نميمة البلد: "إعدام" حماس 2

بقلم: 

قال لي صديق في لقاء على ضفاف نهر النيل نهاية عام 2013، أثناء حديثنا عن موقف حركة حماس من التغيير في مصر آنذاك؛ صديقي هذا هو احد قيادات حركة حماس سابقا وهو عليم بطريقة تفكير قيادتها، إنها "حماس" يمكن ان تذهب حد الجنون بتدمير قطاع غزة للخروج من ازمتها الخانقة سواء بالمغامرة بحرب مع اسرائيل أو بإحداث صراع دامي مع جماعات سلفية في القطاع. وحركة حماس اليوم تحاول فرض رؤيتها للمجتمع بتطبيق الشريعة، على غرار التنظيمات السلفية المتشددة والإرهابية، بحجة تطبيق القانون بالاغتصاب.

ما ذهبت إليه كتلة حماس البرلمانية في قطاع غزة بالمصادقة على احكام الاعدام الصادرة عن محاكم غزة يشكل جريمتين "دستورية وجنائية" في آن. في الاولى، اغتصاب للسلطة واعتداء على صلاحيات سلطة اخرى منصوص عليها في القانون الاساسي في هذا الشأن؛ فالمادة 109 منه تمنع رئيس السلطة حصرية صلاحية المصادقة على احكام الاعدام الصادرة عن المحاكم المدنية والعسكرية، وهي، أي كتلة حماس البرلمانية، بذلك لا تخالف مبدأ فصل السلطات  فقط بل ايضا تفرض امرا واقعا يكرس الانقسام وإرهاب الجهات الحاكمة لبسط سيطرتها بقوة الموت.

وهي "كتلة حماس البرلمانية" أيضا تفقد شرعيتها باتخاذ اي قرار وبانتهاء ولايتها عند قولها بانتهاء ولاية رئيس السلطة الفلسطينية، وذلك وفقا لأحكام القانون الفلسطيني؛ حيث تنص المادة 111 من قانون الانتخابات لسنة 2005 تنتهي ولاية الرئيس مع انتهاء ولاية المجلس التشريعي المنتخب على اساس هذا القانون. بمعنى اخر كل من يشكك في ولاية الاخر "الرئيس والمجلس التشريعي" يشكك في ولايته ويحكم على نفسه "بالإعدام"  أي فقدان الشرعية وانتهاء الولاية. اي لا توجد "جهة شرعية واحدة" على حد قول رئيس نيابة حماس فإما الاثنين اما لا أحد.

وفي الثانية جريمة جنائية؛ فهذا القرار الصادر عن كتلة حماس البرلمانية في قطاع غزة بالمصادقة على احكام الاعدام يشكل قتلا خارج نطاق القانون،  تطال جميع أعضاء كتلة حماس البرلمانية في قطاع غزة المصوتين على هذا القرار  بغض النظر  عن النوايا، وهي تشرع كالاحتلال قتل الفلسطينيين خارج نطاق القانون بالاغتيالات، تجذر ملاحقتهم في جميع المحاكم المحلية والدولية.

بكل تأكيد ما تقوم به حركة حماس بجميع تفرعاتها " السياسية والبرلمانية" ومؤسساتها "المدنية والأمنية" في قطاع غزة لا يهدف الى منع الجريمة المتنامية في القطاع أو تطبيق القانون كما تقول بل لإحكام فرض سيطرتها كسلطة أمر واقع بالموت. فمكافحة الجريمة تحتاج الى علاج الاسباب لا خرق القانون الاساسي، وتوفير متطلبات الامان للمواطنين والعيش الكريم ومنع الازمات المؤدية للجريمة.