سلاح المقاطعة العربي لمواجهة التطبيع

تحاك على القضية الفلسطينية هذه الأيام مؤامرات كبيرة، بهدف محاصرتها من قبل الكيان الصهيوني، ووقف تصدرها الملفات العربية والدولية قضية مركزية مقدسة في وطننا العربي.
وأصبح الفلسطيني اليوم يشعر أن القضية الفلسطينية لم تعد على رأس الأولويات، وتشهد تراجعًا على الساحات والمؤتمرات العربية حتى في الكثير من المواقف، في ظل مواصلة الكيان الصهيوني ارتكاب جرائم القتل والتشريد والاعتقال بحق أبناء شعبنا الفلسطيني، والتغول على الأرض بالاستيطان، والتهويد، وسرقة التراث والتاريخ والمزيد من أرضنا الفلسطينية المباركة.
ما يحدث في المنطقة من تطورات سياسية وميدانية يومية يعمل الكيان الصهيوني على تجنيدها لخدمة الأجندة الخاصة به، لذا يسعى الكيان منذ ثورات الربيع العربي إلى استيعاب كل ما يجري في المنطقة العربية وتسخيره لمصلحته، وقد حدثت في المدة الأخيرة الكثير من التطورات والقضايا التي يتابعها الكيان الصهيوني لحظة بلحظة ويعمل على الاستفادة منها، وهذه الأيام يتطلع إلى توطيد العلاقات وتقويتها مع دول الخليج، مستخدمًا قضية مواجهة "الخطر الإيراني"، وضرورة التعاون لوقف تمدد وتوسع النفوذ الإيراني في المنطقة، خاصة بعد تجهيز إيران قاعدة عسكرية كبيرة في سوريا تقترب على مسافة مئات الأمتار من الجولان السوري المحتل، ومنذ زمن بعيد يسعى الكيان إلى تقوية العلاقات مع دول الخليج بما يخدم مصالحه، إذ يجري زيارات إلى عدد من دول الخليج، ويقيم علاقات تجارية معها، ويعمل على تطوير هذه العلاقات تحت مسميات مختلفة.
إن الكيان الصهيوني يحيا هذه الأيام سعادة غامرة في ظل تطوير العلاقات مع دول الخليج حيث زار الكيان قبل أسابيع مسئولين خليجيين وعقدوا لقاءات هامة، وحديثًا أجرت صحيفة إيلاف السعودية مقابلة هي الأولى مع صحيفة عربية، قال فيها رئيس الأركان في الجيش الصهيوني (غادي إيزنكوت): "إن للسعودية و(إسرائيل) مصالح مشتركة ضد التعامل مع إيران"، وقبل هذه المقابلات أجرى مسئولون خليجيون بارزون الكثير من الزيارات التطبيعية إلى الكيان.
وفي المقابل هناك في الخليج مقاومة على أشدها لمواجهة التطبيع مع الكيان، وهناك تحركات وفعاليات تشرف عليها حركة مقاطعة الكيان في الخليج لوقف استقبال الوفود الصهيونية، ووقف المشاركة في نشاطات رياضية وفكرية وثقافية، إذ احتضنت دولة الكويت قبل أيام مؤتمر حمل عنوان: "مقاومة التطبيع في الخليج العربي"، أشرفت على تنظيمه "حركة مقاطعة الكيان العبري في الخليج"، شهد المؤتمر حضورًا لافتًا عربيًّا وخليجيًّا، للرد على التحركات الواضحة من بعض دول مجلس التعاون الخليجي بشكل مباشر أو غير مباشر للتطبيع مع الكيان الصهيوني، والوصول إلى صفقة مشبوهة معه، ونشر التوعية بين الشباب في ما يخص القضية الفلسطينية، ومعرفة ما هو تطبيع وما هو ليس تطبيعاً، خصوصاً مع الدعوات التي تصدر من بعض للتطبيع في عالم الموسيقا والأدب والرياضة.
إن مقاومة التطبيع تحتاج منا إلى جهد كبير ووقت طويل من أجل الانتصار على العدو، وسلاح مقاطعة الكيان سلاح قوي ومؤثر في مواجهة التطبيع الاقتصادي والثقافي والفكري، وقد بذلت حركة مقاطعة الكيان جهودًا ونشاطات كثيرة في بلاد العالم كافة، واستطاعت التأثير بالمؤتمرات القوية التي عقدتها في أوروبا، واستطاعت الإضرار بالكيان بتفعيل المقاطعة الاقتصادية والمقاطعة الفكرية والثقافية في أوروبا، حيث أوقف استيراد منتجات المستوطنات، وأوقف التبادل الأكاديمي مع الجامعات الإسرائيلية، ولقد شاهدنا الكثير من الرياضيين الأجانب والعرب يرفضون اللعب مع الرياضيين الصهاينة، وأيضًا شاهدنا تأثير سلاح المقاطعة في الكثير من المحافل الفكرية والثقافية التي شكلت صدمة في الكيان الصهيوني عندما واجهت الوفود الصهيوني الطرد والغضب ووصفهم بقتلة الأطفال، هذه الجهود وغيرها هي مقاومة شعبية وفكرية تأتي ضمن جهود المقاومة من أجل تحرير أرض فلسطين.
إن مواجهة التطبيع باستخدام سلاح المقاطعة والوسائل كافة ضد الكيان الصهيوني وسيلة من وسائل مقاومة العدو، والوقوف في وجه مخططاته الاستيطانية والتهويدية لفلسطين والوطن العربي بأكمله يتطلب العمل على مواصلة مقاومة الكيان الصهيوني في المنظمات والمحافل الدولية كافة، من أجل التأثير على العدو، وإضعافه خارجيًّا ودوليًّا.