من يفوز في لعبة التشيكن

 

بقلم: نحاميا شترسلر

إن يئير لبيد ونفتالي بينيت على يقين من ان بنيامين نتنياهو سيبدي الضعف أولا. فهما يعلمان انه غير أهل للعبة التشيكن حيث ينطلق سائقان واحد في اتجاه الآخر بسرعة كبيرة، حينما يحرف واحد منهما في آخر لحظة وهو الذي تخونه أعصابه المقود للهرب من مسار الصدام ويعلن بأنه «تشيكن»، أي جبان.

الحقيقة هي ان نتنياهو لا يريد ان يحسم بين الخيارات، فهو يريد حكومة مع الجميع فيها 80 عضو كنيست من الليكود والحريديين وبينيت ولبيد بل فيها 88، أي مع ليفني وموفاز ايضا.
هذه بالطبع حكومة مستقرة لأنه لا يستطيع أي حزب ان يهدد باستقالة تفضي الى سقوطها. لكنها ستكون ايضا حكومة شلل يُبطل فيها كل جناح الجناح المقابل وتكون النتيجة الوحيدة اربع سنوات اخرى من حكم نتنياهو مع عدم فعل شيء.
بيد أنه مما يؤسف نتنياهو ان هذه الحكومة غير ممكنة لأن لبيد لن يدخل الائتلاف مع الحريديين. فهو يدرك ان ذلك سيكون انتحارا سياسيا لأنه لا يستطيع أن يفي مع الحريديين بأي وعد أعطاه لناخبيه، فهو لا يستطيع ان يجند الحريديين ولا ان يخفض غلاء المعيشة عن الطبقة الوسطى. وسيستمر في التمتع بالسكن المدعوم الحريديون خاصة ولن تُضاف الانجليزية والرياضيات الى جهاز تربيتهم وبذلك لن يستطيعوا الحصول على عمل ذي مردود حتى لو شاؤوا ذلك. وستكون نتيجة ذلك ضرائب اخرى على الطبقة الوسطى التي ستضطر الى ان تحمل على ظهرها المحني حريديين طُفيليين آخرين.
إن من يريدون ان يتعلم الحريديون الرياضيات والانجليزية ويخدموا في الجيش ويخرجوا للعمل لا يكرهون الحريديين. بالعكس. فالحديث عمن ينظرون الى الحريديين على أنهم مساوون مساواة مطلقة، ويريدون ان يساعدوهم على التخلص من دائرة الفقر والجهل التي يدفعهم حاخاموهم الى داخلها. والذي يريد ان يتعلم الحريديون مهنة يريد في الحاصل ان يكونوا مواطنين نافعين مستقلين مساوين في الحقوق والواجبات.
يعتقد كثيرون ان الحلقة الضعيفة في حلف لبيد بينيت هي نفتالي بينيت الذي سينكسر بسبب الضغط المستعمل عليه ويدخل الحكومة مع الحريديين ومن غير لبيد. وهم لا يفهمون ان للصهيونية المتدينة حسابا طويلا معوجا مع الحريديين الذين سلبوهم كل مواقع التأثير وكل الوظائف والاجهزة الدينية، من الحاخامية الرئيسة الى المجالس الدينية ثم الى اجهزة إحلال الطعام.
إن ناس الصهيونية المتدينة يحقدون حقدا عميقا على الحاخامين ونشطاء الحريديين، الذين يستخفون بصورة تعلمهم التوراة واقامتهم الفرائض. وهم غير مستعدين لاحتمال اهانات اخرى كاهانات الحاخام عوفاديا الذي قال عن البيت اليهودي: «ليس هذا بيت يهود بل أغيار يريدون اجتثاث التوراة».
لهذا فإن خيار نتنياهو الحقيقي هو حكومة مع الحريديين وشيلي يحيموفيتش، أو مع لبيد وبينيت. والذي يتذكر الى الآن ان سبب تقديم موعد الانتخابات قد كان الحاجة الى اقتطاعات حادة من الميزانية، والى اصلاحات وتغييرات تُخرج اقتصاد اسرائيل من الركود، يجب عليه ان يحسم الامر مؤيدا حكومة لبيد – بينيت. فسيمكن معهما فقط تنفيذ الاقتطاعات الضرورية، والدفع بالتنافس الى الأمام، وخفض الضريبة الجمركية، وفتح الاقتصاد للمنافسة، وخفض غلاء المعيشة والقضاء على الفقر. وسيمكن معهما فقط القيام بالاصلاحات المطلوبة في مجال السكن وخفض اسعار الشقق. وسيمكن معهما فقط محاربة اللجان الكبيرة والتركيزية والهرمية.
وحينما يأتي اليوم الذي يُحتاج فيه الى التصويت على اتفاق سياسي سيترك بينيت الحكومة وسيتم احراز الأكثرية في الكنيست بالاستعانة بحزب العمل وميرتس والاحزاب العربية. وقد كانت في الماضي أمور تشبه هذه.
أثبتت الانتخابات الاخيرة ان الجمهور يريد تغييرا، ويريد وجها جديدا ويريد حكومة مع قوى جديدة، ولا يريد الحكومة التي كانت ذات مرة، مع روائح النفتالين التي تنبعث من العناق الطويل بين الليكود والحريديين.
ولما كانت جبهة لبيد – بينيت تبدو صلبة، ويحيموفيتش غير مستعدة لدخول الحكومة، فسيكون نتنياهو هو الذي يُبدي علامات الضعف أولا ويحرف المقود في مواجهة سيارة لبيد – بينيت وينشئ حكومة معهما.

هآرتس