كان يمكننا احتلال غزة

احتلال غزة

عاموس هرئيل

«بدأنا نستعد للعلاج الهجومي للانفاق قبل الحملة في غزة. بعض من التدريبات القتالية تم تطويرها من قبل. وفي منتصف تموز تم التخطيط لانهاء التدريبات في فرقة غزة، بقيادة اللواء جفعاتي، حول القتال بواسطة تحت أرضية. ولكن الحرب اندلعت قبل اسبوع من ذلك. وفي النهاية اجتزنا استكمال الترتيبات الحقيقية في مواجهة حماس».

العميد نداف فدان، قائد فرقة 162، قاد واحدة من الفرق الثلاثة للجيش الاسرائيلي التي عملت في الصيف في الحرب في قطاع غزة. وفي مقابلة مع «هآرتس» يصف ما انتهى، بالنسبة له وبالنسبة للقادة الذين عملوا تحته، بإحساس كبير بالانجاز: المس بحماس، تدمير الانفاق الهجومية والتقدير بانه لو كلف الجيش بمهمة اكبر، لاحتلال القطاع، لكان سيقوم بها كما هو مطلوب.

شهر ونصف مرا منذ انتهاء حملة «الجرف الصامد» وجدول الاعمال الوطني تبدل على وجه السرعة، من المعركة على «الميلكي» في برلين وحتى الاحداث على الحدود اللبنانية والسورية. ولكن فدان لا يزال يعيش ما حصل في غزة. عملية التحقيقات الداخلية، في فرقته وعلى المستويات فوقها، توجد في ذروتها.

«وصلنا الى الحرب مع مستوى نضج متوسط لمعالجة الانفاق»، يقول فدان. «وقد نضجت العملية في اطار القتال حيث تعلمنا في اثنائه غير قليل. فانت تتعلم كيف تفخخ حماس فتحة النفق، وكيف يحمون المجال. هذا العالم لم يكن غريبا علينا. مستوى دقة المعلومات الاستخبارية بالنسبة لايجاد الفوهات كان عاليا جدا. وحيثما كنا نعرف، توجهنا فوجدنا الفوهات. ولكننا لم نكن نعرف كل شيء. احيانا تكشف انت منظومة بكاملها عبر نقطة البدء. كان ينقصنا مسار دقيق في جزء من الانفاق. وحسب فهمي، فان العثور على المسار كان عنق الزجاجة». هذا هو احد الاسباب الذي جعل هدم الانفاق يستغرق اسبوعين ونصف اكثر بكثير مما قدر الجيش في البداية.

في الحرب قتل سبعة جنود عملوا في اطار الفرقة، في المعارك في شمال القطاع – منطقة بيت حانون، جباليا والعطاطرة. الفرقة، التي استخدمت ثلاثة طواقم قتالية لوائية، من الناحل، لواء المدرعات 401 ولواء «بهد 1»، دمرت بعض الانفاق الهجومية وقتلت في المعارك عشرات عديدة من نشطاء حماس المسلحين. وكان الاتصال بالمدنيين الفلسطينيين قليلا نسبيا لان في شمال القطاع اخلى الجيش السكان فكان بوسعه ان يتصرف بنجاعة والغالبية العظمى منهم غادروا المنطقة قبل أن تبدأ المعركة البرية.

«بيت حانون كانت فارغة من المدنيين عندما دخلناها»، يقول فدان الذي يشهد بانه على مدى كل القتال رأى جثة واحدة لمدنية، فلسطينية عجوز قتلت على ما يبدو في القصف. في حالة واحدة، ادعى الفلسطينيون بان 15 مدنيا قتلوا بقصف للجيش الاسرائيلي على مدرسة. وقائد الفرقة مقتنع بان المبنى لم يصب وان حماس «البست» حادثة القتلى من منطقة اخرى. «لقد استخدمت حماس بشكل مستمر المدارس ومآوي الانروا. وخرجت الخلايا من داخل هذه النطاقات، لتطلق النار نحو قواتنا وتعود الى الداخل. بذلنا جهدا كبيرا لمنع المس بالمدنيين بما في ذلك وقف النار في عشرات الحالات. هذه ليست صدفة، هذه سياسة. عندما اقارن ما حصل في العراق، فاننا نعمل بشكل اكثر انضباطا بكثير. يوجد على ذلك جدال كبير عندنا. هناك من يدعون بانه ليس اخلاقيا تعريض الجنود لهذه المخاطر من أجل تقليص المس بمدنيي الخصم. ولكن واضح لنا بانه يجب ان نطبق على أنفسنا هذه القيم والا نصبح برابرة».

