أوباما في زيارة مجاملة

 

بقلم: تشيلو روزنبرغ

إذا لم يحصل ما هو غير المتوقع فان الرئيس اوباما سيزور منطقتنا، بما في ذلك اسرائيل. وثمة من يرغب في أن يضفي على الزيارة معاني سياسية كبيرة. ولكن لا يفهمون أن الزيارة ليست سوى بادرة حسن نية. وللأسف، لا يوجد اي احتمال لاختراق حقيقي، على الاقل ليس في الفترة المنظورة للعيان. فمنطقتنا توجد في وضع غير مستقر. و"الثورات" في العالم العربي أوقعت مصيبة على استقرار المنطقة. مصر تعيش في ثورة مستمرة، والكلمة الأخيرة لم تصدر هناك بعد. الحكم الجديد ليس سوى دكتاتورية "الإخوان المسلمين"، الذين يسعون الى أن يفرضوا في مصر نظاما اسلاميا اصوليا، لا ديمقراطية كما أملوا في العالم الحر. مصر لا يمكنها أن تؤثر في المنطقة طالما كانت دولة فوضى، غير مستقرة، وبعيدة جدا عن مكانتها في العالم العربي والاسلامي قبل الثورة. كما أن مستقبل العلاقات بين اسرائيل ومصر محفوف بالغموض الكثيف بسبب الأيديولوجيا الأصولية للحكم في مصر. اما الوضع في سورية فسيئ للغاية. المساعدات للثوار لا تضمن ان يؤدي القضاء على الاسد الى تقريب سورية من الغرب. ومن غير المستبعد ان نتوق بعد ذلك للأسد. رغم كل الخطاب الحربي، فان الأسد الابن لم يخرق سياسة أبيه منذ 1973، ولهذا فقد كانت الحدود السورية هادئة.

منذ الحرب الاهلية في سورية تغير الوضع على الحدود بشكل منقطع النظير. فخطر التدهور آخذ في التعاظم. والولايات المتحدة لا يمكنها أن تضمن نتيجة إيجابية، لها ولاصدقائها، حين ينتهي حمام الدماء. وحتى ذلك الحين، فانه لا يوجد على اي حال ما يمكن الحديث فيه عن مفاوضات سياسية بين اسرائيل وسورية. وأكد مقربو اوباما بان ليس لدى الرئيس خطة سلام جديدة عند مجيئه الى القدس ورام الله. يبدو أن اوباما واقعي جدا في هذه المسألة. فالفلسطينيون يوجدون على شفا انفجار شعبي يسمى انتفاضة. وثمة في اسرائيل خبراء يقولون بيقين إننا لسنا هناك بعد، وإن المسافة بعيدة. يجدر بهؤلاء الخبراء ان يتحفظوا على أقوالهم لان تاريخ الانتفاضتين الاوليين امسك باسرائيل وهي غير جاهزة على نحو ظاهر. وليس مجديا الرهان على كل الصندوق في هذا الشأن. ثانيا، التسوية المتفق عليها بين اسرائيل والفلسطينيين لا تبدو واقعية، على الاقل حسب الحقائق المعروفة اليوم. فليس في اسرائيل ولا في اوساط الفلسطينيين قيادة مستعدة لتنفيذ خطوة دراماتيكية. لا ابو مازن ولا اي زعيم آخر في أوساط الفلسطينيين سيكون مستعدا للتخلي عن حق العودة او عن شرق القدس. كل من يوهم نفسه بان غدا سيكون ممكنا الوصول الى تسوية في هاتين المسألتين غارق في اضغاث احلام.

والحكومة التي ستتشكل في اسرائيل بعد بضعة ايام لا يمكنها أن تنفذ أي خطوة سياسية ذات مغزى. نتنياهو سيواصل الإعلان عن استعداد اسرائيل للموافقة على اقامة دولة فلسطينية، ولكن تصريحاته ستكون من فمه الى الخارج. بينيت ونواب "البيت اليهودي" انتخبوا كي لا يسمحوا بإقامة دولة فلسطينية. إذا كان بينيت ورفاقه مخلصين لاقوالهم، ففي اللحظة التي تبدأ فيها مفاوضات سياسية سيتعين عليهم الانسحاب، الا إذا تلقوا وعداً لا لبس فيه من نتنياهو بان شيئا لن يتحرك. وحتى لو تقرر تجميد البناء في المستوطنات، فان "البيت اليهودي" لن يكون بوسعه أن يبقى في الحكومة. وداخل "الليكود" ايضا لا توجد لنتنياهو أغلبية لخطوة سياسية. من سيقود معسكر المعارضين سيكون المرشح لوزارة الدفاع ، موشيه يعلون، وسينضم الآخرون اليه. وبقدر ما يبدو هذا هاذيا، فان وزير الدفاع المنصرف، ايهود باراك، بالذات أشار إلى الحل الجزئي الأفضل القائم: انفصال من جانب واحد في ظل إبقاء الكتل الاستيطانية الكبرى في يد إسرائيل. وحالياً لا يوجد حل افضل، ولا حتى لأوباما. يعرف الرئيس الاميركي الوضع جيدا، ولهذا فان زيارته الى اسرائيل والى المنطقة ستكون زيارة مجاملة فقط. خسارة!

  معاريف