قرارات " الانروا".. طعنات في خاصرة الإنسانية!

بقلم: 

تتفاقم ازمة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان نتيجة سياسة وكالة "الانروا"في تقليص خدماتها، ويستمر الحراك الشعبي التي تشهده المخيمات والتجمعات منذ شهر تقريباً وتطغى الاعتصامات التي يقوم بها اللاجئين كل يوم على المشهد وبوتيرة تصاعدية لم تعرفها المخيمات من قبل، لحث وكالة "الانروا" على التراجع في قراراتها فاضحة السيناريوهات حول مهمة ومستقبل وكالة الانروا، التي انشأت أصلاً  لمعالجة تداعيات تشريد الشعب الفلسطيني من أرضه عام 1948.

الفصائل والقوى الفلسطينية واللجان الشعبية والمؤسسات الأهلية لم تستطع أن تظل على الحياد وسط هذا الحراك الشعبي الواسع الذي بدأ يرسم بعدا وطنيا حيث بات واضحا للجميع أن هذه الاجراءات تمس جوهر القضية الفلسطينية وتهدد وجود اللاجئ الفلسطيني.

بعد أن أعلنتها وكالة "الانروا" حربا على الانسانية واستمرت بتماديها  لحرمان اللاجئين الفلسطينيين من حقوقهم الانسانية وذلك من خلال المناورة والتهاون في الاصغاء الى مطالب اللاجئين وفي مقدمة ذلك ملف الاستشفاء، واتباعها سياسة ممنهجة في التخفيضات التي طالت كافة الخدمات الاغاثية والصحية والتعليمية بحجة عجز الموازنة وتخلف الدول المانحة عن الايفاء بالتزاماتها تجاه موازنة وكالة "الانروا".

وبنظرة سريعة في ملفات تراجع خدمات وكالة " الانروا " نلاحظ تدني مستوى الخدمات العامة في المخيمات، وسط اكتظاظ سكاني مرتفع، وتهالك في البنية التحتية .

الخدمات الاغاثية

رغم ازدياد حالات العسر الشديد داخل المخيمات وخارجها فان الميزانية السنوية لهذا المجال لم يتناسب مع الزيادة الحقيقية لعدد العائلات التي تعيش وضعا مأساوياً للغاية نتيجة التخفيضات المتدرجة وعدم استقبال أي طلبات جديدة للعائلات، ووقف بدل الايواء لأكثر من 60% لسكان مخيم نهر البارد الذين مازالوا يسكنون في بيوت مستأجرة، والغاء حالة الطوارئ في المخيم والغاء بعض المشاريع، التأخير في عملية الاعمار بسبب نفاذ المبالغ المرصودة لذلك وتقاعس وكالة "الانروا" في تأمين الاموال اللازمة للاعمار واغاثة نازحين مخيم نهر البارد.

الخدمات التعليمية

تشهد الخدمات التعليمية تراجعا وذلك من خلال التغييرات التي اجرتها وكالة "الانروا" في خطتها التعليمية حيث تشكو المدارس من اكتظاظ الطلاب في الصفوف وبالتالي زيادة في عدد الطلاب ليصل الى اكثر من 50 طالبا في الصف الواحد، وعدم توفر المنح لمتابعة التحصيل الجامعي والتراجع في التجهيزات المدرسية، وقد انعكس كل ذلك سلبا على العملية التربوية برمتها.

الخدمات الصحية

واصلت وكالة "الانروا" سياسة التخفيضات على مستوى القطاع الصحي بل واتخذت اجراءات لوقف عمل الموظفين في عيادات الرعايه الصحية، والزام المرضى بدفع جزء من تكاليف العلاج بعد ان كانت تغطي جميع نفقات العلاج من دون استثناء في مختلف المستشفيات وتخصيص جزء محدود للعمليات الباردة لكل منطقة لا يمكن تجاوزها شهريا وتحويل العمليات الباردة الى مستشفيات الهلال الاحمر او المشافي الحكومية، وبذلك يتحمل اللاجئ الفلسطيني أعباء مالية كبيرة بسبب اضطراره الى سداد فرق العلاج على نفقته الخاصة هذا اضافة الى وقف تغطية بعض تكاليف ادوية الامراض المستعصية كأمراض القلب والسرطان والتلاسيميا وغيره.

فلسطينيو سورية .. واقع مؤلم

ولا تغيب قضية وجود ما يقارب 33،000 لاجئ فلسطينيي من سورية داخل وخارج مخيمات لبنان يعيشون أوضاعا كارثية على كافة الأصعدة، بعد أن قطعت وكالة الانروا المساعدات عن 1100 عائلة فلسطينية بذريعة عدم تطابق المعايير التي وضعتها لمستحقي المساعدة. وشطب 100$،بدل الايواء ، وتخفيض بدل اللباس والطعام وجعله 27$،بعد أن كان 30$ .

اضف الى ذلك أن الوضع المعيشي والانساني للاجئين وصل الى مستوى مخيف نتيجة الفقر الذي دفع بالأطفال والنساء للبحث عن العمل، وعدم ارتياد المدارس وانتشار ظاهرة التسرب الدراسي، وازدياد الهجرة غير الشرعية عن طريق البر والبحر، والهجرة المعاكسة والعودة إلى سورية رغم المخاطر.

وبالرغم من هذه المشهد العام للمعاناة والشقاء، فان هذه التحركات والهبة الشعبية والاحتحاجات ضد سياسة الانروا تجعل انظار اللاجئين متعلقة بشغف الى الحراك الرسمي والشعبي الذي أصبح عنوانه في  المرحلة القادمة:
"سوا ضد قرارات الانروا ".
ولن تصمت الاصوات المطالبة بتراجع وكالة الانروا عن قراراتها بحق اللاجئبن الفلسطينيين، وستستمر في حراكها، وتمسكها بوكالة "الانروا " باعتبارها المسؤولة المباشرة عن اللاجئين بموجب قرار الامم المتحدة، ومطالبة الدول الأوروبية والعربية بتحمل مسؤولياتها التاريخية تجاه قضية اللاجئين عموما وقضية "الانروا "والشعب الفلسطيني خصوصاً  الى حين العودة إلى فلسطين.