اغتيال سليماني يفتح جميع السيناريوهات.. الترقب سيد الموقف

اغتيال سليماني يفتح جميع السيناريوهات.. الترقب سيد الموقف

زمن برس، فلسطين:   ما أن تم الإعلان عن قيام الولايات المتحدة بعملية عسكرية أسفرت عن مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني عراب النفوذ الإيراني في الدول العربية، حتى بدأ المحللون نقاشا ساخنا حول مصير التصعيد الأخير وطرحوا أسئلة كثيرة بينها ابرز الخيارات التي يمكن أن تتحول إلى واقع بين رد إيراني وجواب أمريكي. احتمالات نشوب حرب أثارت قلقا دوليا، حيث دعت غالبية العواصم إلى الهدوء وتجنب التصعيد، فـ"العالم لا يمكنه تحمل حرب جديدة في الخليج"، حسب تعبير الأمين العام للأمم المتحدة.

وترى طهران أن إقدام الولايات المتحدة على اغتيال سليماني، أقوى شخصية بعد المرشد الأعلى، عمل من أعمال الحرب يهدد بتفجير الأوضاع في المنطقة. وبإصدار الأمر بتنفيذ الضربة الجوية في بغداد خطا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالولايات المتحدة وحلفائها إلى أرض مجهولة في مواجهة إيران والفصائل التي تعمل لحسابها والتي جرى إعدادها منذ فترة طويلة لضرب أعداء طهران في مختلف أنحاء المنطقة.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أكد أن العلمية التي أسفرت عن مقتل سليماني كان هدفها "وقف" حرب بين بلاده وإيران وليس بدئها، وقال "تحركنا الليلة الماضية لمنع حرب. لم نتحرك لإشعال حرب". فيما قال مستشار الأمن القومي الأمريكي روبرت أوبراين إن أي رد إيراني على مقتل سليماني سيكون "قرارا سيئا للغاية".

"هيبة إيران على المحك"

ومن الواضح أن القيادة الإيرانية ستتحين الفرصة للرد آجلا أم عاجلا، ويعتقد بعض المحللين أن الرد الإيراني على هذه الضربة الموجهة لهيبة إيران ومكانتها الإقليمية سيكون قويا. في هذا السياق، قال مهند حاج علي الباحث الزميل بمركز كارنيغي الشرق الأوسط في بيروت "قيام الولايات المتحدة بقتل سليماني مباشرة هو تحد صريح و(سيتحتم) على إيران أن ترد بعمل لإنقاذ ماء الوجه وإلا فإن الصورة والمكانة اللتين حرصت إيران على إبرازهما في العقدين الأخيرين يصبحان على المحك صراحة". وأضاف "هذه ليست نهاية الأمر".

ما هي الخيارات المتاحة؟

تملك إيران غيران خيارات عدة للرد على العلمية الأمريكية، وتتراوح من تعبئة حلفائها في العراق إلى القيام بعمليات في مضيق هرمز مرورا بهجمات الكترونية. ولا يتخيل أحد أن قتل سليماني سيمر دون عقاب. وقد هددت طهران أنها ستنتقم لسليماني "في التوقيت والمكان المناسبين".

مطالب أوروبية بضبط النفس وإيران تتوعد بالانتقام

ويرى هيكو ويمين مسؤول منظمة الأزمات الدولية للعراق وسوريا ولبنان، أن هناك هناك خيارات ممكنة كثيرة "لكن لا تنطوي جميعها على عمل عسكري أو عنيف"، معربا عن اعتقاده بأن "كلا المعسكرين لا يريدان الحرب، وكلاهما لا يرى فيها مكسبا. الخطر يكمن في وجودهما في مواجهة مباشرة، وكل منهما يأمل تراجع الآخر. واذا لم يتراجع أي منهما، يمكن أن يؤول الأمر إلى كارثة".

العراق مسرحا للرد الإيراني

ويتوقع أن يكون العراق، حيث تتمتع إيران بداعمين كثر، في ساحة لإيران لتصفية حساباتها مع واشنطن، وذلك من خلال المجموعات المسلحة التابعة لها أو المتعاطفة معها. ويرى الخبير في الشأن الإيراني في معهد الشرق الأوسط بواشنطن اليكس فاتانكا أن "العراق سيصبح أول ميادين المعركة (..) وسيكون هناك ضغط كبير على الوجود العسكري في العراق"، مذكرا بأن الأمريكيين سيخسرون كثيرا على المستوى الاستراتيجي إذا اضطروا للانسحاب من العراق.

يذكر أن قادة الفصائل المؤيدة لطهران في بغداد دعت مقاتليها إلى "أن يكونوا على أهبة الاستعداد". وأعلن الزعيم العراقي الشيعي مقتدى الصدر عن إعادة تفعيل "جيش المهدي" الذي حله قبل عقد من الزمن بعد أن شكل صداعا للوجود الأمريكي في العراق.

كما يمكن تنفيذ عمليات ضد الأمريكيين في لبنان وربما اليمن وسوريا حيث تنشط إيران عبر مجموعات مؤيدة لها مثل حزب الله اللبناني والحوثيين. وقد أكد الرئيس حسن روحاني أن إيران و"الدول الحرة في المنطقة ستنتقم" لمقتل سليماني. وأضاف "من المؤكد أن الأمة الإيرانية الكبيرة والدول الحرة الأخرى في المنطقة ستنتقم من أمريكا على هذه الجريمة البشعة".

جبهة مواجهة الكترونية

ويرى خبراء أن إيران لاعب كبير في المشهد الإلكتروني العالمي. في هذا السياق يقول لويد غيزو الأمين العام لمجمع المهنيين الفرنسيين المختصين في الأمن والإعلام إن الإيرانيين شكلوا "جيشا إلكترونيا" بايع مرشد الجمهورية (علي خامنئي) مع أنه ليس هيكلا رسميا". وأضاف "تركز عملياتهم أكثر على البنى التحتية من النوع الصناعي، وهم يثيرون الخوف نسبيا في هذا المستوى (مع إمكانية مهاجمة) سدود في الولايات المتحدة أو تسلل لأنظمة إنتاج الطاقة الأمريكية وغيرها".

جدير بالذكر أنه كانت هناك شبهات حول تسلل إيراني في 2013 إلى النظام المعلوماتي لسد صغير قرب نيويورك.

بيدا أن اليكس فاتانكا يرى أن الرد على مقتل شخصية مهمة مثل سليماني سيتطلب من طهران "خطاب انتقام مكثف"، لكن لا واشنطن ولا طهران ترغبان في الواقع في مواجهة كبرى تقليدية وعنيفة، كما يرى المحلل السياسي.