ما هكذا تورد الابل يا خازن

بقلم: 

اسماء كبيرة في عالم الاعلام، سطرت مكانتها بالمثابرة والمهنية، وإحتلت موقعا متقدما في صناعة الرأي العام. الاستاذ جهاد الخازن الفلسطيني الاصل، احد هذه الاسماء، التي تعامل معها المرء باحترام عال طيلة العقود الماضية. غير ان امثال الاعلامي الخازن، عندما يقعوا في الخطأ، تكون غلطتهم، غلطة العمر. لاسيما وان امثاله مطلوب منهم الكتابة بميزان من ذهب، حتى لا يقعوا في المحذور.

لكن الاستاذ جهاد وقع في خطيئة كبيرة حينما نشر مقالة في جريدة "الحياة اللندنية" يوم 12 حزيران الحالي، وهاجم فيها الرئيس محمود عباس وعائلته والقيادة الفلسطينية عموما، وطالب بتغييرها، واورد "معلومات" قال انه إستقاها من مسؤول خليجي، تضمنت تجريحا وإساءة للرئيس عباس والقيادة. وقبل ان يشير المرء للمغالطات الواردة، كان يتمنى اولا ان يدقق الخازن في معلوماته من قيادات فلسطينية موضوعية، لا يوجد لديها حسابات شخصية مع الرئيس ابو مازن او غيره من القيادات؛ ثانيا حتى كان بامكانه، ان يأت للقاء الرئيس في رام الله او حيثما يريد لمكاشفته فيما سمع؛ لاسيما وان الامر لا يطال شخصا عاديا ولا قائدا مغمورا، بل يطال شخص رئيس الشعب الفلسطيني المنتخب، ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ورئيس حركة فتح، ولكل موقع من هذه المواقع، له ثقله، ويعلم السيد جهاد هذه الحقائق جيدا جدا؛ ثالثا حتى صياغة المقالة، نتاج الارباك، الذي حكم الكاتب المرموق، كانت ركيكة وضعيفة ومخيبة للآمال. وغابت عنها رشاقة اللغة والمهنية والمصداقية؛ رابعا اي كان اسم وشخص المسؤول الخليجي، لا يجوز تبني وجهة نظره على اهمية موقعه، واعتمادها كشيء مقدس إلآ إن كان الامر مقابل ثمن ما؛ خامسا ولكن ما قيمة اي ثمن عندما يفقد الكاتب الصحفي مصداقيته في اوساط شعبه، الشعب العربي الفلسطيني وغيره من الشعوب العربية؛

ومع ذلك حين يذهب المرء إلى جادة السؤال، يتساءل: لماذا هذا الاستهداف لشخص الرئيس عباس وعائلته؟ وما هي مصلحة الخازن الشخصية والوطنية والقومية؟ وهل المسؤول، الذي استقى منه المعلومات، اكثر مصداقية من الرئيس ابو مازن؟ وهل هو حريص على مصالح الشعب الفلسطيني، ومعني بالحقوق الوطنية ام هي عملية كيدية، خلفيتها شخصنة الخلاف؟ واذا كان هذا المسؤول معني وحريص على قضية العرب المركزية فهل يجوز له الاساءة لرئيس شعب فلسطين؟ ام ان الرجل، هو حامل لواء التحرير والقيادة الفلسطينية أعاقته عن المهمة القومية؟ وهل المساعدات، التي قدمتها الدول الشقيقة للشعب الفلسطيني، هي مكان لتحميل الفلسطينيين الجمايل؟ أليست هي الحد الادنى من واجب الاخوة العربية؟ وحتى لو افترض المراقب ان هناك خلاف بين هذا المسؤول والرئيس ابو مازن، هل مكان ذلك النشر على صفحات الصحف ام مكانها الحوار الثنائي الاخوي وتصفية القلوب والعقول وتوطيد العلاقات الثنائية المشتركة؟ اين الحكمة فيما نشر في زاوية "عيون وآذان"؟ واين الشجاعة؟ ام ان لاصحاب المعلومات المنشورة اهدافا اخرى، يريدون من خلال ما لقنوا بها السيد الخازن لي ذراع الرئيس عباس والقيادة الفلسطينية للموافقة على خياراتهم البائسة لتعديل مبادرة السلام العربية او غيرها من عمليات التطبيع المجانية مع دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية؟

اخطأ السيد جهاد الخازن، واخطأ اكثر المسؤول الخليجي العربي، الذي اعطاه معلومات لا تمت للحقيقة بصلة، فضلا عن انه من المعيب التعرض لاسرة الرئيس ابو مازن. وليس مسموحا لاحد ملكا او رئيسا او اميرا او شيخا من اصحاب الجلالة والفخامة والسمو التعرض لشخص رئيس الشعب الفلسطيني، لانه ليس "الضلع القاصر" ولا هو "البردعة" التي يمكن ان يركب عليها اي مسؤول عربي. ولا يمكن لفلسطيني محترم ان يقبل إهانة رئيسه بغض النظر عن النتائج، التي يمكن ان تتمخض عن رد الصاع صاعين على كل من تطاول او يمكن ان يتطاول على الشعب الفلسطيني او قيادته الشرعية وتحديدا شخص الرئيس عباس.

ورغم ذلك، الشعب الفلسطيني وقيادته وفي مقدمتهم الرئيس محمود عباس، حريصون جدا ومن الاعماق على امتن واقوى صيغ العلاقات مع كل الاشقاء العرب ودون استثناء. ومن موقع الانتماء العميق للقومية العربية، وحرصا على صلابة العلاقات الاخوية المشتركة. وكما كانت فلسطين عنوانا لوحدة العرب، ستبقى فلسطين وقيادتها عنوانا لوحدة العرب، والاحرص على العلاقات الاخوية العميقة، ولكن على ارضية الاهداف والمصالح المشتركة واحترام ارادة وقرار كل شعب من الشعوب العربية الشقيقة.