لا شــــيء جـــديــــد

بقلم: 

تتطلع الادارة الفلسطينية الى عقد “ مؤتمر دولي على اساس الشرعية والقرارات الدولية، لاقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967، وحل كافة القضايا العالقة واولها الاستيطان “ فهل ثمة ما هو جديد يدفع الناطق بلسان الرئاسة الفلسطينية، كي يُطالب بعقد مؤتمر دولي ؟؟ وهل فكرة المؤتمر الدولي جديدة ؟؟ انها فكرة  قديمة من قدم الاحتلال الثاني عام 1967، قاتل الاردن من اجلها قبل ان تحصل منظمة التحرير على التمثيل الشرعي لشعبها الفلسطيني، وقاتلت منظمة التحرير لاجل عقد هذا المؤتمر قبل مدريد وبعد مدريد، وقبل تشكيل الرباعية وبعد تجميدها وشل دورها وتحنيطها في ثلاجة التفاهم الاميركي الاسرائيلي .
شيء محزن ما تطالب به منظمة التحرير وسلطتها الوطنية اسوة بكل اطراف النظام العربي، لا الاردن اعاد الضفة الفلسطينية لحظيرته اعتماداُ على فكرة المؤتمر الدولي، ولا سوريا الاسد الاول والثاني استعادت الجولان بالنداءات الدولية والقرارات الاممية، ولا حتى السادات في ذروة تغيير سياسات القاهرة بطرد الخبراء السوفييت من ارضه، اعاد سيناء للسيادة المصرية ، عبر المؤتمر الدولي ! .
لقد اقرت منظمة التحرير بالشروط الاميركية المجحفة وقبلت بالقرار 242 وخُمس فلسطين عام 1988، ولم تجد لا الترحاب الاسرائيلي ولا الرغبة في التوصل الى تسوية، وبقيت تل ابيب مثل التمساح كلما قدِّم لها شيء تبحث عن المزيد لالتهامه .
فكرة المؤتمر الدولي، فكرة نبيلة، وقرارات الامم المتحدة منصفة ولكن المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي لا يقبل بها ولن يستجيب لمضامينها، لان احتلاله وتوسعه واستيطانه وتهويده للقدس والجزء الاكبر من فلسطين غير مكلف، ومجموعة العوامل المحركة للحدث في فلسطين وما حولها وما يؤثر عليها تصب لمصلحة العدو نفسه، وهي :
اولاً : الانقسام والانشقاق الفلسطيني بعد انقلاب غزة عام 2007، يقدم للاسرائيليين خدمة مجانية، ويعزز من خياراتهم التوسعية الاستعمارية وابتلاع ما تبقى من وطن الفلسطينيين .
وثانيها : الحروب البينية العربية، ادت الى استنزاف موارد العرب واضعاف قدراتهم افقدت الفلسطينيين مظلة الدعم لهم والاسناد لنضالهم، وزاد من ازمة العرب وتغيير اولوياتهم وتبديل عدوهم القومي في الصراع غير المبرر مع ايران، جعل حكومة تل ابيب تتحدث عن صداقاتها للنظام الخليجي في مواجهة ايران .
وثالثها : ان الوضع الدولي مشغول بما هو اهم من فلسطين، ومن معاناة شعبها ومن تطرف محتليها، فالوضع الدولي مشغول بالازمة الاقتصادية وبمحاربة الارهاب .
ثلاثة عوامل فلسطينية وعربية ودولية جعلت من المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي المتفوق على الشعب الفلسطيني، جعلته في وضع مريح ومطمئن وبلا منغصات  تُوثر على مساره السياسي، باستثناء عاملين اولهما بسالة الشباب عبر مبادراتهم الكفاحية الفردية في مواجهة الاحتلال واجهزته ومستوطنيه، وثانيهما تحالف الاحزاب العربية الاربعة في خوض سياسات المواجهة المدنية ضد التمييز والعنصرية وعمليات الاقصاء التي تنفذها اجهزة الاحتلال المختلفة في مناطق 48  .
اما تطلعات الادارة الفلسطينية نحو ان “ تلعب الادارة الاميركية دوراً فاعلاً لوقف حالة عدم استقرار المنطقة والتوتر والعنف القائم “ فهذا ما تطالب به ايضاً بلدان الخليج العربي، بعد ان احبطها التفاهم الاميركي الروسي، والاتفاق النووي مع ايران، وبات الخليجيون بلا حاضنة تحميهم من تدخلالت ولاية الفقيه .
لقد اهتمت ادارة الرئيس اوباما بالوضع في فلسطين من ثاني يوم لتوليه سلطاته الدستورية عام 2009 فاتصل بالرئيس الفلسطيني وعين مبعوثه جورج ميتشيل، وعمل اربع سنوات متتالية متواصلة حتى نهاية عام 2013 وفشل ورحل واستقال، وخلال ولاية اوباما الثانية كلّف وزير خارجيته جون كيري الذي سجل ارقاماً قياسية في زياراته للمنطقة وكانت النتيجة دون الصفر، فما هو الدور الفاعل المطلوب من الاميركيين تاديته اكثر من هذا الاهتمام من ادارة الرئيس اوباما خلال ولايتيه ؟؟ .
يبدو اننا لا نستفيد من تجارنا المرة وخبراتنا الحية، منذ كامب ديفيد برعاية الرئيس كلينتون بين ابو عمار ويهود براك عام 2000، وانابوليس برعاية الرئيس بوش بين ابو مازن ويهود اولمرت 2007 - 2008، ومفاوضات عمان 2012، وجهود اوباما خلال ولايتيه، بينما حقق الفلسطينيون ثلاثة انجازات في تاريخهم الكفاحي الاولى الاقرار بالدور التمثيلي لمنظمة التحرير واستعادة الهوية الوطنية الفلسطينية الممزقة والمشتتة، والثانية مفاوضات اوسلو واتفاقها وعودة العنوان الفلسطيني من المنفى الى الوطن، والثالثة رحيل الاسرائيليين من قطاع غزة، لم يكن ذك ليتم لولا عامل واحد وحيد وهو الفعل الفلسطيني على الارض وفي مواجهة الاحتلال، عبر التضحيات ودفع الثمن، وغير ذلك مجرد امنيات جميلة، مثل تعاطفنا مع الشعب السوري او الليبي او اليمني، او تطلعاتنا نحو الديمقراطية والتعددية والاحتكام الى صناديق الاقتراع وتداول السلطة في العالم العربي، هل هذا ممكن ؟؟ بالاوضاع الحالية والمعطيات القائمة مثل امل ابليس بالجنة ! .