الموقف الاسرائيلي من المصالحة الفلسطينية ...

الصمت في حينه كان محيرا للكثيريين  حيث فسح المجال لتفسيرات و تأويلات كثيرة جميعها ينسجم مع ما يشاع بأن الفيتو الامريكي و الاسرائيلي و الدولى قد رُفع عن المصالحة و ان هذا يأتي في ظل صفقة سياسية ، اطلقوا عليها اسم صفقة القرن .
 
تفسيرا قد يكون صحيحا و لكنه لا يلزم اصحابه بتقديم اي اثبات او معلومة تؤكد على ما يقولون.  عزز ذلك الموقف سماح اسرائيل لدخول هذه الاعداد الكبيرة من المسؤولين و رجال الامن و السيارات و ربما الاسلحة المخصصة لحمايات الشخصيات .
 
لكن هذا الصمت لم يدم طويلا حيث اكثر من مسوول اسرائيلي كبير عبر عن موقفه لما يجري وتحدث عن الشروط الاسرائيلية للتعامل مع هذه المصالحة و  مخرجاتها، حيث  انفجر المسؤولين الاسرائيليين مرة واحدة في التعبير عن وجهة نظرهم و كذلك الاعلام الاسرائيلي الذي غطى مساحات واسعة لموضوع المصالحة الفلسطينية .
 
 
على اية حال ،  اهم ما قاله القادة الاسرائيليين عن المصالحة في اليومين الاخيرين، هو التالي :
 
نتنياهو الذي اختار ان يعبر عن الوقف الاسرائيلي من المصالحه في مستوطنة معالية ادوميم ( الخان الاحمر) التي اقامتها كان بهد فصل القدس عن مدينتي بيت لحم و اريحا  فصل شمال الضفة عن جنوبها . 
نتياهو عقد جلسة كتلة الليكود هناك لكي يؤكد على موقف الليكود من تعزيز الاستيطان في رسالة تحدي للجميع، قال فيما يتعلق بالمصالحه ( اننا لن نقبل بمصالحه تكون على حساب وجودنا و لكي نقبل بهذه المصالحه يجب تفكيك سلاح حماس  و الاعتراف باسرائيل وقطع العلاقة مع ايران التي تطالب بأرالتنا عن الوجود .) 
 
 اما موقف نفتالي بينت زعيم حزب البيت اليهودي ، وهو حزب يمثل المستوطنين و اليمين المتطرف في اسرائيل و هو عضو في الكابينت الامني المصغر و هو ايضا وزير التعليم و الثقافة في حكومة نتنياهو.
نفتالي بينت طالب بعقد جلسة طارئة للكابينت الاسرائيلي لاتخاذ قرار فوري بوقف تحويل اموال الضرائب للسلطة الفلسطينية بعد ان اصبحت حماس ( الارهابية) جزء منها. واضاف ان الاستمرار  في تحويل عائدات الضرائب للسلطة يعني اننا نمول الارهاب . وعليه، هو ايضا حدد ثلاث شروط لهذه المصالحة، ( اعادة جثث الجنود الاسرائيليين الذين قتلوا في عدوان ٢٠١٤ و اعتراف حماس باسرائيل ووقف تحويل الاموال للاسرى في السجون الاسرائيلية).
 
اما موقف افيقدور ليبرمان وزير الجيش في اسرائيل الذي عقب  على جهود المصالحة بطريقة مختلفة عن سابقيه حيث قال ان ما يجري الان هو محاوله فاشله من حماس و فتح للصراع على الموقف من الرأي العام الفلسطيني ، حيث كلا الطرفين يريد ان يلقي باللوم على الطرف الاخر و يحمله مسؤولية الفشل،  
واضاف ان الرئيس عباس يطالب بتفكيك سلاح حماس و يرفض نموذج حزب الله في لبنان، و حماس تقول ان هذا الامر غير خاضع للنقاش و غير خاضع للمفاوضات و لن يقبلوا به ابدا، اذن كيف ستتم المصالحه؟ يتسائل ليبرمان.
 
 
اما موقف جدعون اردان وزير الامن الداخلي  قال  في مقابلة له مع تلفزيون الكنيست الاسرائيلي ان ما يجري هو مناوره من ابو مازن و السلطة الفلسطينينة و لا يوجد طلب اسرائيلي بالاعتراف باسرائيل و لكن هناك مطالبة اسرائيلية بما يتعلق بنزع  حماس لسلاحها. 
 
اذن ، ما الذي يتم استنتاجة من هذه المواقف الاسرائيلية من المصالحة الفلسطينيية؟ وفي اي الظروف يمكن ان تغمض عينها وتقبل بها:
 
اولا : لن تقبل اسرائيل بمصالحة يبقي سلاح القسام و سلاح المقاومة لان هذا يعني استمرار التهديد، ولكي تقبل اسرائيل ذلك يجب الاستجابة لمطلب تفكيك حماس سلاحها و تدمير ما لديها من صواريخ و ترسانة اسلحة و منظومة انفاق. ووفقا للتقديرات الاسرائيلية ان هذا الامر غير ممكن و ان حماس لن تقبل بهذا الامر تحت اي ظرف من الظروف.
 
ثانيا: على حماس ان تعترف باسرائيل و تقبل بشروط الرباعية الدولية ، وهذا ما عبرت عنه الادارة الامريكية على لسان مبعوث ترامب الخاص جرينبلات. وهذا ما طالب به نتنياهو ايضا.
 
ثالثا: وقف السلطة للتحريض وفقا للمفهوم الاسرائيلي ووقف تحويل الاموال للاسرى في السجون الاسرائيلية و خارجها كما عبر عن ذلك نفتالي بينت الذي طالب بعقد جلسة طارئة للكابينت لمناقشة هذا الامر و اتخاذ القرارات  المناسبة .
 
رابعا : ستستخدم اسرائيل ورقة الجنود الاسرائيليين الذين فقدوا في عدوان ٢٠١٤ كورقة ضغط و مساومة تستخدمها كما تشاء و وقت ما تشاء.
 
رابعا واخيرا: الاصوات القادمة من اسرائيل هو التشكيك في نجاح هذه الجهود نتيجة اعتبارات كثيرة اهمها الموقف من سلاح المقاومة خاصة بعد المقابلة التي اجراها الرئيس عباس مع الاعلامية لميس الحديدي و التي تناولها الاعلام العبري باستفاضة كبيرة .
 
مع ذلك ، الذي يعمل الفارق هنا هو الموقف المصرى الذي يبذل قصارى جهده و يلقي بكل اوراقه من اجل انجاز هذه المهمة و عدم فشلها بدء من الرئيس السيسي الذي فاجأ الجميع في القاء كلمة مسجلة امام مجلس الوزراء و الحضور في غزة ، اضافة الى قدوم وزير المخابرات  خالد فوزي بنفسة الى رام الله و ومن ثم الى غزة حيث سبقة ضباط كبار من جهاز المخابرات و المشرفين عمليا على تنفيذ ما يتم الاتفاق علية على  الارض.
ما تتمتع به مصر من علاقات مع السلطة و مع حماس و مع فتح و قنواتها المفتوحة مع اسرائيل يبقي بارقة الامل قائمة في امكانية التغلب على العقبات و استمرار دواليب  المصالحة بالدوران دون توقف.