الدبلوماسية الفلسطينية (1-2)

بقلم: 

لقد استطاعت الدبلوماسية الفلسطينية وبما يمثله الحراك الدولي، في أن تنتزع اعترافا دوليا بفلسطين، دولة غير عضو في الأمم المتحدة، ويصف الرئيس الفلسطيني محمود عباس ذلك بقوله : " فلسطين، دولة غير عضو في الأمم المتحدة، تمكننا من الحصول على وثيقة دولة رسمية تؤكد على أننا دولة ولكنها تحت احتلال دولة أخرى، وهذا ينقض موقف إسرائيل بأن الأراضي الفلسطينية أرض متنازع عليها وليست محتلة".

ان الدبلوماسية الفلسطينية تعرف محددات عملها وهي تحمل  رسالة شعب تحت الاحتلال يحق له الحياة والحرية والتحرر ونطالب دائما بزوال الاحتلال وتطبيق الشرعية والقرارات  الدولية .

وهناك إرث معروف حول سياسة كل دولة في العالم تجاه القضية الفلسطينية، واختراق هذه السياسة يعتبر نجاح دبلوماسي فلسطيني،  فالدبلوماسية هي معركة الاستمرار في الوجود بالرغم من كل المعيقات والصراعات والمحاور والمتغيرات وفي ظِل أخطر وأدق الظروف، فمثلا حين نتحدث عن موقف أوروبا "اللجنة الرباعية والاتحاد الأوروبي"من القضية الفلسطينية نجدها تبني كل سياساتها على المفاوضات الثنائية بين الفلسطينيين والإسرائيليين  المبنية على مرجعية القرارات الدولية كسبيل إلى إقامة الدولة الفلسطينية"، بالتالي فإن أي تقدم يعتبر نجاح، وأي خروج عن النص من أي مسؤول أوروبي نتيجة لمتغيرات ما أو مواقف ما، ربما ليس لها علاقة مباشرة بالموقف والدبلوماسية الفلسطينية، لا يعتبر فشلا أو تراجعا في الأداء الدبلوماسي وطريقة تعامله مع المتغيرات، فكل الدول الأوروبية ترسخت لديها الفكرة بأن الموقف الفلسطيني يحتل موقفاً جريئاً ومتقدما وملتزماً بكل القرارات الدولية" بالتالي لا تناقض مع الموقف الأوروبي العام.

ويتأثر الموقف لبعض الدول نتيجة تحالفاتها مع الولايات المتحدة ومصالحهم المشتركة، ولذلك فالقيادة والدبلوماسية الفلسطينية ترفض الموقف الأمريكي الرسمي الذي تتسم سياسته تجاه قضية القدس بالانسجام مع السياسات الإسرائيلية،  ويقف الأمريكيون دوماً موقفاً متصلباً منحازاً بشكل واضح لإسرائيل، ولا يمكن لنا أن ننكر النفوذ الأمريكي في كثير من مناطق العالم، وهذا النفوذ حين يكون متحكما في اقتصاد هذه المناطق يعني متحكما ومسيطرا او متسلطا على سياستها الخارجية.

روسيا وبما يخص القضية الفلسطينية، تقف موقفاً متحفظاً يتمثل في أنها مع قرارات الشرعية الدولية، وأنه يتوجب على كلا الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي الالتزام بها على حد سواء، بالتالي فإن مواقفها المتغيرة في أوقات ما لا يعني مرة أخرى فشلاً في قدرة الدبلوماسية الفلسطينية، بل هو تغيرا وقتيا في السياسة الخارجية الروسية التي تعتمد على المصالح أولا لعبة المحاور وتبادل الأدوار والمكاسب الاقتصادية وصناعة مناطق نفوذ دائمة.

ومن هذا المنطلق يمكن أن نصل إلى نتيجة واقعية وهي تمثل واقعية الاستيراتيجية السياسية وأسس العمل الدبلوماسي الفلسطيني في كل دول العالم وهي : "أن الفلسطينيين سعوا من أجل السلام بل ومضوا في ذلك وقبلوا بقرار الأمم المتحدة الذي يقضى بقيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس على الأراضي المحتلة عام 1967م، أي القبول بأن تكون القدس المحتلة عام 1967م، تحت السيادة الفلسطينية ، ويتمسك الفلسطينيون بالالتزام بقرارات الشرعية الدولية" ، وبعد فشل المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي نتيجة تعنته بعدم تنفيذ الإستحقاقات للسلام "طبقا لاتفاقية اوسلو" وبالتالى عدم تجسيد الدولة الفلسطينية على ارض الواقع , فقد قامت القيادة الفلسطينية باللجوء لمجلس الامن الدولي والجمعية العمومية في خطوة ذكية لتدويل القضية الفلسطينية في اطار المجتمع الدولى وذلك لتنفيذ استحقاقات السلام والمؤيد من القرارات الدولية , الأمر الذي يضع المجتمع الدولي والقيادة السياسية الفلسطينية في إختبارات جدية بهدف الضغط على اسرائيل لجهة تنفيذ القرارات الدولية وتجسيد الدولة الفلسطينية فعليا.

ان المعيق الحقيقي لنجاح الدبلوماسية الفلسطينية، هو في استمرار الاحتلال الإسرائيلي، الذي يمارس كل يوم الانتهاكات والعدوان على شعبنا الفلسطيني، ويستمر في الاستيطان المدمر، في الوقت الذي تمارس بعض الدول العظمي الكيل بمكيالين.

وأخيرا فإن وصف "إسرائيل" للدبلوماسية الفلسطينية أنها تمارس " الإرهاب السياسي"، وبالتالى ممارسة العدوان السياسي ضدها، الأمر الذي يعني أن إسرائيل تعطى لنفسها الحق في إستهداف كل مكونات الدبلوماسية الفلسطينية.

والخلاصة أن السياسة تقوم على المصالح وقدرة الدول على التأثير في سياسات الدول الأخرى، ومصلحتنا الأقوى تكمن في إعادة بناء القدرة السياسية الفلسطينية عن طريق تقوية الأدوات الدبلوماسية في ممارسة مهامها في اطار المحافل الدولية لمحاصرة الاحتلال الاسرائيلي والتي تؤدي الى الأهداف الرئيسية للسياسة الفلسطينية في زوال الاحتلال الاسرائيلي، طبقا لقرارات الشرعية الدولية المؤيدة للحق الفلسطيني