من يريد التهدئة فليستعد للحرب

قلم: دان مرغليت

"روح عظيمة جاءت"، كما قال واحد من أوائل المظليين في الاستيطان العبري، يوئيل فلغي.

تبنت الحكومة لفترة طويلة جداً سياسة ضبط النفس المسماة "احتواءً" باللغة الحالية، وتحملت إطلاق النار على بلدات غلاف غزة، وحاولت أن تُعيد التهدئة مع حكومة "حماس" الى ما كانت عليه الى أن بلغ السيل الزُبى وأكثر من ذلك.

وعلى ذلك في اللحظة التي أُرخي فيها زمام الطائرات سُمع في أنحاء البلاد تنفس الصعداء الذي عبر بالفعل عن كلمتين هما "جاء أخيراً". في عروض الرياضة ينهض الجمهور على أقدامه وينشد النشيد الوطني دون توجيه المنظمين، وجاء المدعوون الى الخدمة الاحتياطية بالأمر العسكري رقم 8 مع شعور بأنهم يُدعون للدفاع عن البيت لسكنهم على بعد عشرات الكيلومترات عن البلدات التي في نطاق حرب.

المشايعة كاملة. والتكتل الداخلي يكاد يكون مطلقا. وبنيامين نتنياهو وايهود باراك وبني غانتس لم يفقدوا السيطرة. ويسير "عامود السحاب" أمام المعسكر كما خُطط له – بتوسيع دائرة هجمات سلاح الجو في غزة، وبالحماية التامة للمدنيين. لو أن ساكني الطابق الرابع من المبنى القديم في كريات ملاخي خرجوا من الشقة لوقف عدد القتلى الاسرائيليين على صفر. لكن الانجاز لا يزال مدهشا رغم وجود ثلاثة ضحايا مؤلمين ومحزنين.

لكن إلى أين؟ وكم؟ ولماذا؟ ان كل ما حدث حتى الآن خُطط له مسبقا. وامكانية انه يُحتاج الى عملية برية قد أُخذت في الحسبان، لكن بعد تقرير غولدستون أصبح الافتراض ان اسرائيل تستطيع ان تستعمل قدرا من القوة أقل مما كان في "الرصاص المصبوب". وهذا يعني انخفاض جدوى النشاط البري أو رفع مستوى تعريض المحاربين للخطر.

ان تجنيد 75 ألف جندي احتياط يحظى في القيادة العليا بتفسيرين. الاول ان تحجم "حماس" عن إمكانية ان تتجول دبابات اسرائيلية في ميادين غزة، والثاني ألا يُهادن قادتها حتى تبلغ الدبابات المكان بالفعل. وفي "حماس" يأملون في أن يضطر تشددهم مصر الى التدخل، وأن تلغي اتفاق السلام مع اسرائيل على الأقل.

إن اسرائيل معنية بالامتناع عن عملية برية. فنتنياهو وباراك من أنصار العملية الجراحية لا الواسعة الشاملة. لكن كي لا يضطرا الى توسيع المعركة يجب ان تستعد اسرائيل لها بجدية وصدق. فمن أراد قتالا جراحيا فليستعد لحرب شاملة. لكن كيف ستتطور؟ هل بمسار تدريجي أم بضربة واحدة على شاكلة "ضربة صاعقة لا غير"؟ لا حاجة الى محاضر جلسات من جلسة وزراء الثُلاثية– نتنياهو وباراك وليبرمان – لندرك الحيرة.

تساوم "حماس" مصر والدول العربية الأخرى فيما يتعلق بصيغة التسوية التي ستُعرض على إسرائيل. وهي تتظاهر بأن نتائج القتال ترضيها، وهذه دعوى إعلامية. لكنها بالفعل تلقت ضربة قاسية لكن ساد القيادة العليا الاسرائيلية جدل في انه هل شعرت "حماس" حقا بهزيمتها حينما أصبح عدد القتلى في القطاع قليلا جدا نسبيا؟.

اقترح من كان قائد دورية هيئة القيادة العامة وأصبح الآن مرشحا في الانتخابات التمهيدية لحزب العمل، عومر بار – ليف، اعلان هدنة لـ 12 ساعة، واذا استمرت "حماس" في القتال فسيزيد الجيش الاسرائيلي هجماته وإلا انتهى كل شيء ورجع الى حاله في سلام.

ستكون هذه المدة القصيرة خط التماس بين عملية عسكرية جراحية وبين دخول بري وبين تسوية الهدنة لسنة أو سنتين.

عن "إسرائيل اليوم"