قراءات نقدية لبرنامج "غانتس" الانتخابي تجاه الفلسطينيين

قراءات نقدية لبرنامج "غانتس" الانتخابي تجاه الفلسطينيين

زمن برس، فلسطين:  تناولت الصحافة الإسرائيلية أبرز المآخذ الواردة على خطاب الجنرال بيني غانتس، وهو المرشح العسكري في الانتخابات الإسرائيلية، وزعيم حزب "حصانة إسرائيل"، الذي شرح فيه برنامجه السياسي، خاصة مع الفلسطينيين، سواء الانفصال عنهم، أو توقيع اتفاق سلام معهم.

الجنرال الإسرائيلي غرشون هكوهين الرئيس السابق للكليات العسكرية وقيادة التجنيد، قال في صحيفة إسرائيل اليوم إن "دعوة الانفصال عن الضفة الغربية التي دعا إليها غانتس دون توضيح المراد بها بالضبط ضبابية خطيرة، رغم أنه أراد إذابة الفروقات بين اليمين واليسار في الخارطة الحزبية الإسرائيلية".
وأضاف هكوهين، الذي خدم في الجيش الإسرائيلي أربعين عاما، وقاد معارك عسكرية في مواجهة مصر وسوريا، أن "غانتس يردد ما يعتنقه كثير من جنرالات الجيش والمخابرات الذين يغادرون مواقعهم الرسمية، ويبدأون بتكرار ذات السيمفونية القائلة بأنه لا بد من تقوية البناء الاستيطاني في المستوطنات الكبرى في الضفة الغربية، وتجميده في النقاط الاستيطانية الصغيرة".
وأوضح هكوهين، الباحث بمركز بيغن-السادات للدراسات الاستراتيجية، أن "هذه نغمة أعلنها رئيسا الوزراء السابقان الإيهودان: باراك وأولمرت، بالاتفاق مع الفلسطينيين، أو بصورة أحادية من إسرائيل، وعن غور الأردن، وتحدث غانتس عن حدود آمنة، وليس توسيع الاستيطان فيها، وهذا يعني تخريب المشروع الاستيطاني في الضفة الغربية، واقتلاع 140 ألف مستوطن يهودي، وهو موقف كان إسحاق رابين سيبدو محرجا منه".
وأشار إلى أن "طرح غانتس لا ينسجم مع التطورات الإقليمية والدولية المحيطة بإسرائيل، فالولايات المتحدة التي وقفت خلف انهيار الاتحاد السوفييتي قبل ثلاثين عاما تفقد مواقعها اليوم في المنطقة، فيما يعود النفوذ الروسي ليزداد ويتعاظم، في حين أن التواجد الإيراني الفعال يتنامى، حتى إن حزب الله وحماس يواصلان تهديد إسرائيل بين حين وآخر، وفي ضوء هذه المخاطر يبدو الانسحاب من مناطق سي بالضفة الغربية خطرا وجوديا".
وأكد هكوهين، أن "شهر مايو 1994 شهد انسحاب الجيش الإسرائيلي من مراكز المدن في قطاع غزة، وفي يناير 1996 سحبت إسرائيل قواتها من معظم المناطق السكنية في الضفة الغربية بمناطق أ و ب، واليوم في 2019 فإن أكثر من 90 بالمئة من السكان الفلسطينيين موجودون تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، ومع انتقال سيطرة حماس على غزة في 2007 فقد نشأ هناك كيان سياسي مستقل".
وأضاف أن "هذ يعني أن تطلع رابين في حينه لإنهاء السيطرة الإسرائيلية على الفلسطينيين تم تحقيقها تقريبا بصورة كاملة، مع المحافظة على أغلبية سكانية يهودية، دون الحاجة لانفصال جديد عنهم، كما ينادي غانتس، لأن الخلاف مع الفلسطينيين اليوم ليس على طريقة إنهاء الاحتلال، وإنما على مستقبل القدس الشرقية ومناطق سي في الضفة الغربية، لأنها مناطق فيها التجمعات الاستيطانية اليهودية الكبرى، ومعسكرات الجيش الإسرائيلي، والطرق الرئيسة بالضفة، والمناطق الحيوية".
يوسي بيلين السياسي الإسرائيلي المخضرم، قال في صحيفة إسرائيل اليوم إن "دعوة غانتس للانفصال عن الفلسطينيين تتطلب مقابلا سياسيا يجب أن يكون غانتس منتبها له جيدا، لأنه بعد أن صمت طويلا عن الحديث عن برنامجه السياسي فقد ألقى خطابه الذي اعتبر هزة أرضية بدعوته للانسحاب من مناطق إضافية في الضفة الغربية".

وأضاف بيلين، الذي شغل مهام عديدة في الكنيست والحكومات، ومنها وزير القضاء،  أن "غانتس يدعو لإيجاد حدود واضحة بين الإسرائيليين والفلسطينيين لتأمين إسرائيل بأغلبية يهودية قابلة للحياة، والطريقة المثلى بنظره لتحقيق ذلك هي اتفاق يشمل ضم التجمعات الاستيطانية الكبرى إلى إسرائيل، على أن يكون غور الأردن هو الحدود الآمنة لإسرائيل، بمعنى أنه لن يكون هناك جيش أجنبي غربي الأردن".
وأوضح أن "القدس وفق برنامج غانتس ستبقى موحدة والعاصمة الأبدية لإسرائيل، مع العلم أن الأحياء العربية في شرق القدس، و28 مخيما وقرية فلسطينية تم ضمها للقدس في حرب الأيام الستة 1967 لن تكون جزءا من العاصمة الموحدة، وفي حال عدم الاتفاق مع الفلسطينيين على هذه التفاصيل فإن إسرائيل لن تنتظر الزعيم الفلسطيني للاتفاق معه، بل إنها ستذهب لتنفيذ هذ الرؤية بصورة أحادية لتحقيق تطلعاتها".

ولفت بيلين، أحد رموز حزب العمل، ورئيس حزب ميرتس، ومن رواد مسيرة أوسلو مع الفلسطينيين إلى أن "غانتس لم يذكر في خطابه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ولم يحدد شريكه الفلسطيني لتحقيق السلام، مع العلم أنه ذكر عددا من رؤساء الحكومات الإسرائيلية السابقين الذين توصلوا إلى اتفاقات السلام: مناحيم بيغن مع مصر، وإسحاق رابين مع الأردن، وبنيامين نتنياهو مع الفلسطينيين".

واستدرك بالقول إنه "لا يمكن تجاهل دور إسحاق شامير الذي بدأ عملية السلام مع الفلسطينيين في مؤتمر مدريد، وإيهود باراك الذي انسحب من لبنان، وأريئيل شارون الذي تحدث علانية للمرة الأولى عن إقامة دولة فلسطينية، وانسحب من قطاع غزة، مع العلم أن كل هذ الاتفاقات السياسية لم تكن لتحصل لولا اتفاق أوسلو، الذي لم يذكره غانتس في خطابه، ودفع رابين حياته ثمنا للتوصل إليه".