درس فنزويلا في المدارس العربية

لن تغير أمريكا من طباعها؛ ستظل داعمة لكل نظام حكم مستبد على مستوى العالم، وستظل خلف القلاقل والتجويع والحصار لكثير من شعوب الأرض، وستظل أمريكا تمارس التفرقة العنصرية، وتمايز بين الناس، فلدى أمريكا رجال النخبة في كل بلد، وهم الرؤساء والملوك وأقطاب المال والإعلام، الذين تصنعهم أمريكا بعناية فائقة وإتقان، ولدى أمريكا عامة الشعوب، أو العبيد من عمال وصغار موظفين وأصحاب حرف وفقراء، وهؤلاء هم أعداء المشروع الأمريكي الساعي إلى السيطرة على موارد الشعوب من خلال السيطرة على نخب الشعوب السياسية والإعلامية والاقتصادية والفنية والثقافية.
إن ما جرى في فنزويلا من محاولة انقلاب فاشل تدعمه أمريكا، يتعارض كلياً مع تصريح الرئيس ترامب الذي يدعي أن الولايات المتحدة تقف مع شعب فنزويلا وحريته! فهل حقاً تقف أمريكا مع شعب فنزويلا وحريته، وهي تفرض عليهم الحصار والتجويع؟ وهل تقف أمريكا مع حرية شعب فنزويلا حين تهدد دولة كوبا بالحصار الشامل إذا هي وقفت مع شعب فنزويلا؟.
لقد تجلت السياسية الأمريكية الحاقدة على حرية الشعوب مع دعوة مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون؛ الذي حرض علانية وزير دفاع فنزويلا بالتدخل لخلع رئيس فنزويلا المنتخب ديمقراطياً، وقال لوزير الدفاع بوقاحة سياسية: قم بإقصاء الرئيس الفنزويلي، ونحن سنرفعك من قائمة العقوبات، أما إن بقيت مع الرئيس فستغرق بك السفينة!!
هذه السياسة الأمريكية تأخذ تعاليمها من المدرسة الإسرائيلية التي تقوم بفرض الحصار الإرهابي على الشعب الفلسطيني كي يضغط على قيادة المقاومة لتقدم التنازلات، وترتدع عن المواجهة، إنها سياسة العصا والجزرة، والربط بين المعاناة والجوع ومعاداة السياسة الأمريكية والإسرائيلية، وبين الرخاء والشبع وتقديم فراض الولاء والطاعة لأمريكا وإسرائيل.
إن ما جرى في فنزويلا من محاولة انقلاب فاشلة حظيت بدعم أمريكا لا يختلف كثيراً عما تمارسه أمريكا من عدوان ضد شعوب الأرض كافة، فقد وقفت أمريكا ضد الشعب الليبي، وضد الشرعية الدولية، وحالت دون صدور قرار من مجلس الأمن يدين اعتداء اللواء حفتر على طرابلس، وتقف أمريكا ضد الشعب الإيراني، وتفرض العقوبات المتتالية على شعب يرفض أن يسلم مقدراته لأمريكا، وتقف أمريكا ضد الشعب الكوري الشمالي، وتفرض عليه العقوبات لأنه يرفض الخضوع للسياسة الأمريكية، وتفرض أمريكا حصارها ضد معظم شعوب الأرض في الصين وتركيا وروسيا، في محاولة لكسر إرادة كل أمة تقف في وجه أمريكا وإسرائيل.
لقد فشل الانقلاب العسكري الأمريكي في فنزويلا لأن الشعب هنالك رفض أن يفتح بوابة بلاده للغزاة، ورفض أن يعطي الشرعية لنخب أمريكا وعملائها، وترك الأطماع الأمريكية على السياج، تنتظر من يفتح لها الباب من الداخل، ولكن دون جدوى، وهذا بحد ذاته أهم درس للشعب العربية، التي يتوجب عليها أن تحارب كل من يحاول أن يفتح بوابة بلادة للغزاة.
لافتة: وإذا كان شعب فنزويلا قد تفاخر بوقوفه في وجه العدوان الأمريكي، فإن عظمة الشعب الفلسطيني تتجلى بوقوفه في وجه العدوان الأمريكي والإسرائيلي معاً.
يافطة: في فنزويلا تقف تركيا مع الشرعية، بينما تقف أمريكا مع الانقلاب، وفي ليبيا، تقف تركيا مع الشرعية، وتقف أمريكا مع اللواء المتقاعد حفتر، وفي فلسطين، تقف تركيا مع القدس عربية إسلامية، وتقف أمريكا مع "أورشليم" عاصمة موحدة لدولة يهودية.