الشهيد زياد أبو عين قمر على جبين المجد

بقلم: 

ما اعظم الروح عندما تبذل بسخاء وعلى مذبح الحرية لتروي لنا حكاية مجد الخالدين في ضمير الوطن، شـ...هـ...ـيـ...ـد، أربعة أحرف لا غير .. لكن عند سكبها فهي شهيد!

مضى عام على غياب جسده القسري، وبقيت روحه تحلق في سماء فلسطين، رحل عنا جسداً ولم يرحل من الذاكرة الفلسطينية، وسيبقى في ضمير كل الأحرار والثوار لأنه فارس مغوار كان مثالا للحب والعطاء لوطنه وشعبه. ، فكلماته الاخيرة وهو يلفظ أنفاسه استوطنت القلوب والعقول، ان قلت " زياد" نجمًا أجحفت حقه ، فلا النجم يدانيه ولا ضياؤه يساويه .. إن قلت جبلاً غمطت قدره .. همته أشم وعزيمته أتم الشهيد والشهيد فقط !

تتضاءل الأفلاك عند لقائه، وتغار إثر علوه الآكام، وبوابة الغيب التي لا تفتح الا في لحظاتٍ يكون فيها دمُ العشق هو سيد الأرض ... الشهيد .... آخر ورقة من كتاب المجد، الشهيد أعلى قمة في جبل العز، الشهيد .... ألمع نجم في سماء النصر والحرية، فالشهيد الوزير" زياد ابو عين" لم يمت موتة الضعفاء بل سقط شهيدا يسطع في كبد السماء. فأي امة يرسم طريق مستقبلها الأبطال والشهداء منتصرة لا محال بإذن اللَّه اجلا ام عاجلا. فنم قرير العين يا زيتونة فلسطين المباركة فالعهد هو العهد والقسم هو القسم وانا على العهد والدرب لسائرون حتى زوال الاحتلال الغاشم عن ارضنا الفلسطينية المباركة يرونه بعيدا ونراه قريبا وانا لصادقون ومنتصرون. ولنا ان شاء الله مع كل شهيد وقفة حتى تكتب الشهادة.

نبذة عن الشهيد، يعتبر زياد أبو عين احد قيادات الثورة الفلسطينية التاريخيين ويشغل عضو المجلس الثوري لحركة فتح وكان يشغل منصب وكيل وزارة الأسرى منذ العام 2003، وقبلها شغل منصب مدير عام هيئة الرقابة العامة التي انيط بها محاربة الفساد وتقييم أداء السلطة الوطنية الفلسطينية، كذلك انتخب رئيسا لرابطة المقاتلين في المحافظات الشمالية وعضو اللجنة الحركية العليا لحركة فتح، ورئيس اتحاد الصناعيين الفلسطينيين ومسؤول ملف الرقابة الحركية بحركة فتح والان ملف الرقابة الحركية بالمجلس الثوري.

اعتقل أبو عين في العام 1977 أثناء ترؤسه اتحاد شباب فلسطين داخل فلسطين، وفي العام 79 أعيد اعتقاله في الولايات المتحدة الأمريكية بعد مطاردة ساخنة من قبل الموساد والمخابرات الأمريكية بتهمة القيام بعمليات مسلحة ادت الى قتل وجرح العشرات من الاسرائيليين، حيث تم اعتقاله في سجن شيكاغو لمدة ثلاثة اعوام وذلك حتى يتم تسليمه لسلطات الاحتلال الإسرائيلي، حيث تحولت قضيته الى قضية عالمية حركت الضمير العالمي واشعلت المظاهرات في شتى عواصم العالم، ما ادى الى عقد عدة اجتماعات من هيئة الامم المتحدة ولجان حقوق الانسان والجامعة العربية. وصدرت عدة قرارات دعت الولايات المتحدة الأمريكية الى عدم تسليمه للاحتلال، حيث استدعي السفير الامريكي في عدد من دول العالم وذلك للضغط على بلادهم من اجل عدم تسليمه، وخلال ذلك خاض ابو عين مجموعه من الإضرابات عن الطعام، حيث رفضت السلطات الامريكية السماح لطبيب من الصليب الاحمر الامريكي زيارته، فصمم ابو عين على مواصلة الاضراب المفتوح على الطعام مطالبا بحضور طبيب من الهلال الاحمر الفلسطيني من بيروت، وهذا ما كان تحت ضغوط الإضراب عن الطعام والخوف على حياته بعدما تحولت قضيته الى قضية راي عام دولي، حيث أحُضر طبيب بناءً على طلب أمريكا من مستشفى عكا ببيروت ارسله الرئيس الشهيد ابو عمار خصيصا لمعاينة ابو عين.

الا ان الولايات المتحدة عمدت الى تسليم ابو عين الى اسرائيل حيث اقتيد وسط حراسات مشددة للتحقيق، حيث اعتبر ابو عين اول فلسطيني في التاريخ يسلم لإسرائيل، تلك التي حكمته بالسجن المؤبد وذلك من دون أي اعترافات وذلك تبعا لما كان يسمى قانون تامير، حيث تطوع عدد كبير من المحاميين الدوليين والعرب والفلسطينيين للدفاع عنه، وراس الفريق رمزي كلارك وزير العدل الامريكي السابق. وفي عملية تبادل الاسرى في العام 83 لحركة فتح، كان ابو عين على رأس اسماء المحررين ولكن وخلال عملية التحرير تم اختطافه من مطار اللد حيث كان يشرع بترحيله الى القاهرة ومن ثم للجزائر مع عشرات الاسرى، حيث أختطف على يد المخابرات الاسرائيلية اثناء عملية التبادل، مما اوجد ازمة كبيرة بين منظمة التحرير الفلسطينية والاحتلال الاسرائيلي والصليب الاحمر الدولي، بحيث حضر رئيس الصليب الاحمر الدولي للقاء اسحق شامير انذلك للمطالبة بالإفراج الفوري عن ابو عين والتوجه معه الى جنيف، فكان رد شامير " ليس هناك اخلاق بيننا وبين المخربين ونحن قمنا بتبديل زياد بسجين اخر " مما حدى بالصليب الاحمر الى التوجه الى جنيف واستصدار قرار من مجلس حقوق الانسان بإجماع دولي شامل ما عدا امريكا واسرائيل لإلزام قوات الاحتلال الافراج الفوري عن ابو عين، حيث تعطلت صفقة تبادل الاسرى – احمد جبريل – لمدة عام ونصف بسبب تصميم جبريل على الافراج عن ابو عين.

وفي العام 85، كان ابو عين من ضمن ال 36 اسما المرفوض تحريرهم، الا ان في صفقة عقدت مع المبعوث النمساوي نصت على ان يتم اختيار 18 اسيرا منهم من قبل القيادة العامة، حيث كان زياد ابو عين من اولهم، حينها صمم ابو عين على الخروج من الاسر الى داخل الارض المحتلة رغم تحذيرات القيادة له للخروج للخارج نتيجة التهديدات المستمرة على حياته، الا انه صمم على البقاء في الداخل.

وخلال شهران من اعادة الافراج عنه، اعيد اعتقاله اداريا ضمن سياسة القبضة الحديدية بأمر شخصي من اسحق رابين، واعيد اعتقاله كذلك عدة مرات خلال الانتفاضات المتلاحقة. للوزير ابو عين اربعة ابناء، ثلاث ذكور وبنت وهو من مواليد 1959.