انحطاط العرب في زمن الانفتاح

بقلم: 

في زمن الانفتاح الفكري يتوج العرب بالانحطاط..

من اهم ما يميز زمننا هو الانفتاح وانتشار المعلومات . فلم تعد المعرفة او المعلومة مغلق عليها في كتاب او على رف او بين صفحات جريدة او مجله . فالعالم يجري حولنا في فلك الشبكات الالكترونيه الشاسعة والمتعددة .

لم تعد المعلومة حكرا على احد ولم يعد احد ينفرد في سر . كل الامور اصبحت علنيه طوعا ، ومن لا يعلنها طوعا سيقصر الى تطويعها مرحليا .

شبكات التواصل الاجتماع المختلفه تقوم بدور التقريب والتشبيك الذي لا بد انه ساعدنا في فهم الامور والمتغيرات المحيطة والبعيده .

الا اننا وفي ظل استمرار عصر ظلماتنا الذي لا يبدو اننا نعي وجودنا فيه اصلا .. اخذنا من التكنولوجيا ما اخذه اعرابنا من التطور والحضارات المحيطه . في السابق كنا نسمع عن فساد وانحطاط لاغنياء او نخبة او حكام . كنا نسكت او نتداول الفضائح في جموع صغيرة ربما ، ربما ، كان القمع سيد الموقف ،فكان العربي يخاف الكلام حتى في منزله .

اليوم، ولقد فجرت شبكات التواصل ما كان شعلات الربيع العربي ، وحولت الشعوب بشبابها الي عناصر فاعلة كسرت صمت اجيال سبقتها وحررت اوطان من ذل عقود من الاستبداد .

وبين اليوم واليوم … تحولت هذه الشبكات من منابر للتداول البناء ، من الحث على التدبر والتأمل بما يجري بالمحيطات المجتمعيه المختلفه ، الى وسائل اقتصرت على الذم والشتم والسفاهه.

فنمسك بعناوين الاخبار ، ونلحق الصور ، نتسابق في ايجاد الفضائح ونشرها . فكلمة الحق أعدمت ، وكل من يتجرأ على انتقاد الفريق الاخر تكون حفرات الرجم مستعدة بانتظار قذفه فيها ويتوالى الرجم بدون رحمة . فقط بصراخ لا يسمعه الا صاحبه.

نتمسك بصوامع اسمنتية في عقولنا لم يعد يحركها العلم ولا تخلخلها المعرفة. هناك ثوابت نرفض حتى الاقتراب منها خرجت من المبادىء واصبحت تخص الافراد. بالامس المقدس كان كتاب الله ورسوله ، سواءا بالدين الاسلامي او المسيحي او اليهودي. اليوم المقدس هو كل من عاش في الازمنة السحيقة تلك وتوجناه بالقاب الفقيه والعلامة. وويل لمن يقترب من هذه الرموز. ان خرج رجل من هذا الزمن ليناقش فكرة عمرها تعدى الالف سنة تقذفه من كل الاتجاهات وان افواهنا بواليع .

نهلل للقائد وزمرة سلطته حتى يسقط.

نصفق للخطباء واصحاب الفتوى في كلامهم المدجج بثقل اللغة الفارغ من مضامينها ومعانيها ونسمح له ان يقودنا الى الله ورسوله ..ونرعن للفتاوي ونفكر بها ونحلل. وويل من يخرج ليناقش فكرة بناءة نحتت في عقولنا الاسمنتية .  ا .
اختف كل ما هو بناء . كل ما هو منطق . كل ما هو اخلاق .
وكأن العالم انفجرت به انابيب الاخلاق وطفحت مياهه العادمة .
ما الذي يجري .. لما كل هذا الانحطاط المفاجيء..

كل ما يجري علي شبكات التواصل المختلفه هو اصداء لكلمات اذا ما كانت بها اي حق او فهم ، تضيع بالفراغ ، وعواء مسعور لعالم ينقض ،يتربص لينهش لحم كل من يقف ولو حتى على خط بعيد من الفريق الاخر .
افكر مره اخرى بداعش، وكيف وصلت الينا …

ولا استطيع ان افرق بين قطع الرؤوس والاغتصاب والسبي والتخلف الذي يجدونه اتباع داعش ، وبين من يتراشقون الاتهامات والقذف والشتائم القبيحة على صفحات شبكات التواصل.

فالمرأه الام التي ترد بشتائم نابيه ، والرجل ، الشاب ،مجتمع هناك من يربيه ليخرج بهكذا حال . لن استغرب ان الشباب الداعشي هو ايضا نتاج التراشق والقذف الذي يحدث على هذه الشبكات .
ما الذي حدِث؟
ما الذي يحدث كان دائما موجود ولكن التقدم التكنولوجي فضح ما يجري داخل بيوتنا ؟
في كل يوم أتأكد ، أن داعش هي نتاج تربيتنا المستمرة بالانحطاط