لماذا تأخر رد حركة فتح على الورقة المصرية؟

نظلم حركة فتح حين نحملها ما لا طاقة لها به، نظلمها حين يقول البعض: سيتم تسليم رد حركة فتح على الورقة المصرية اليوم الأحد، والصحيح أن حركة فتح قد صارت أسيرة لشخص محمود عباس، وتنطق بلسانه، وتسير وفق رغائبه، والصواب أن نقول رد: محمود عباس على الورقة المصرية، وهذا ينطبق على مؤسسات السلطة، التي تنصاع لأوامر المسؤول دون نقاش، أو اعتراض، وهذا ينطبق على مؤسسات منظمة التحرير التي اختفت كإرادة شعب، وصارت تمثل أسوأ نموذج للضياع والغياب عن دائرة القرار؛ الذي انحبس بين يدي محمود عباس.
ولمعرفة رد محمود عباس على الورقة المصرية الذي تأخر كل هذا الزمن، لا بد من العودة إلى تاريخ فرض العقوبات على قطاع غزة، والتي قررها السيد عباس نفسه، وانصاعت له كل الدوائر السياسية والتنظيمية دون تحكيم عقل أو وطنية أو دين أو إنسانية.
لقد  قرر محمود عباس فرض إجراءاته العقابية على أهل غزة في كلمة له من البحرين بتاريخ 12/4 من العام 2017، فصارت قانوناً، تم تطبيقه بعد عدة أيام دون نقاش أو اعتراض أو غضب أو احتجاج من أي مسؤول تنظيمي في حركة فتح أو قيادي في المنظمة ومؤسساتها.
فمن أين لمحمود عباس فكرة معاقبة أهل غزة؟ وما الهدف الذي توخاه من ذلك؟
وهنا لا بد من الرجوع إلى ذاكرة جوجل التي احتفظت بلقاء تم بين محمود عباس، والمبعوث الأمريكي للسلام جيسي غرينبلات، بتاريخ 15 مارس من العام 2017، قبل شهر واحد تقريباً من إعلان محمود عباس فرض عقوباته على غزة، وقد كشف موقع وللا العبري عن فحوى اللقاء، وعن الشروط التسعة التي وضعها جرينبلات لاستئناف عملية السلام، ومن هذه الشروط:
التوقف عن تحويل أموال إلى قطاع غزة لأن ذلك يساهم في تمويل مصروفات حركة حماس.
هذا الشرط الذي تم تطبيقه بعد شهر، دون أن يكون لحركة فتح أو لقيادة المنظمة معرفة أو دور، أو مناقشة، جميعهم قال: آمين، ووافق على فرض العقوبات على قطاع غزة، دون تكليف أنفسهم التأكد من شروط تمرير صفقة القرن.
تأخر رد حركة فتح على الورقة المصرية لا يحمل مفاجأة لمن يتابع الأحداث، فحركة فتح التي لا يمثلها إلا شخص محمود عباس لا تحبذ المصالحة، ولا تريد شراكة في القرار السياسي، ولا تريد إلا إخضاع غزة للشروط الإسرائيلية، وأولها تسليم سلاح المقاومة، وتحطيم إرادة الشعب المقاوم، لئلا تنتقل عدوى الانتصار والصمود إلى الضفة الغربية، لذلك تضع شرطاً تعجيزياً بتمكين الحكومة الحالية كأولوية على تمكين الشعب الفلسطيني من تحقيق طموحاته.
وإلى أن تسترد حركة فتح شخصيتها؛ فإن الواجب الوطني يقضى بأن يفتش أهل غزة عن حلول لأوضاعهم الاقتصادية والحياتية بعيداً عن فكرة التسليم بشروط عباس، ولن يعدم الشعب الحيلة والوسيلة، وعلى الضفة الغربية أن تصحو من غفوتها، فالفصل بين غزة والضفة الغربية لا يخدم إلا أطماع الصهاينة في التمكين من أرض الضفة الغربية، على طريق تصفية القضية الفلسطينية.