لقد قللت حماس من المواجهات المباشرة مع الجيش الاسرائيلي، ما أن دخلت القوات. وتضمنت معظم الاحداث نار القناصة من بعيد. ولكن معالجة الانفاق استوجبت مكوثا طويلا في أرض القطاع. «كانت الوحدات عشرة، 12 يوما في اطراف جباليا وبيت حانون. وهذا كان مدعاة لمحاولات مناوشتنا. كانت عدة اشتباكات قاسية. وفي حالة واحدة قتلت السرية التنفيذية لكتيبة 931 في معركة 15 نشيطا من قوة الانفاق لدى حماس».

فدان، ابن 47، خدم كمقاتل وقائد في وحدة «سييرت متكال» الخاصة، كان قائد وحدة المستعربين «دوفدفان» في ذروة الانتفاضة الثانية. قائد لواء في المناطق وقائد مدرسة الضباط. وقد تسلم منصبه الحالي في بداية شهر ايار فقط. وبعد شهرين من ذلك وجد نفسه في مكانة نادرة نسبيا في العقد الاخير في الجيش الاسرائيلي كقائد فرقة في قتال. في ايلول من العام الماضي، بعد أن أنهى قيادة الفرقة اللوائية في الجيش الاسرائيلي على الحدود المصرية، اجريت مقابلة معه في «هآرتس».

وتناول الحديث في حينه التغييرات المتطرفة التي وقعت في سيناء. تبادل السلطة في مصر في اعقاب اسقاط نظام الرئيس حسني مبارك، انطلاق الشيطان من القمقم في شكل فصائل اسلامية اشتبكت مع الجيش المصري في سيناء، ولكنها أيقظت من جديد ايضا خط الحدود مع اسرائيل في سلسلة من العمليات.

مثلما في الحروب السابقة في لبنان وفي غزة، ترددت القيادات السياسية والعسكرية غير قليل قبل أن تأمر بخطوة برية محدودة داخل القطاع. وحسب فدان فان «المناورة البرية هي وسيلة لتحقيق الاهداف، وليست غاية بحد ذاتها. اذا ما حققنا ذلك بشكل يقلل من المخاطر بحياة الجنود فهذا هو الافضل. هذا هو التردد الذي كان في هيئة الاركان وفي قيادة الجنوب كل الوقت. وقد نبع ضرب الانفاق من حقيقة أنها بنيت على مسافة بعيدة داخل الارض وانه لم يكن ممكنا تدميرها من الجو فقط».

حتى عندما كان الجيش يوشك على انهاء عملية تدمير الانفاق الهجومية، دار جدال عاصف في الكابنيت وفي وسائل الاعلام حول توسيع العملية. وكالمعتاد قيل أن قادة الالوية يطالبون بالسماح لهم بالدوس على دواسة السرعة.

«قادة الالوية عرضوا على رئيس الوزراء كيف يعالجون الانفاق وماذا ينوون عمله. دور قائد اللواء هو ان يدفع نحو الامام، ان يطرح بدائل عملياتية. اما القرارات فتتخذ فوق. وعندما ترددت القيادة السياسية في الدخول عميقا اكثر الى غزة، عنينا نحن بالاستعدادات الاخيرة لخطة توسيع الحملة. انشغلنا بحيث انه لم يكن لنا مجال للتفرغ لاي شيء آخر.

«احساسنا بالثقة ازداد. شعرنا باننا ننجح في مواجهة ما توقعناه بشكل افضل وبالتالي فان لدينا القدرة على ان نرسم أي خط ازرق يضعوه لنا. وهذا ليس قولا تافها. فالخطوط تحددت في البداية مع غير قليل من المخاوف. ولكننا شعرنا بانهم لو حددوا لنا خطا كهذا، لكنا احتلينا كل القطاع. هذا هو احساس قادة الكتائب والالوية، بلا لبس. وكان السؤال اذا كان هذا يخدم مصالح القيادة السياسية. كنا مستعدين لهذا وبعد أن أنهينا معالجة الانفاق بالاستعدادات لذلك على مدار الساعة. ولم تكن ساعات نوم في القيادات. وكانت لحظات كنا فيها على الاليات مستعدون لخطوة برية اخرى».

ويقول فدان اننا كنا باحساس جد طيب على الشكل الذي قاتلنا فيه. ونحن نفهم العدو الذي وقفنا امامه، ولا نستخلص من ذلك استنتاجات بالنسبة لحزب الله. واضح لنا ايضا ما هو ليس صحيحا تعلمه من ذلك. فالمواجهة في لبنان ستكون اكثر تعقيدا بكثير».

 

هآرتس