محاولات التسلل نحو الأردن

بقلم: 
لم يكن الاشتباك بين حرس الحدود وقوات الجيش العربي الاردني من طرف وبين مجموعة مسلحة من طرف اخر حددتها اجهزة التقنية العينية والمراقبات الامامية على انهم ستة وثلاثين مسلحاً، وهم يحاولون اجتياز الحدود الاردنية من الجانب السوري، وقتل منهم خلال التصادم اثنا عشر مسلحاً يوم 23/1/2016، لم يكن ذلك، كما هو متبع كالعادة، مجرد مجموعة من المهربين لبضائع مدنية من مخدرات او سجائر او حتى اسلحة بهدف الاتجار، ولو كانوا كذلك لما وصل عددهم الى ستة وثلاثين مسلحاً مجتمعين، ولو كانوا كذلك لما سقط منهم هذا العدد الكبير من القتلى، فالتهريب والمغامرة هدفها التجارة وجني الارباح وليس تعريض حياتهم للخطر حتى ولو امتلكوا روح المغامرة وهي لا شك متوافرة لدى المهربين، ولكن ليس الى حد الاقدام على مواجهة الموت، فالذين قتلوا تبدو عليهم ملامح مجموعة من المقاتلين الذين لديهم قضية يعملون من اجلها، وهذا ما سبب الاشتباك وسقوط هذا العدد الكبير من القتلى بعد ان واجهوا شجاعة الجيش العربي الاردني، وحمايات حرس الحدود المهنية والمبدئية في نفس الوقت .
 
الواقعة تدل على وجود مخطط وبرامج اقتحام للحدود الاردنية من قبل فصائل سياسية على الاغلب من تنظيمي القاعدة او داعش بهدف تحقيق غرضين :
 
 اولهما : اما تنفيذ عمليات داخل الاردن، ضد مؤسسات او شخصيات اردنية او اجنبية، وهي محاولات متكررة من طرفهم، بعضها تحقق كما حصل في تفجيرات الفنادق، واغلبها صابه الاخفاق والفشل  .
 
 وثانيهما : المرور عبر الاردن نحو فلسطين لتنفيذ عمليات ضد العدو الاسرائيلي، نظراً لكثرة الاتهامات الموجهة للفصيلين انهما يقاتلان بعضهما البعض، ويقتلون من العرب والمسلمين، وهم ضد السنة والشيعة على السواء، وضد المسيحيين وغيرهم، ولكنهم لم يجرءوا على تنفيذ عمل واحد ضد العدو الاسرائيلي،، ولذلك اعلن مرشد تنظيم الدولة الاسلامية “داعش” ابو بكر البغدادي، ان اسرائيل ستكون مستهدفة من قبلهم .
 
خطاب ابو بكر البغدادي نبه الاجهزة الامنية الاسرائيلية لخطر القاعدة وداعش، وباتوا اقرب الى اليقظة الامنية في متابعة هؤلاء بعد ان ايقن هؤلاء خطاهم الاستراتيجي بعد سنوات طويلة من “جهادهم” ضد الذات، كي يعملوا ضد العدو الوطني والقومي والديني : المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي، ولذلك ربما  تحمل واقعة محاولة اقتحام الحدود الاردنية يوم 23 كانون ثاني، تحقيق هذا الهدف او ذاك .
 
الاردن من جهته توافرت لديه الحماية بفعل عدة عوامل منها  :
 
اولاً : القرار الدولي بعدم المساس بامنه، ولذلك تتدفق عليه المساعدات متعددة الاشكال والادوات، بما فيها التقنية العالية التي تؤدي الى كشف كل محاولات التهريب، كي تبقى حدوده مغلقة في وجه الاختراق وحتى يواصل الوقوف على رجليه، في مواجهة التطرف والارهاب .
 
ثانياً  : يقظة الاجهزة الامنية، ذات الخبرة والباع الطويل في التعامل مع مثل هذه الحالات والعمل على احباطها سواء عبر الحدود، او بعد تسللها لكشف تبعاتها او مراكز تموينها واعتماداتها  .
 
ثالثاً : ادارة حكيمة اتخذت مواقف متزنة تحول دون تورط الاردن في الانحياز للنظم القائمة او لمعارضيها المسلحين، حيث لم يُسجل على الاردن تورطه في اي عمل من شانه يدفع نحو الانتقام من اطراف مجاورة .
 
السفيرة الاميركية في عمان وصفت الاردن انه “ دولة امنة ومستقرة “ وان “ السفارة الاميركية ارسلت رسالة تحذيرية تذكر فيها المواطنين الاميركيين ان جماعات ارهابية عبرت عن رغبتها في تنفيذ هجمات قد تستهدف الولايات المتحدة “، كما قال اريك باربي الناطق الاعلامي للسفارة الاميركية في عمان، ووصف الحكومة الاردنية على انها واحدة “ من اقوى شركائنا وحلفائنا في مواجهة افة التطرف العنيف “ وقدّر “ التعاون المميز مع الكفاءات المهنية لدى الاجهزة الامنية الاردنية “ . 
 
لم تكن محاولة التسلل والاشتباك يوم 23 من شهر كانون الثاني الماضي، هي الاولى وقد لا تكون الاخيرة، فالمحاولات ستستمر طالما بقي لديهم نفس وحياة ورغبة المس بالامن الاردني، وطالما بقيت الاجهزة الامنية يقظة قادرة على احباط كل محاولات التسلل .