي يحتاجها والدليل على ذلك هو ما جرى للشهيد معتز وشحة في بيرزيت الذي حوصر لعدة ساعات على بعد مئات على بعد بضعة كيلو مترات من المقاطعة، فأين كان التنسيق الأمني يومها من حمايته ومنع الاحتلال من اغتياله؟.

على الرئيس أن يدرك بأن "عملية خطف المستوطنين" وإن صح لنا تسميها بهذه التسمية، لم تحدث إلا بعد أن أغلق الاحتلال كافة الطرق الدبلوماسية والسلمية من أجل الإفراج عن الأسرى، وتمثل ذلك بالقانون الذي أقره الكنيست والذي يمنع الإفراج عن أسرى فلسطينيين.

على الرئيس أن يعرف بأن ما قاله في جدة، هو رسالة غير مباشرة لدول العالم الإسلامي كافةً بأن تتطبع علاقاتها مع إسرائيل، كيف لا وصاحب الحق الأول وصاحب القضية، قال لهم إنه يحرص على أمن وسلامة من يحتلون أرضه، وأن "تنسيقه الأمني" معهم يحمي شعبه.

على الرئيس أن يدرك بأن حالة الهدوء النسبي التي تسود الشارع تجاه السلطة الفلسطينية وسياساتها لن تدوم طويلاً، وأن سكوت الناس لا يعني رضاها عما يجري، وأن الامور قد تصل إلى حد لن يستطيع أحد بعده إعادتها إلى المربع الأول. 

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.