استنفار المقاومة مستمر في غزة... ومحاولات لحل سياسي

استنفار المقاومة مستمر في غزة... ومحاولات لحل سياسي

زمن برس، فلسطين: ذكرت المصادر، لـ"العربي الجديد"، ، أنّ "المقاومة في جهوزية تامة للتصدي لأي عدوان إسرائيلي، في ظل المؤشرات التي تجمّعت لدى قيادتها، ومنها أن إسرائيل قد تُقدم على شن عدوان من أجل دفع الفصائل إلى الموافقة على شروطها، للوصول إلى اتفاق سياسي يمنع التفجر المستمر في الأوضاع في غزة". ولفتت إلى أنه "تمّ تفعيل غرفة العمليات المشتركة بين كافة فصائل المقاومة، للتصدي للعدوان، وتنسيق المواقف الميدانية في حال حدوث التصعيد". وتضم غرفة العمليات المشتركة التي تبنت آخر عمليات قصف صاروخي من غزة على الأراضي المحتلة، كل الفصائل التي لها أجنحة عسكرية في القطاع.

وعقد وزير الحرب الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، أخيراً، جلسة تقدير وضع في القيادة الجنوبية، بمشاركة رئيس الأركان، ومسؤول القيادة الجنوبية، ومنسق أعمال الحكومة، ومسؤولي الشاباك. ونُقل عن ليبرمان قوله إنّ "قوات الجيش في حالة تأهب على طول الحدود مع غزة، مع استعدادهم لكل السيناريوهات، وفقاً للتطورات في القطاع وسلوك حماس".
وذكرت المصادر، أنّ "المقاومة لا تريد الحرب، ولا ترغب في خوض أي مواجهة حالياً في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها، لكنها بالتأكيد ستتصدى بقوة لأي عدوان إسرائيلي قد يحدث ضد غزة"، مؤكدة أنّ "لدى المقاومة ما يمكن أنّ يشكل رادعاً لأي عدوان إسرائيلي محتمل".
ويعمل المبعوث الأممي على التوصل إلى اتفاق يشمل رفع القيود عن غزة ووقف مسيرات العودة والتصعيد العسكري على الحدود، لكن الاحتلال على ما يبدو يشترط الإفراج عن أسراه لدى "حماس" في غزة، لذلك فإنّ الاتصالات حتى الآن لم تصل إلى مرحلة النجاح.
وكانت كتائب "الشهيد عز الدين القسام"، الذراع العسكرية لـ"حركة المقاومة الإسلامية" (حماس) أعلنت، الخميس الماضي، رفع درجة الجهوزية للدرجة القصوى، واستنفار جميع جنودها وقواتها العاملة في كل مكان. ودعت "جميع فصائل المقاومة من خلال الغرفة المشتركة والتي نحن جزءٌ منها إلى رفع الجهوزية والاستنفار للدرجة القصوى".
وفي السياق، أكد نائب رئيس حركة "حماس" في غزة، خليل الحية، خلال تأبين مقاتلين من القسام، أنّ "الاحتلال سيدفع ثمن جرائمه ضد شعبنا، وأن الاستقرار في المنطقة رهن بكبح العدوان ورفع حصار غزة". وأضاف "لن نقبل أن تكون المعادلة أن يكون أبناؤنا أهدافاً لرصاص الاحتلال ومدافعه، وسيدفع المحتل ثمن جريمته النكراء، قصر الزمان أم طال". وطالب كل "من يريد الأمن والأمان في المنطقة بأن يسارع إلى رفع الحصار المفروض على القطاع".
وأضاف الحية "لن نقبل أن يبقى أطفالنا يتضورون جوعاً، ولن نقبل أن يبقى مرضانا من دون دواء، ولن نقبل أن يستمر موظفونا من دون رواتب، ولن نقبل باستمرار هذا الحال". وأكد أنّ "الاستقرار في المنطقة وأمانها رهن بكبح العدوان ورفع الحصار". ووجه رسالة إلى "الاحتلال وبعض المراقبين، بأنّ حماس إذا قالت إنها لا تريد حرباً فإنهم يظنون ذلك استسلاماً"، مؤكداً أنه "إذا فُرضت علينا الحرب فنحن رجالها ونحن على يقين أن النصر حليفنا، وأن العزة لنا، ولا مقام للاحتلال".
غير أنّه كان مفاجئاً، ما كشفته القناة الإسرائيلية العاشرة، عن أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أبلغ عدداً من وزرائه في جلسة مغلقة عُقدت الأسبوع الماضي، أن ترتيبات جديدة لتغيير الواقع السياسي والاقتصادي في قطاع غزة سيتم تطبيقها قريباً، بهدف إنهاء حالة التوتر بين تل أبيب و"حماس".
ونقلت القناة أن نتنياهو أشار إلى أن "كلاً من مصر والأمم المتحدة والولايات المتحدة تجري اتصالات مكثفة مع كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية وحركة حماس، بهدف وضع النقاط النهائية للاتفاق". ويبدو أنّ نتنياهو يتحدث عن الجهود التي يقوم بها ميلادينوف، إضافة إلى جهود المصالحة المصرية، التي تشكك السلطة في مصداقية توجهها هذا.
وحسب القناة، فإن "تقدماً كبيراً قد طرأ على الجهود الهادفة إلى التوصل لهذه الترتيبات، التي تهدف إلى إحداث تحول جذري على الواقع الاقتصادي والإنساني في القطاع، من خلال تدشين مشاريع إعادة إعمار، وضمان عودة السلطة الفلسطينية لإدارة حكم القطاع".
ويعني ذلك أنّ إسرائيل رفعت الفيتو مرة أخرى على المصالحة، لكن المصالحة نفسها تعاني أزمة ثقة مستفحلة بين طرفيها، في ظل اشتراط السلطة الفلسطينية التمكين الكامل لحكومة الوفاق الوطني في القطاع وتسلّمه من حركة "حماس" ومن ثم العودة لنقاش الملفات الأخرى، وهو ما ترفضه "حماس"، والتي أعلنت موافقتها على ورقة مصرية جديدة قديمة لإنهاء الانقسام، تحمل بين طياتها شروطها للمصالحة، ووضعت حركة "فتح" عليها ملاحظات.
لكن الحل السياسي الذي يروج له نتنياهو، يبدو حتى الآن بعيد المنال أو صعبا تحقيقه في وقت قريب، في ظل الاشتراطات الكثيرة التي تضعها إسرائيل، وفي ظل عدم وجود ضغط حقيقي عليها لإنهاء الملفات العالقة وتفكيك الأزمات في غزة، وتفكيك الملفات التي تحتاج إلى حل، وهي التي تريد رزمة واحدة، تكون فيها المنتصر الوحيد.
وفي كل الأحوال، فإنّ القطاع يتأهب لكل خيار، سواء الحل السياسي أو العسكري، وإن كانت تكلفة الأخير باهظة على الفلسطينيين، إلا أنه "لا مفر من هذا الأمر، إن رغب الاحتلال في التصعيد"، أما الحل السياسي، فهو في حالة غزة سيكون أشبه بالاستسلام إن مرّ في هذه الظروف الحياتية القاسية، وسيكون مؤلماً على الفلسطينيين قبوله، في ظل ما يحمله في طياته من تنازلات، رغم كل أوضاعهم المعيشية القاسية.