أدب الصواريخ

تأتينا الصواريخ لتقطف الارواح عن أشجار الحياة المثمرة والمثقلة بالهموم والجراح، لتاخذها بعيدا . كأنها أداة من ادوات عزرائيل الضاربة. تلاحق الناس لتسرق ارواحهم أما من أجل الموت المجاني، او من اجل ان يحيا الاخرون . لكن الصواريخ الاتية من قطاع غزة وهي تتراقص في سماء الوطن على حل شعرها. هي صواريخ مؤدبة وفي اعلى قيم الادب والحب. هي صواريخ حرة لا تطلب من اي احد كان في هذا العالم، ان يعطيها صك الغفران للحركة او اي تصريح للعبور الى فضاء الارض المحتلة او الى السموات الزرقاء الداكنة في اعلى هامة عكا وحيفا ويافا وتل الربيع المحتلة. الصواريخ المهداة من القلب الى القلب، لا تقتل الا من يكره الحياة ولا تخدش الا اعداء الحياة ولا تخيف الا من يسرقون ارض الغير. فهي هادئة هدوء الرياح الموسمية، ومحتشمة بما تحملة من حمم بركانية.

ترسل على كفوف الراحة الى ميلاد الحلم الجديد والوعد الصادق بالحياة والنبوءة بمستقبل مشرق. لا يحمله المال والجاه والعز، بقدر ما يحملة الصاروخ وإن كان يسمى فجر فهو الفجر بذاته فجر الحرية والاستقلال والعودة الى الثرى الطيب في صفد وام الرشراش. إن الصواريخ وأدبها جعلتنا نغير أم افكارنا . لم نعد نفكر بداء الهزيمة الذي إلتزم أجسادنا الضعيفة ولا عدنا نضيع وقتنا في حياكة ثوب الذلة والمهانة. إن الصواريخ التي يرفع القلب وكأنه راية تحمل شارة النصر على قماشتها وهو يتجه صوب وطننا العتيق والجديد .

صوب تل الربيع وحيفا وحتى ان القدس قد إحتضن صدرها الحنون إحدى صواريخ المقاومة. لو تعددت اسماء، من فجر 5 الى كاتيوشا، قسام، صمود، قدس، الى كل الاسماء والمصطلحات التي تشبة الورد في حروفة وما يحمله من سعادة حين يشم ويلمس، هكذا هي الصواريخ التي ولدت من رحم غزة المحاصر وتدللت عل أيدي اساتذة في فقه الحب للوطن. هي اليوم صواريخ جميلة وتحمل ثقة الادب حين تنهمر على سمائنا وارضنا ووطننا وترابنا المسروق من بين يدي أجدادنا. هذه الصواريخ التي تلبسنا عباءة الفخر في يوم عرس نرى فيه النصر كالهواء يلفحنا ونحن لا نعلم . صواريخ نمت وترعرعت وتطورت بصمت.

عندما نضجت وكبرت ..ألهب وكوت المستعمر وضربته في إم خاصرته. تلك الصواريخ المؤدبة فعلت فعلتها وما جعجعت ولا ازعجت ولا تكلمت. وايضا تلك الصواريخ المهذبة بأخلاقها الحسنة... كانت كف المقاوم الذي تصفع كل المتصدين لنهج الحياة. كانت الصواريخ صفعة مؤدبة وبطريقة الذوق والخلق ضد المتصهينين في رام الله والعواصم العربية . جاءت الصواريخ لتعلن ولادة فجر العزة والانتصار وتجمع في حكايتها بين تل الربيع وصفد. وتحيي حلم العودة والرجوع الذي اضاعه أشباه الرجال.

من روعه الصواريخ أيضا أنها كحجر عابر أسقط في ضربته كل العصافير التي إعتلت شجرة الخيانة. جعلت هذه الصواريخ المؤدبة كل المتخاذلين في الزاوية .حاصرتهم وأطبقت عليهم الحياة .عزلتهم عن الكرامة . تلك الصواريخ وهي تعبر فضاء الحرية الى رحم الحياة وسماء العشق الازلي للوطن كانت تفعل فعلتها. وتنقض على بيوت العنكبوت الوهمية.

كان لها صفة العابر المزعج للمحتل الذي عاش على وقع سموفنية موسيقى المقاومة الجديدة "صفارات الخوف " هذه الصواريخ حين صفعت طابور السلام الخامس وهي توبخ في بدلهم وربطات العنق التي اطبقت على نفسهم الخياني. كانت تراعي فيهم خصوصية العروبة من الدرجة العاشرة فقط. فعلت فعلها .الصواريخ التي بزغت كفجر هادئ في فصل الصيف، لا تزعج احد الا من تسول له نفسه بان يرفع يده كي يضرب غزة. كل الناس كذبوا على هذا الوطن من منافي السياسة وتجار الدم الا تلك الصواريخ كانت الصادقة الوحيدة مع تراب هذا الوطن الغالي والعزيز . وحدها تلك الصواريخ التي تحدثت قليلا وفعلت كثيرا ..

قالت ووفت بما قالت. واغارت على النوم الهادئ في ارضنا المحتلة. نامت بالوقت الذي تشاء واحتضنت الارض والحجر والبشر.. وهي تحمل رسالة العودة. وتعهدت بالصوت الخافت الا من صفارات الانظار، ان نعود الى وطننا. تلك الصواريخ المؤدية قطعت على نفسها العهد .الذي لن تخذل فيه تجاعيد الوجع المتهالك في وجوه اللاجئين في كل مكان في الارض المحتلة والشتات.

زمن برس